كتب – إبراهيم احمد
أفادت نتائج دراسة حديثة لـ “بين آند كومباني”، الشركة العالمية الرائدة في تقديم الاستشارات للسوق العالمية للمنتجات الفاخرة، بأنّ سوق السلع الفاخرة تشهد زخماً كبيراً في منتصف العام 2018، حيث يُتوقع أن يؤدي الاتجاه الإيجابي في جميع المناطق إلى دفع مسار نمو السوق بنسبة تتراوح بين 6 و8% (وفق أسعار الصرف الثابتة) خلال العام الجاري، ليصل إلى ما بين 276 و281 مليار يورو. وأشارت الدارسة إلى أنّ “الصين” و”عقلية الألفية” لا تزال في صدارة الاتجاهات المؤثرة ضمن سوق السلع الفاخرة، والتي تتجه حالياً نحو تحقيق مبيعات عالمية بقيمة 390 مليار يورو بحلول العام 2025. وتم إعداد الدراسة، التي تحمل عنوان “دراسة بين آند كومباني حول واقع سوق المنتجات الفاخرة لموسم ربيع 2018″، في إطار التعاون المشترك مع “فوندازيوني ألتاغاما” (Fondazione Altagamma)، الجمعية الإيطالية لمصنّعي السلع الفاخرة. ويشير التقرير أيضاً إلى استقرار دبي في سوق السلع الفاخرة، مدعومةً بالدرجة الأولى بمكانتها الرائدة كوجهة سياحية مفضلة على الخارطة العالمية.
وقالت كلوديا داربيزيو، شريكة “بين آند كومباني” والمؤلفة الرئيسية للدراسة: “يمثل العام 2018 انطلاقة قوية لقطاع السلع الفاخرة. وعلى الرغم من تأثير تقلب أسعار العملات العالمية، فإننا نتوقع مواصلة الاتجاه الإيجابي ضمن كافة الأسواق العالمية وعلى صعيد مختلف شرائح العملاء. ويواصل المستهلكون الصينيون الحفاظ على مكانتهم كمحرك رئيس للنمو، سيّما وأنهم حالياً أكثر دراية بعالم الأزياء والموضة من أي وقت مضى، مدعومين بكفاءة عالية في مواكبة التحول الرقمي، الأمر الذي يسهم بدوره في تسريع وتيرة تحول الصناعة إلى ما بات يُعرف بمرحلة “عقلية الألفية”.”
الديناميكيات الإقليمية ضمن سوق السلع الفاخرة
على نطاق الأمريكيتين، استفادت سوق السلع الفاخرة في الولايات المتحدة الأمريكية من ضعف الدولار الأمريكي خلال موسم العطلات. وساهم السياح من آسيا وأوروبا في تعزيز حركة السلع الفاخرة في المدن الكبرى، في حين عاود المستهلكون المحليون التوجه نحو سوق السلع الفاخرة مجدداً. وتشهد السوق نمواً مطّرداً في كندا، بينما لا يزال الأداء في أمريكا اللاتينية متفاوتاً. ومن المتوقع أن تسجل كلا الأمريكيتين نمواً بين 3 و5% (وفق أسعار الصرف الثابتة) خلال العام 2018.
وتأثرت أوروبا بصورة سلبية بتنامي قوة اليورو، الأمر الذي ترك تأثيراً واضحاً على مشتريات السياح. وفي الوقت الذي استفادت فيه بعض الدول الأوروبية من الاستهلاك الأقوى (مثل روسيا وفرنسا وسويسرا)، شهدت المملكة المتحدة وألمانيا تباطؤاً ملموساً. وتتوقع “بين آند كومباني” أن تحقق الأسواق الأوروبية مجتمعة نمواً بنسبة تتراوح بين 2 و4% (وفق أسعار الصرف الثابتة).
ويُتوقع أن يستحوذ البر الصيني الرئيسي على حصة الأسد من النمو خلال العام 2018، وسط التوقعات بأن تحقق هذه السوق نمواً يتراوح بين 20 و22% (وفق أسعار الصرف الثابتة). وتسير العلامات التجارية بخطى ثابتة على درب تلبية احتياجات المستهلكين المحليين، وهم في الغالب من الشباب والشريحة التي تتأثر إلى حدّ كبير بوسائل التواصل الاجتماعي.
وساهمت مشتريات السياح في زيادة معدلات الإنفاق في اليابان، لا سيّما في طوكيو وأوساكا، على الرغم من إعادة توجيهها جزئيا باتجاه الخبرات. وبالمقابل، برز المؤثرون المحليون وشبكات التواصل الاجتماعي في مقدمة العوامل المؤثرة على اتخاذ القرار بالنسبة للعملاء المحليين الأصغر سناً. وتتوقع “بين آند كومباني” أن تحقق السوق اليابانية نمواً بنسبة تتراوح بين 6 و8% (وفق أسعار الصرف الثابتة).
أما بالنسبة لبقية الأسواق في آسيا، تواصل هونغ كونغ وماكاو مسار التعافي، فيما تستفيد كوريا الجنوبية من الزوار القادمين من الصين. إلاّ أن عدم الاستقرار السياسي على مستوى المنطقة يمكن أن يكون له تأثير حاسم وقوي على اتجاهات النمو لعام 2018. ووفق توقعات “بين آند كومباني”، يمكن أن تحقق هذه الأسواق نمواً بين 9 و11% (وفق أسعار الصرف الثابتة).
ويتوقع أن تسيطر على بقية دول العالم حالة من الاستقرار أو النمو الطفيف بما لا يتجاوز 2% (وفق أسعار الصرف الثابتة). وبالمقابل، لا تزال سوق دبي مستقرة بدعم من السياح الدوليين، في حين ستستفيد أستراليا من وجود مساحة أكبر لمتاجر التجزئة.
وقال سيريل فابر، شريك في “بين آند كومباني” ورئيس قسمي التجزئة والمنتجات الاستهلاكية في الشرق الأوسط: “أظهرت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي حالة من الاستقرار مع إظهار بوادر انتعاش من العام الماضي، مدفوعة بالإنفاق السياحي والإنفاق الإلكتروني والذي يمثل الآن نحو 5% من السوق الإقليمية الفاخرة (على سبيل المثال: 400 مليون).”
أربعة اتجاهات تعيد صياغة سوق السلع الفاخرة الشخصية في 2018
حددت دراسة “بين آند كومباني” أربعة اتجاهات رئيسة تدفع عجلة نمو سوق السلع الفاخرة الشخصية خلال العام 2018 وفي السنوات اللاحقة:
– المستهلكون الصينيون: يأتي المستهلكون الصينيون في مقدمة الجنسيات التي تقود مسار نمو سوق السلع الفاخرة عالمياً. ويندرج مشترو السلع الفاخرة في الصين ضمن فئة الشباب ومحبي الموضة ممن يدركون أهمية معادلة السعر والقيمة.
– التحول الرقمي: تتنامى شعبية شبكة الانترنت في الوقت الذي تتلاشى فيه الحدود مع القنوات التقليدية. وتواصل شبكات التواصل الاجتماعي التأثير على المشتريات، خاصةً بالنسبة للمستهلكين الأصغر سناً.
– الملابس غير الرسمية: شهدت فئة الملابس اليومية وغير الرسمية نمواً ملحوظاً في العام 2017، مدفوعةً بالاتجاه الناشئ نحو جعل ملابس العمل أقل رسمية وتنامي شريحة المشترين الشباب للسلع الفاخرة. وتواصل هذه الفئة الحفاظ على دورها كمساهم رئيس في جذب عملاء جدد.
– إرساء معايير جديدة: يساهم الحجم حالياً في دفع عجلة نمو السوق، ليس فقط ارتفاع الأسعار. وبالمقابل، تعيد تقلبات أسعار صرف العملات توزيع الإنفاق بين المناطق والأسواق، إلاّ أنها في المقابل لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على النمو العالمي.
توقعات بتسارع النمو وصولاً بالصناعة إلى آفاق جديدة
كشفت شركة “بين آند كومباني” عن التوقعات حول المستقبل حتى عام 2025، والتي تفيد بارتفاع معدل النمو إلى 4 و5% سنوياً (وفق أسعار الصرف الثابتة)، مما يزيد حجم السوق إلى ما بين 366 و390 مليار يورو.
وقالت فيدريكا ليفاتو، شريكة في “بين آند كومباني” ومؤلفة مشاركة في الدراسة: “يتوجب على العلامات التجارية الفاخرة أن تكون قادرة على تحديد مستقبل نموها. ويظهر العملاء حالياً تجاوباً كبيراً مع الاستراتيجيات المستهدفة، في حين بدأت العلامات التجارية الأفضل أداءً باستقطاب العملاء المستقبليين.”