شاعر فارسي وعارف متصوف ، يُنسب إلى مدينة تبريز ويُعتبر المُعلم الروحي لمولانا جلال الدين الرومي . كتب ديوان التبريزي (الديوان الكبير) في العِشق الإلهي.
قام برحلات إلى مدن عدة منها حلب، وبغداد، وقونية، ودمشق. أخذ التصوف عن ركن الدين السجاسي، وتتلمذ عليه جلال الدين الرومي.
اعتكف شمس التبريزي، وجلال الدين الرومي أربعين يوماً في مدينة قونية لكتابة ( قواعد العشق الأربعون ) ، ثم قام شمس التبريزي بالفرار إلى دمشق قبل أن يعود إلى قونية.
وكان التبريزي أحد الدراويش وهو ابن الإمام علاء الدين، وقيل أنه قد راودته رؤى وهو في العاشرة من عمره ، فأخبر أباه بذلك لكنه لم يصدقه، وبعد مدة ترك منزله وبدأ يتنقل من مكان إلى آخر حتى قيل عنه بأنه لم ينم في مكان أكثر من ليلة واحدة فرط تجواله وترحاله.
كان شمس التبريزي يكسب المال ويقتات من تفسير الأحلام ولكن لم يكن أحد يصدق الرؤى التي قال أنها تراوده، وكانوا ينعتونه “بالمجنون”. وادعى التبريزي بأنه كلم الله والملائكة في هذه الرؤى.
التقى التبريزي بالشاعر الملقب آنذاك بـ “مولانا” وهو جلال الدين الرومي أثناء تجواله عام ١٢٤٤م، وتكونت بعد ذلك اللقاء صداقة غيرت مجرى حياة كل منهما ، حيث أن الرومي تحول من رجل دين عادي إلى شاعر يجيش بالعاطفة، وصوفي ملتزم، وداعية إلى الحب، ولكن عرى الصداقة الجميلة التي ربطت هذين الإثنين مع بعضهما البعض بدأت بالتفكك
حتى انفصلا بشكل مأساوي بعد ما يقارب ثلاثة أعوام.
ووفقاً للتقاليد الصوفية، اختفى شمس التبريزي في ظروف غامضة فقيل أنه قُتل على يد تلاميذ جلال الدين الرومي لغيرتهم من علاقته مع الرومي؛ لكن بعض الأدلة تقول أن شمس التبريزي غادر مدينة قونية، وتوفي في خوي حيثُ دفن، وله ضريح هناك جنب نصب في حديقة تذكارية. وقد رُشح ضريحه ليكون أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو.
قواعد العشق الأربعون
القاعدة الأولى :
“إن الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا إنعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا، فإذا لم يكن الله يجلب لنا سوى الخوف والملامة فهذا يعنى أن قدراً كبيراً من الخوف والملامة يتدفق لقلوبنا، أما إذا رأينا الله مُفعماً بالمحبة والرحمة فإننا نكون
القاعدة الثانية :
“إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس، فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيس. واجه، تحدَّ، وتغلب في نهاية المطاف على “النفس” بقلبك. إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله.”
القاعدة الثالثة:
“يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء، وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد أو في الكنيسة. لكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع رؤيته وهو قلب عاشق حقيقي، فلم يعش أحد بعد رؤيته، ولم يمت أحد بعد رؤيته، فمن يجده يبقَ معه إلى الأبد.”
القاعدة الرابعة:
يتكون الفِكر والحب من مواد مختلفة، فالفكر يربط البشر في عُقَد لكن الحب يذيب جميع العُقَد. إن الفِكر حذِرٌ على الدوام وهو يقول ناصحاً: “احذر الكثير من النشوة” ؛ بينما يقول الحب: “لا تكترث. أقدِم على هذه المجازفة”
وفي الوقت الذي لا يمكن للفكر فيه أن يتلاشى بسهولة، فإن الحب يتهدم بيسر، ويصبح ركاماً من تلقاء نفسه، لكن الكنوز تتوارى بين الأنقاض، بينما يخبئ القلبُ الكسيرُ كنوزاً.
القاعدة الخامسة:
تنبع مُعظم مشاكل العالم من أخطاءَ لغوية، ومن سوء فهم بسيط. لا تأخذ الكلمات بمعناها الظاهري مُطلقاً، وعندما تلج دائرة الحب تكون اللغة التي نعرفها قد عفا عليها الزمن. الشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات لا يمكن إدراكُه إلا بالصمت.
القاعدة السادسة:
الوحدة والخلوة شيئان مختلفان فعندما تكون وحيداً من السهل أن تخدع نفسك، ويخيَّل إليك أنك تسير على الطريق القويم، أما الخلوة فهي أفضل لنا، لأنها تعني أن تكون وحدك من دون أن تشعر بأنك وحيد، ولكن من الأفضل لك في نهاية الأمر أن تبحث عن شخص يكون بمثابة مرآة لك. تذكر أنك لا تستطيع أن ترى نفسك حقاً إلا في قلب شخص آخر، وبوجود الله في داخلك.
القاعدة السابعة:
مهما حدث في حياتك، ومهما بدت الأشياء مزعجة فلا تدخل ربوع اليأس. إن الله سيفتح درباً جديداً لك حتى لو بقيت الأبواب كلها موصدة. احمد ربَّك! من السهل عليك أن تحمد الله عندما يكون كل شيء على ما يرام. الصوفيُّ لا يحمد الله على ما منحه الله إياه فحسب؛ بل يحمده أيضاً على كل ما حرمه منه.
القاعدة الثامنة:
لا يعني الصّبر أن تتحمل المصاعب سلباً، بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية. ماذا يعنى الصبر؟ إنه يعني أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعني أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة. إن عشاق الله لا ينفد صبرهم مطلقاً، لأنهم يعرفون إن الهلال يحتاج وقتاً لكي يصبح بدراً .