“جدتي وعمتي كانتا هناك.. حيث تم اختطافي واحتجزت في مكان ما، بعدها تمكنت من الهرب عبر نافذة المنزل ومشيت على الجدار حافي القدمين.. لقد فقدت عائلتي وتغيّرت حياتي منذ ذلك اليوم”، أخبرت السيدة هي جيونغ ليم من كوريا الجنوبية حين مقابلتها معي ضمن المحطة العامة للإذاعة الفرنسية (فرانس إنتر) التابعة لمجموعة الإذاعات الفرنسية.
بدأت تفاصيل قصتي حين طلبتني أمي لتناول الغداء معاً فوافقت وقابلتها، وفي تلك اللحظات فاجأتنا سيارة مسرعة خرج منها ثلاثة رجال أقوياء وأمسكوني من شعري وسحبوني وأجبروني على الدخول في السيارة، فقمت بإبلاغ الشرطة عن الرعاة (المسيحيين) وتلاعبهم بمشاعر أمي إلا أن الرد من قبل السدة ليم كان: “القضايا الدينية يجب أن تحل داخلياً”.
ووفقاً لجمعية حقوق الإنسان لضحايا أنشطة التحويل القسري (HAC) والتي مقرها كوريا فإنها أشارت بأن التحويل القسري هو إخبار شخص لديه خلفية دينية متخلفة عن الآخرين في مجتمع أو عائلة على تغييرها عن طريق استخدام وسائل عنيفة وغير مشروعة، وذكرت اللجنة بأن عدد الضحايا الذين تعرضوا لهذا النوع من العنف (التحول القسري) وصل إلى (1200) شخص في كوريا الجنوبية، إلى جانب عدد آخر من انتهاكات حقوق الإنسان من احتجاز قهري أودت بهم إلى المستشفيات النفسية أو الوفاة.
كوريا الجنوبية، البلد الذي يضمن حرية الدين كقانون دستوري، ويشاع بأن صلب المشكلة لهذه النشاطات غير القانونية تقف خلفها رابطة مسيحية، وهي إحدى الجماعات الدينية السائدة في كوريا، وقد قام المجلس المسيحي الكوري (CCK) وهو منظمة للكنائس المسيحية بتأسيس “مركز أبحاث الالحاد” لإدارة برامج التحويل القسري تحت مسمى “الاستشارات”.
وذكرت اللجنة كذلك إلى أن القمع الديني وانتهاك حقوق الإنسان التي تتعرض لها الطوائف التي لا تنتمي إلى المجلس المسيحي الكوري لاتزال متواصلة، وقد تم الكشف في بداية هذا العام عن وفاة فتاة عشرينية توفيت بعد التحول القسري، وهو ما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة من قبل مواطنين شملت (70) دولة حول العالم، طالبوا بالحماية القانونية ضد مثل هذه الإجراءات الدينية العنيفة.
وقال الدكتور أوباكا انبان، مدير مؤسسة (تابيتيكا تاميل) الهندية: “إن التحول القسري الذي ارتكبته المحكمة الجنائية الكرواتية جريمة ضد البشرية لا يمكن أن يتحملها المجتمع الدولي أبداً”، وقال الناشط الأمريكي في مجال حقوق الإنسان ستيفن أكوستا: “يجب إيقاف نشاطات التحويل القسري والمنظمات المسؤولة عنها وتحمل مسؤوليتها، وهذه الاحتجاجات لم تأتي إلا بحثاً عن العدالة”.
وتوازياً مع تقدم عملية السلام التي يتطلع لها العالم، فقد تزايدت الأصوات المطالبة بتغيير أساسيات العمل الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان، وقد أبلغت مفوضية العمل الإنساني أن المطالبة لإلغاء التحويل القسري تم التوقيع عليها من قبل (140) ألف شخص، وذلك على موقع حكومي على الانترنت إلا أنه اختفى دون أسباب توضيحية، وتعتبر الحكومة الكورية الجنوبية مسؤولة عن التحقيق في مثل هذه الحوادث، كما عليها بذل المزيد من الجهود لمنع تكرارها.