لماذا انتشر فيديو الطفل الباكي فى الفصل بسبب رغبته فى النوم كل هذا الانتشار؟!، ولماذا لاقى كل هذا التفاعل من كل الأطراف بلا استثناء؟!، ولماذا انهالت الفضائيات عليه وعلى والده وأسرته بسرعة البرق ليكون ضيفاً عليها؟!.
الاهتمام كان كبيراً بهذا الطفل بداية من وزير التربية والتعليم والوزارة، نهاية بالفضائيات والصحف والجرائد، مروراً بالصفحات العربية على فيسبوك.
لا أدعي أن لدى إجابة شافية لكل تلك التساؤلات، ولا أعتقد أن لدى غيري إجابة شافية تعطيك مفتاحاً لحل ذلك اللغز، ولكنها محاوله للفهم والكتابة.
الطفل محمد أحمد صالح كان يبكى في الفصل بسبب رغبته في النوم.. وطلبه من “الدادة” باستجداء: “يا حاجة عاوز أنام ربع ساعة.. وأعملكم اللى عاوزينه”. أعتقد أن واحدًا من أهم أسباب انتشار ذلك الفيديو أنه لطفل، ولأن الأطفال عادة يجذبون تعاطف الملايين فما بالنا لو كان هذا الطفل يبكي؟!، أضف إلى ذلك أنه كان يستجدى طلباً بدون استجابة من المُدرسين، أى أنه كان فى حالة ضعف وحاجة، والضعف من الأطفال يجعل القلوب القاسية تلين.
سبب آخر، الفيديو تم تصويره فى بداية العام الدراسي الجديد، وهناك الكثير – خاصة الإعلام – يترقب أي حدث سواء أكان سلبيًا أم إيجابيًا عن العام الدراسي الجديد، فكان هذا الفيديو كحوت ضخم وقع فى شباك الإعلام طواعية دون أن يذهبوا لاصطياده، أتى إليهم دون أى مجهود.
الطفل محمد تلميذ فى الصف الأول الإبتدائي، أى أن بياناته كاملة يمكن الوصول إليها بسهولة ويسر، كما أن وجود مدرسته “منية السرج” فى منطقة الساحل، سهلت وصول القنوات الفضائية والجرائد والمواقع إليه، فهنا كثر الحديث عنها، وبالتالي حدث انتشار أكبر للواقعة، مما دفع مزيدًا من الناس باتجاه الفيديو ليروا الواقعة التى حركت مصر كلها.
قرار وزير التعليم بمعاقبة المُدرس الذي صور الفيديو للطفل بنقله من المَدرسة، وتوقيع عقوبات أخرى على الدادة والمُدرسة التي كانت تتكلم مع الطفل، جعل الواقعة تتركز أكثر فى الإعلام ويشاهدها الملايين.
النقطة الأخيرة هي واحدة من أهم النقاط التى أرغب فى التوقف أمامها وإلقاء الضوء عليها وأختم بها محاولة فهمي.. مازالت عاصمة مصر، القاهرة بضواحيها ومدنها وقراها هي البطل في كل البرامج على الفضائيات وهي العنوان الرئيس فى مواقعها والمانشيت الأحمر فى صفحات جرائدها اليومية.
متي نتخلص من لعنة العاصمة وننظر لبقية المحافظات؟!، لا أدري فكل تلك محاولات للفهم لا أكثر، وطرح أسئلة للنقاش لعلها تجد من يجيب عليها.