الإخبارية صبري الموجي
يكشفُ الصراع المُحتدم بين الشرق والغرب، أو بين الإسلام والآخر، والذي كان من نتائجه مُؤخرا مجزرة نيوزيلندا التي راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلا أعزل علي يد مُتطرف جبان، أن وصف الإسلام بالدموية والمسلمين بالدواعش هو وصفٌ مجانبٌ للصواب، إذ إن التطرف لم يكن يوما دعوة دين خاصة الإسلام، بل هو صنيعةُ أفراد موتورين لا دين لهم ولا أخلاق !
ورغم تثميننا الموقف العربي والعالمي لهذا الحادث الأليم الذي فجر شلالات الدم لمسلمين أبرياء، كل جريمتهم في نظر ذلك اليميني المُتطرف أنهم يمارسون عبادة تمثل عمود دين يخالف دينه، أو بمعني أصح، دين جاء ليجب دينه، ويثبت قول ربنا : ( إن الدين عند الله الإسلام)، إلا أن الأمر يجب ألا يقف عند الشجب والاستنكار، الذي كثيرا ما يؤكد ضعف صاحبه، و يكون مُسوغا لشماتة المخالف وإعلانه بلغة الاستعلاء : لو كانوا يملكون أشد من ذلك لفعلوا.
إن تآمر المتآمرين الذين أحاطوا بالإسلام إحاطة السوار بالمعصم، لم يزد إلا بتشرذم المسلمين أنفسهم، وانشغال كلِ بلد بنفسه مُرددا مقولة العامة: (أنا ومن بعدي الطوفان)، ونسي ذلك الغافل أننا جميعا في مركب واحد، إذا تآزرنا وكنا يدا واحدة، فسيصل قطعا ذلك المركب إلي بر الأمان، أما إذا تفرقت كلمتنا، وغرد كل واحد منا خارج السرب، فإن الغرق والتيه سيكون مصير الجميع.
إن الدول العربية والإسلامية قد حباها الله عبقرية المكان، فضلا عن طاقات بشرية وثروات طبيعية لو أُحسن استغلالُها، لصرنا سادة العالم من أقصاه إلا أقصاه، أما الاكتفاءُ بمصمصة (الشفايف)، وسكب العبرات، فلن يأتي ذلك بحق شهدائنا، ولن يمنع أشباه ذلك الحاقد أن يفعل بضحايانا مثل ذلك مراتٍ ومرات !
ومواجهة تلك الحملة المسعورة من قبل الغرب علي العرب والمسلمين، والتي جاءت تلك المجزرة البشعة دليلا عليها، لابد لها من توحيد الكلمة، وقطع سبل التعاون مع تلك الدول التي تؤصل للشعوبية، وتسعي لاهثة لترسيخ أقدام اليمين المتطرف، الذي يرتكب دائما جرائم بشعة، يروح ضحيتها الكثير من العزل، وتجري بسببها بحورٌ من الدم، إزاء صمت رهيب من قبل العرب والمسلمين.
إن قرارا بسحب ثروات العرب الطائلة من بنوك أوروبا وأمريكا كفيلٌ بإفلاس تلك الدول، أو علي أقل تقدير إرغامها علي (عمل ألف حساب للعرب)، والحرص الدائم علي حل مشاكلهم والضرب بيد من حديد علي كل من يصنع إحنا وخلافات معهم أمثال ذلك المتطرف الأسترالي منفذ مجزرة نيوزيلندا، والذي تباهي بتسجيل أسماء من نفذوا عمليات إجرامية علي أساس عرقي أو ديني علي بندقيته، وتباهي أيضا بموسيقاه الصاخبة التي تُبرز مدي غله وحقده علي العرب والمسلمين .
إن (دروشة) العرب التي تقوم علي هز الرأس، وإيثار السلامة لن تُعيد حقا لأصحابه، ولن تمنع ظالما أن يتمادي في غيه، بل إنها غالبا ما تأتي بنتائج عكسية، وتُغري الغرب بزيادة الضغط علي العرب والمسلمين، بحجة أنهم غثاء كغثاء السيل، فرغم أنهم كثير إلا أنهم تصدق عليهم مقولة (العدد في الليمون)، والتي تعني أن الكثرة مادامت بلا فائدة فلا قيمة لها.
وحقا صدق القائل: ووضع الندي في موضع السف مضرٌ كوضع السيف في موضع الندي، فما يتطلب الشدة لابد وأن نظهر لصاحبه العين الحمراء؛ ليعرف ان لنا شوكة ومنعة.
فوحدة الكلمة، ولم الشمل، ومُقاطعة دول الغرب(تصديرا واستيرادا) هي من أنجع الوسائل لمواجهة تلك الأزمة وأشباهها.
فبالرجوع إلي التاريخ نجد أن وحدة مصر وسوريا أصابت دول الغرب وأمريكا بالهلع والذعر لدور تلك الوحدة – التي لم تدم طويلا – في دحر العدوان الثلاثي علي مصر، كما يذكر التاريخ أيضا موقف الملك فيصل المشرف في حرب أكتوبر، والذي كان له الأثر الكبير في ذلك النصر المجيد، حينما شل يد الغرب، ومنع النفط عن تلك الدول تأييدا لمصر، ولم يكتفِ بذلك وحسب بل قدم لمصر الدعم المادي والعسكري أيضا، والذي كان له أبلغ الأثر في نصر مصر في معركة العزة والكرامة.
إن مواجهة مثل تلك المجازر بحسم وصلابة قائمة علي الوحدة ولم الشمل ستثبت للعالم أجمع أن للعرب شوكة، وستجعل كل معتدٍ يفكر مليا قبل الإقدام علي تلك الأعمال الهوجاء، لعلمه بأن العاقبة ستكون وخيمة.
Sabry_elmougy@yahoo.com