في عام 1976 وصل السفير كنوت برنستروم إلى مدينة الرباط ليعمل سفيرا للسويد في المغرب ضمن رحلة طويلة في العمل الدبلوماسي شملت كل من إسبانيا، فرنسا، الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة، البرازيل، كولومبيا، فنزويلا. وفي المغرب لفت نظره الصلاة التي يؤديها المسلمون 5 مرات في اليوم ، وتوقف كثيرا عند صلاة الفجر ورأى أنها تكشف عن صلابة وقوة ارادة المسلم لانها تؤدى في المسجد وفي وقت صعب خاصة في ليالي الشتاء الباردة والممطرة ، فزادت رغبته في التعرف على الدين الاسلامي .
واستثمر فترة عمله كسفير للسويد بالمغرب لمدة 7 سنوات في تعلم اللغة العربية كي يقرأ القرآن الكريم ، ويتعرف على الاسلام من كتاب المسلمين المقدس (القرآن). وبعد إنتهاء فترة عمله في المغرب عام 1983 قرر التقاعد طواعية بعد فترة عمل بالسلك الدبلوماسي استمرت قرابة 40 عاما ليستقر في المغرب ليواصل دراسته للاسلام حتى أعلن إسلامه عام 1986 واتخذ اسم محمد كنوت برنستروم.
ومنذ اليوم الأول لإسلامه نذرنفسه لخدمة الإسلام والمسلمين ، وجاء في دراسة للمركز الأسلامي للدراسات الاستراتيجية :” أنه عندما توجه إلى مكة في سنة 1988 بدأ يفكر في ماذا يجب عمله من أجل الإسلام بعد أن أسلم و كيف يقدم خدمة للإسلام ومن هنا بدأ تفكيره في ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة السويدية ، وعندها بدأت رحلتة مع ترجمة الألفاظ القرآنية بدأ يطلّع على عشرات الترجمات للاستفادة منها في عمله ” وقد ساعده في ذلك إجادته 13 لغة، ونهمه لطلب العلم. وأوضحت الدراسة إن الترجمة الكاملة والرائعة للقرآن الكريم ، أخذت منه جهدا كبيرا وقد استغرق هذا العمل الجبّار 10سنوات من البحث المتواصل والمتعمق في قواميس اللغة لتكون الترجمة كاملة لا شائبة فيها لدرجة انها حظيت بموافقة الأزهر الشريف. ولشدة تواضعه، أطلق على ترجمتة لمعاني القرآن اسم “رسالة القرآن”، حيث كان يعتقد أنه لا يمكن ترجمة القرآن حرفيا ولكن فقط عبر إيصال المعاني .
حققت ترجمته لمعاني القرآن بالسويدية فوائد كبيرة ، ويقول رئيس المركز الإسلامي في ستوكهولم :”أن ترجمة معاني القرآن الكريم للمرحوم كنوت جعلت شباب الجالية المسلمة يفهمون الإسلام بطريقة سهلة، فيها الكثير من روح التسامح، بعدما عانى الجيل السابق من المسلمين من تواجد ترجمة ألفها أحد المستشرقين، كانت لغتها شبيهة بلغة الإنجيل ومليئة بالشبهات “.
وأول درس يعطيه لنا السفير كنوت سليل العائلة المالكة السويدية هو التواضع حيث كان يخالط الفقراء ويعايشهم وتقول نعيمة بنيعيش رئيسة معهد أم المؤمنين عائشة للتكوين الشرعي بمدينة طنجة المغربية في احتفالية لتكريمه بعد وفاته : كان محمد كنوت أكثر اتصالا بالفقراء والمشردين ومحبا للأطفال، وكان دائما يقول إن الجنس البشري هو واحد لا فرق بينه”.
رحم الله محمد كنوت الذي توفي 20 اكتوبر 2009 عن عمر ناهز 89 عاما ودفن في مدينة العرائش المغربية قبل ان يكمل مشروعه العلمي الكبير الثاني وهو ترجمة الأحاديث النبوية الصحيحة إلى اللغة السويدية إيمانا منه أن ما يفعله فيه خدمة للإسلام ومحاولة لتبديد ما علق في أذهان الغربيين من صور خاطئة عن الإسلام.