أنا شخص غريب .. أزماتي الصحية مرتبطة بتواريخ سياسية وصحفية ومحلية .. والأعجب أن بعضها يشاركني فيها مشاهير .. لكن ماعانيت منه الأسبوع الماضي لم يكن أزمة روتينية كالتي اعتدت عليها واعتادت علي .. في فبراير 1986 كنت أعمل بسلطنة عمان واندلعت في نفس التوقيت أحداث الأمن المركزي في مصر وهي التي أدت لعزل أحد أفضل وزراء داخلية مصر اللواء أحمد رشدي .. القلق انتابني علي أسرتي وابنتي الوليدة .. تسارعت ضربات قلبي لتتعدي المائة .. ذهبت لمستشفي بمسقط معتقدا أنها جلطة أو ذبحة أو ما شابه .. لكن الطبيب الباكستاني قال “ما في خوف” طالما رسم القلب سليم هذه حالة “Atrial Fi brillaion” “ذبذبة أذنيه” .. طب يا مولانا مالهاش علاج .. رد عيب خلقي .. سبحان الله أكتشفه بعد 25 عاماً ..
ثم تكررت في أبريل 1986 عندما قصفت أمريكا ليبيا قصفا عنيفا وبالذات قاعدة العزيزية التي يعمل بها صديق طفولتي .. وذهبت لنفس المستشفي فكان نفس التشخيص .. نسيتها إلي أن تكررت عام 1997حيث تلقيت لوما صحفيا من رئيسي الأستاذ سمير رجب والغريب أنها كانت في فبراير أيضاً بعد 9 سنوات من الأزمة الأولي وكأني علي موعد مع فبراير كل حين .. قام اثنان من اللصوص مسلحين ببنادق إيه كي 47 الخارقة للدروع بإصابة 17 شرطياً ومدنياً ومقتل البعض في هوليوود في ثاني حادث إرهابي بأمريكا بعد تفجير أوكلاهوما الشهير 1995 .. لامني لأن الخبر فاتني بطريقة ما .. وإذا بالأزمة تعود .. تصرف سمير رجب بسرعة ونقلني لمستشفي القاهرة التخصصي في جناح خاص وجاء لزيارتي ومعه صديقه وزير الصحة آنذاك إسماعيل سلام الذي قال بسيطة جدا لاتقلق.. المهم أن تصرف مؤسستي حيالي في هذا التوقيت اختلف تماما عن موقفها في فبراير (أيضا) 2012 كما سيجئ لاحقاً ..
في فبراير 2010 وكنت مازلت رئيساً للتحرير هلت الذبذبة مرة أخري وتم علاجي في وادي النيل التي كانت المؤسسة تعاقدت معها أثناء فترتي الأستاذين محمد أبوالحديد وعلي هاشم ولأنها تكررت أبلغني د.حازم عبدالمحسن أخصائي القلب الشهير بضرورة إجراء صدمة كهربائية ليعود النبض سريعاً وأخرج بعد ساعات .. وكان سببها مشادة عنيفة مع أحد قيادات الحزب الوطني .. قلت لنفسي ألا يمكن شطب هذا “الفبراير” .. من العام .. هناك عقدة أوديب والكترا وفوبيا من الأماكن المغلقة أو المرتفعة لكن أنا مصاب بـ”فوبيا فبراير” .. من حين لآخر يتذكرني ..
في فبراير 2012 جاءني إخطارا من محمد الدماطي محامي الرئيس الإخواني محمد مرسي بالمثول أمام الكسب غير المشروع وذلك علي خلفية قضايا سابقة مع الجماعة المحظورة .. لو هناك متسع لجعلت القارئ العزيز يطالع أوراق الدعوي الكوميدية وأقحام ممتلكات آخرين باسمي منهم د.محمد علي إبراهيم بأكاديمية النقل البحري بالإسكندرية وطبيب شهير وغيره .. توجهت لوادي النيل بحكم التعاقد لأفاجأ أن الراحل خالد بكير رئيس المؤسسة آنذاك ألغي تعاقدي لصالح زميل آخر وأجريت الصدمة الكهربائية ودفعت الرسوم وخرجت وأدركت ساعتها أن المهنة والأخلاق والرجال ذهبوا..
في كل الأزمات السابقة لم يكن لمرضي الأساسي وهو السكر أي دخل .. وكأنما أراد هذا الفبراير أن يغير جلده كالسحلية ويفاجئني بشيء جديد هذا العام .. بالمناسبة أشهر من عاني الذبذبة الأذنية في مصر الصديق فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق وإبراهيم أصلان مؤلف مالك الحزين والفنانة نجلاء فتحي والراحل جمال الغيطاني ولاعب التنس الأمريكي ماردي فيش ..
يوم 14 فبراير الماضي استيقظت لأجد نفسي في مستشفي كبير بجوار منزلي مصاباً بغيبوبة نقص سكر لعينة .. ولأن الله لطيف بعباده سارع جاري الطبيب الإنسان د.أحمد أنور استشاري الأمراض الباطنة باستدعاء الإسعاف وظل معي في الطوارئ وأنا معتقد أنني توفيت وأن الهزة التي تمرجحني يمينا ويسارا هي عذاب القبر بينما كانت محاولات لإفاقتي..
أجريت رسما للمخ والقلب والوظائف الحيوية وكانت النتائج جيدة بفضل الله .. لكنهم حجزوني لإصابتي بنزلة شعبية في قسم الأمراض الصدرية .. اسأل كل حين متي يحضر الاخصائي ويردون أكيد جاي .. الحادية عشر مساء طلبته في التليفون الموجود علي الإنترنت فإذا به ينهرني قائلا هذا تليفون خاص!!!ويؤكد أنه طالما قال إنه قادم فاليوم لم ينته بعد .. جاء منتصف الليل .. وقال ستجلس معنا كام يوم .. لماذا استفسرت فتأفف: من باب الاحتياط وبالمناسبة أنا لن أحضر لك السبت .. سألته يعني أجلس يومين حتي تعود .. قال ستخرج علي مسئوليتك! وافقت .. العجيب أنها كانت عكس كل المستشفيات ..
الطوارئ أكثر من ممتازة وأطبائها سريعي البديهة .. أجروا كل الفحوص في ساعتين فقط , بينما الأخصائي تضرر من مكالمة علي محموله المتاح للجميع وتقاضي أجره مسبقاً .. فرق بين جاري الإنسان د.أحمد أنور والذي مازال يحتفظ بآخلاق المهنة وبين من يسمون أنفسهم أساتذة .. نظرت لعائلتي وتحركت السخرية في داخلي لأخفف وقع الصدمة عليهم “اللي حيجيب سيرة عيد الحب تاني حاطرده” .. الحمد لله..