تعودت أن اكسر الملل بالقراءة والإطلاع في كل ماهو جديد ومفيد .. والعودة أيضا الي القديم للاستفادة منه ومن التجارب والعظات التي يمكن أن تكون هي الأمل والضوء في آخر النفق المظلم .. وفي زمن الكورونا ذلك الوباء العجيب الذي حير العالم كله ومازال ويعلم الله وحده متي سينتهي وتعود إلينا الحياة بلا خوف اوقلقى .. تضاعف حجم القراءة والإطلاع نتيجة لأننا رفعنا شعار خليك في البيت بقدر الإمكان منعا لانتشار الفيروس وعدم الإصابة به ..
ومن أجمل ماقرأت ويمكن أن يكون مفيدا للجميع في مثل هذا الوقت العصيب انه في أيام الطاعون الأسود الذى قتل من مصر ١٠٠ ألف شخص و ماتت فيه أم السلطان حسن بن السلطان الناصر قلاوون .. يقول ابن إياس أن الموت كان وحش أسود يخيم علي البلاد والعباد فيموت في اليوم في مدينة كبيرة كالقاهرة أكثر من ألف شخص لدرجة ان القاضي لايستطيع أن يوزع التركة علي الورثة لأن الورثة بدورهم يموتون تباعا و في النهاية يؤول الورث لبيت المال .. وأطلق وقتها المصريون حكمة
( يا وارث من يورثك ) ؟ ..
ورغم كل هذه الظروف الصعبة كان البعض يتعامل بسخرية و لا مبالاة مع هذه الأحداث الصعبة .. وعندما اشتدت الأزمة وأصبحت رائحة الموت في كل مكان أطلق الشيوخ في المساجد دعوة للتضرع لله و رد المظالم للناس و أن يعود التآخى و المعاني الانسانية السامية و ترك الدنيا .. واعتبروا ان ذلك هو الحل الأخير للنجاه من هذا الوباء في الدنيا ومن عذاب النار في الآخرة .. فتضرعوا واخلصوا في الدعاء ورد الكثيرون المظالم وظهر التكاتف وعاد التآخي .. فكانت الاستجابة من الله عز وجل حيث تراجع انتشار الطاعون حتي اختفي تماما بعدها بفترة وجيزة .. لأن الدعاء يرفع البلاء ..
( اللهم أرفع عنا الوباء والبلاء وقنا شر الداء بلطفك ورحمتك إنك على كل شيء قدير ) ..
و الإصابة بالفيروس ليست وصمة عار أوعقاب…فقد مات أبو عبيدة بن الجراح بالطاعون وهو أمين الأمة وأحد العشرة المبشرين بالجنة ..
(فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .. صدق الله العظيم ..
أتمني أن نستفيد من هذا الدرس ونتعلم أن التضرع الي الله هو السبيل الوحيد المضمون للخروج من هذه المحنة الرهيبة وان نكثر من الدعاء ليلا ونهارا وان نحسن الظن بالله عز وجل حتي نكون جديرين أن ينقذنا مما نحن فيه ..