الحمد للهِ العظيمِ القادر، الفعَّالِ لِمَا يُريد، الذي خلَق فقدَّر،
ودبَّرَ فيسَّر، فكُلُّ عبدٍ إلى ما قَدَّرَه عليه وقضَاه صائر،
لا يُسألُ عمَّا يَفعل وهُم يُسئَلون،
وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ سيدنا محمدًا عبدُه ورسوله،
الذي حذَّرَ أُمَّتَه عِظَمَ عقوبات الذُّنوب،
وبيَّنَ كِبَرَ أجورِ احتسابِ البلاءِ والمُصاب،
فاللهمَّ صلِّ عليه، وعلى آل بيته وأصحابه وأتباعه، وسَلِّمْ تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد، أيُّها المسلمون:
فلقد أقسَمَ ربُّكم . جلَّ وعزَّ..
على أنَّ يَبتلِيَكُم ببعض المصائب لا كُلِّها، فقال سبحانه:
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ
الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ }،
ووعَدَ بعدَ إقسامِه بذلك مَن صبَرَ على ما ابتُلِيَ بِه، واحتسَب أجْرَ مُصابِه،
فقال ـ. جلَّ وعلا .
: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ
قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
وبيَّنَ سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم
إلى الناس كبيرَ أجْرِ الصَّبرِ على البلاء، رِضًا بقضاء الله وقدَره،
واحتسابًا لأجْره، فصحَّ عنه صل الله عليه وسلم
أنَّه قال: (( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلا نَصَبٍ، وَلا
سَقَمٍ، وَلا حَزَنٍ،
حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ ))،
وصحَّ عنه صل الله عليه وسلم
أيضًا أنَّه قال:
(( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ، فَمَا سِوَاهُ،
إِلَّا حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ،
كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ))،
وثبت عنه صل الله عليه وسلم
أيضًا أنَّه قال:
(( لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ أَوْ الْمُؤْمِنَةِ فِي
جَسَدِهِ، وَفِي مَالِهِ، وَفِي وَلَدِهِ،
حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ ))،
وإذا علِمَ العبدُ المؤمنُ أنَّ ما يُصيبَه مِن البلاء سيُكفَّرُّ بِه
مِن سيئاته كثيرًا،
وتزدادُ بِه حسناتُه شديدًا، فرِحَ واستبشَر، واطمأنَّ قلبُه، وارتاحتْ نفسُه،
ودخلَه الأُنْس، وزالَ هَمُّ قلبِه أو خَفَّ، بل قد يَتلذَّذُ بِمُصابِه،
ويَجِدُ حلاوةً في بلائه، لِزيادةِ قُرْبِه حِينها مِن ربِّه، وشديدِ
لُجوئِه إليه،
وعَظيمِ دعائِه ومُناجاته له، وكثيرِ استغفارِه وتوبته وإنابتِه وخشيتِه وتضَرُّعه.
فأهل الإيمان .
أحبابى صبروا لعلمهم أنه راجعون إلى الله تعالى فمثيبهم على صبرهم
ولذلك قالوا: (إنا لله وإنا إليه راجعون)،
فلما علموا أنهم إلى الله راجعون وأنهم مبعوثون ومجزيون ومحاسبون،
رجعوا إلى الله تعالى بقلوبهم وأعمالهم بالتوبة النصوح وترك الذنوب
والسيئات والإكثار من الطاعات والحسنات، فالرجوع إلى الله تعالى
من أعظم ما يزيل البلاء ويرفع المصائب والوباء، قال تعالى:
(وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ)،
فالمعاصي والإسراف في الذنوب وظهور الفواحش من مسببات الفساد في حياة
الناس ومعاشهم، قال سبحانه:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)،
فالله سبحانه قدر ما قدر من الحسنات والسيئات وما ظهر من الفساد،
ليرجع الناس إلى الحق، ويبادروا بالتوبة مما حرم الله عليهم،
ويسارعوا إلى طاعة الله ورسوله، لأن المعاصي
هما سبب كل بلاء وشر في الدنيا والآخرة،
وأما توحيد الله والإيمان به وبرسله، وطاعته وطاعة رسله، والتمسك
بشريعته، هو سبب كل خير في الدنيا والآخرة،
أحبابى
: اعلموا أن المصائب والبلاء قد تنقلب في حق المؤمن نعما وحسنات
إذا كانت سببا في رجعوه إلى الله وقابلها بالصبر والاحتساب،
كما قال :
(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن
أصابته سراء شكر و كان خيرا له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)،
على المسلم أن يتذكر أن هناك أمراً مهماً عليه أن يتسلح به قبل أن يبدأ
بالعلاج والوقاية علاج أقوى من أي علاج مادي ذكر أو لم يذكر عرف أو لم
يعرف بعد ألا وهو:قوة قلب المريض وعلاقته بربه:
فان القلب متى ما اتصل برب العالمين وخالق الداء والدواء كانت له أدوية
أخرى غير الأدوية المادية، وقد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفس يتم
التعاون على دفع الداء وقهره ولكن السؤال يا إخوان كيف تقوى القلوب ؟
تقوى القلوب بما يلي:
1- الاعتماد على الله – سبحانه وتعالى-
2- التوكل عليه والالتجاء إليه والانطراح والانكسار بين يديه
3- التذلل له
4- الصدقة
5- الدعاء
6- التوبة
7-الاستغفار
8-الإحسان إلى الخلق
9-إغاثة الملهوف
10-التفريج عن المكروب
فإن هذه الأدوية جربتها الأمم ووجدوا لها تأثيراً من الشفاء لايصل اليه علم الأطباء
احبابى
تقولون لي هذا كلام نظري كيف نطبقه،
أقول لكم المريض يا إخوان مريض السكر أو مريض الضغط أو مريض القلب
قبل أن يأخذ الدواء ومعه الماء لا ينسى يارب ياكريم يامنان يا رحمن يا
رحيم استغيثك أتوكل عليك يارب أشفني أنت الشافي
اللهم اجعلها سببا في شفائي لماذا نحرم أنفسنا من هذا ؟
هذه عبادات مايقولها إلا المريض التوكل والرجاء والاستعانة والاستغاثة كل
هذه يقولها المريض ، فيجب أن تحافظ عليها ويجب أن تقولها وتكررها ويجب أن
لا تضيع أجرك احتسب حتى ولو تشتكي من صداع وقبل أن تأخذ المسكن عليك
بالدعاء
يقول الله تعالى في محكم آياته :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً
نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) التحريم
،
وقال تعالى : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ
يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ
ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) هود
وقال تعالى : (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ
رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ )
وقال تعالى : ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور:
وقال تعالى : ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ ﴾ [المائدة:
وروى مسلم في صحيحه عن ابْن عُمَرَ قَالَ
،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ .-صل الله عليه وسلم
« يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي
الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ».
وفي سنن ابن ماجة
(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ .صل الله عليه وسلم
فَقَالَ
« يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا
وَبَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا وَصِلُوا
الَّذِى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ
وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ تُرْزَقُوا
وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا )
وصل الله وسلم على سيدنا محمد رحمة الله للعالمين
والحمدلله رب العالمين
رئيس مركز الطليعة للدراسات