إن ما يشهده الوطن العربي من مخططات شيطانية تهدف إلى تفتيت دولة والاستيلاء على ثرواته ومقدراته من جانب عراب التنظيم الدولى للإخوان الإرهابي والعميل الصهيونى الذى يقود حربا بالوكالة لإشعال المنطقة وتدمير شعوبها بإستخدام الميليشيات والمرتزقة التى تعمل تحت رايات مضللة مستغلا أذرعه فى مناطق الصراعات ، والتى وصلت نيرانها مؤخرا إلى الشقيقة ليبيا ، كل تلك المخططات سوف تتحطم بإذن الله على الصخرة المصرية الصلبة التى لجأ إليها شيوخ القبائل العربية الليبية وطالبوا القائد والزعيم الرئيس الفتاح السيسي بضرورة حماية ليبيا والحفاظ على سيادة وثروات البلاد لصالح أبناء الشعب الليبي .
وعندما تابعت مع الحشود لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع رجال الجيش المصري بالمنطقة العسكرية الغربية ، والذي أكد خلاله أن ليبيا لن يحررها إلا الليبيون وأنه يدعم تسليح شباب القبائل وتدريبهم ليدافعوا عن بلدهم ويحررها من الإحتلال الجديد الذي يدعم الميليشيات الإرهابية وإن الجيش المصرى على أعلى جاهزية لتنفيذ أى عمليات عسكرية فى الداخل والخارج للحفاظ على الأمن القومي المصرى وعلى استقرار الجارة ليبيا وأن مصر لن تتخلى عن أشقائها ، تأكدت أن التاريخ يعيد إنتاج نفسه ، وأن هناك ثورة ثانية لرجال عمر المختار يقودها ويدعمها زعيم جديد ، تتشابه صفاته البطولية والإنسانية مع القائد التاريخي لحركة التحرر الوطني الليبية عمر المختار ، الذي صارت مقولته ” نحن لا نستسلم أبدا، ننتصر أو نموت ” ، أيقونة النضال على مر التاريخ .
ففى مذكرات جراتسيانى ، وهو القائد الإيطالي المسؤول عن المستعمرات فى ليبيا حينها ، يقول : « عندما حضر أمام مكتبي ، يقصد عمر المختار ، تهيَّأ لى أننى أرى فيه شخصية آلاف المُرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامى بالحروب الصحراوية ، و بالإجمال يخيل لى أن الذي يقف أمامى رجل ليس كالرجال: له منظره وهيبته، تلك الهيبة ومعالم القيادة التي تمنح الأمل وتعطي القدوة ، ويعمل العدو قبل الصديق لها ألف حساب ، هذا هو القائد والزعيم الوطنى الرئيس عبد الفتاح السيسي ، صورة مصر الواضحة المعالم والأهداف ، قائد الجيش الرشيد الذي يدافع ولا يعتدي ، يحمي ولا يطمع ، يدرك جيدا مكامن القوة وعوامل النصر .
إن الرئيس عبد الفتاح السيسي ، يدرك جيدا أن القبيلة الليبية كانت وستبقى عنصر التوازن في الدولة الليبية ، رغم كل ما جرى من محاولات تهميش لدورها عبر عقود ماضية ، وليس أدل على ذلك ما أعلنته قبيلة «المنفة» وهي القبيلة التي ينتمي إليها الشيخ المجاهد عمر المختار رفضها القاطع إستخدام أردوغان أسم القائد الليبي لمنح احتلاله ليبيا غطاء الشرعية ، واصفة ما يحدث في ليبيا بأنها إنتهاكات صارخة وجرائم ترتقي إلى جرائم حرب من قبل الغزاة الأتراك ، وهاجمت بشدة زج أردوغان بإسم عمر المختار وادعائه أن أحفاده يحاربون الإرهابيين وأن تركيا تواصل دعمهم ، خاصة أن طائرات تركيا هي من تقتل أحفاد المختار الذي لا يليق بمقامه أن يأتي على لسان هذا الشخص المختل ، محلل الدعارة والانحلال والفجور كما وصفه البيان الصادر عن القبيلة .
وأبدت القبيلة استغرابها من جرأة أردوغان على الإدلاء بهذه التصريحات، «خاصة أنه هو من يرسل آلاف المرتزقة والإرهابيين الأجانب لقتال أبناء ليبيا ، لأنه لم يجد أحدا من أحفاد المختار الذي يذكره اليوم مستعد لقتال أشقائه لأجله ولأجل مشروعه الظلامي بالمنطقة» .
وأعلنت القبيلة « تسخير إمكاناتها من رجال وعتاد لطرد الغزاة الأتراك من ليبيا ، كما فعل أجدادها من قبل مؤكدة أنهم على درب الأجداد سائرون ولن يجد الغزاة منا إلا الموت الذي سنلاحقهم به في كل شبر من هذه الأرض .
وقراءة التاريخ نسترشد منها أنه حين دخل الإيطاليون بنغازى عام 1911، وعلم عمر المختار بخبر نزولهم ، جند الأهالى من قبيلة العبيدات لمقاومتهم ، ونجح في جمع 1000 مقاتل معه ، وأسَّس معسكرًا خاصًا أصبح قاعدةً لهم يخرجون منها ويغيرون بإستمرارٍ على القوات الإيطالية ، وظل عمر المختار يقاتل الإيطاليين أو «الطليان» كما يطلق عليهم، حتى وصول أحمد الشريف السنوسي إلى درنة فى شهر مايو من عام 1913 فاستلم هو القيادة وظلَّ عمر المختار عونًا كبيرًا له .
وتابع عمر المختار دعوة أهالى الجبل الأخضر للقتال وتجييشهم ضد ” الطليان ” ، وفتح باب التطوُّع للإنضمام إلى الكفاح ضدهم ، وأصبحت معه لجنةٌ فيها أعيانٌ من مختلف قبائل الجبل ، فكان يصطحب معه 100 إلى 300 رجل فى كل غارةٍ ويهجم ثم ينسحب بسرعة ، ولم يزد أبدًا مجموع رجاله عن نحو 1000 رجل ، مسلحين ببنادق خفيفةٍ عددها لا يتعدَّى 6000 ، وقد شكَّلت تلك العمليات التي قادها المختار مدعوما برجال القبائل بداية الحرب الضروس التى استمرت 22 عامًا ،وكانت مقدمة لرحيل المحتل ، الذي لابد أن يرحل مهما طال الزمن ، حيث بادرت القبائل بإمداد المختار ورجاله بما يحتاجون من مؤنٍ وعتادٍ وأسلحة .
وليس ثمة شك في أن القبائل العربية حضرت بقوة بعد مؤتمر برلين ، بعد فترة غاب الحديث عن دورها في المشهد لسنوات ، فالخطوات التي قامت بها القبائل وإغلاقها لحقول النفط في المناطق التي تسيطر عليها ، دفع بها إلى عمق المشهد الليبي ، خاصة فيما يتعلق بدورها الفاعل في المشهد الليبي ، وهو ما يدركه الرئيس السيسي جيدا ، رغم أن المجتمع الدولي لم يفطن لطبيعة الداخل الليبي ، وأن رفض القبائل لحكومة السراج نتج عن تراكم العديد من العوامل التى كانت بدايتها فرض الحكومة من الخارج دون وضع القبائل في المشهد، وحتى الآن لم تلتفت البعثة الأممية لأهمية دور القبائل المحورى فى ليبيا ، وأن الطبيعة القبلية ترفض دخول أي أجنبي على أرضها وهو ما جيش الجميع ضد حكومة الوفاق التى يقودها السراج الذى ينتمى لقبيلة (الكراغلة) وتعنى قبيلة أبناء العبيد ، وهى ليست قبيلة عربية وتعود أصولها إلى بقايا الأتراك الذين لم يرحلوا مع رحيل الإحتلال العثماني من ليبيا مدحورا مهزوما ، و أن الإنحياز للجيش يعود إلى قدرته على توفير الأمن والإستقرار في المناطق الشرقية والجنوبية وتطهيرها من الجماعات الإرهابية والمرتزقة .
فالقبائل هي صوت الشعب الليبي ، والمكون الأساسي لفئاته ، و لها تأثيرها الكبير في المشهد الليبي خاصة أنها داعمة للشرعية الممثلة في مجلس النواب والجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر خاصة بعد موافقة البطولية فى التصدى للمرتزقة والمقاتلين القادمين من سوريا .
إن مواقف القبائل منذ فجر التاريخ وهي مشرفة ، لا تباع ولا تشترى وإنحيازها للوطن فوق أي إعتبارات أخرى، وهي من حاربت القوات الإستعمارية في فترات الإحتلال ، ودائما ما تقدم التضحيات دون إنتظار أي مقابل ، ومن يريد معرفة سبل وآليات الحل عليه الجلوس مع القبائل ، خاصة أنها تعمل من أجل الوطن لا من أجل حسابات سياسية .
وبالنظر إلى التركيبة القبلية ، فإن أغلبية القبائل الآن تقف مع الجيش الوطنى الليبي الذى يقوده حفتر ، بينما لا يقف مع حكومة الوفاق ، إلا بقايا الإحتلال التركي وبعض الجماعات التي لا تنتمي للقبائل العربية وبعض قبائل مصراته وعلى رأسها ( الكراغلة ) ، فيما تنقسم قبيلة ( زليطن ) بين الجيش والوفاق ، فيما تؤيد قبائل تاجوراء حكومة الوفاق ، التي يؤيدها أيضا بعض قبائل الأمازيغ ( البربر ) ، أما قبائل ( الأصابعة ) فهي تؤيد جيش حفتر ، فيما تنقسم الزنتان بين الأثنين ، إلا أن قبائل غريان أعلنت تأييدها لجيش حفتر بشكل كامل ، وهي عاصمة الجبل الغربي ويبلغ تعدادها أكثر من 100 ألف نسمة ،
فيما تلتزم بعض القبائل في الغرب الليبي الصمت حتى الآن ، وهي قبائل محسوبة على النظام السابق ، إلا أن قبائل ( الصيعان والنوايل ) يقاتلون إلى جانب جيش حفتر ، بالإضافة إلى قبيلة في جنوب طرابلس ، فيما تنقسم قبائل ( الورفله ) ، وتتمركز في منطقة فزان في جنوب وجنوب شرق العاصمة طرابلس ، بين تأييد الجيش وإلتزام الصمت حتى الآن ، كما أن المنطقة الشرقية تؤيد جيش حفتر بالكامل ، وعلى رأسها قبائل العبيدات ، والعواقير ، والبراعصة ، والمنفة ، والمرابطين ، والمسامير ، والعرفة ، والبراغثة ، الزوية ، والمغاربة.
بالإضافة إلى قبائل المنطقة الوسطى التي تضم قبيلة (الفرجان ، والأشراف ، والزيادين ، وأولاد وافي ) ، وهي مؤيدة بالكامل للجيش الليبي الذى يقوده حفتر ، كما تضم قبيلة القذاذفة ، التي يؤيد بعض قياداتها عمليات جيش حفتر ، كما أن المنطقة الجنوبية تؤيد أيضا جيش حفتر بالكامل ، وعلى رأسها قبائل “المقارحة ، أولاد سليمان ، والتبو ، والطوارق ، والفزازنة ، والحساونة ، وأولاد حضير ، وسكان الواحات وهم من قبائل السواكنة والهوانة والأوجلة ، الأشراف المجابرة .
إن الثورة القادمة وهي ثورة المختار الثانية التي أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي شرارتها ، بدعوة رجال القبائل إلى تحمل مسئولياتهم في الدفاع عن ليبيا ضد المحتل الجديد القديم ، الذي يرى في ليبيا حلقة ضمن سلسلة الحلم الإمبراطوري العثمانلي ، سوف تكون بداية لكتابة التاريخ الليبي من جديد ، وبناء دولة وطنية مستقرة امنة ، لأن الدول تتأسس على ركائز اجتماعية عمادها البشر ، فحركة التاريخ إنما هى فى جوهرها توثيق لحركات البشر ، خاصة أولئك الذين لعبوا أدوارا عظيمة الأهمية والتأثير ، وقادوا تحولات عميقة الفعل والأثر فى مجتمعاتهم ، فكانوا مصابيح مضيئة فوق رؤوس بلدانهم ، لأنهم امتلكوا من الطاقة والطموح والإصرار ما قادهم إلى تغيير واقعهم ، وإعادة كتابة التاريخ .