كان يا ماكان في سالف العصر والأوان، ثلاثة ثيران تعيش في أمن وسلام وأمان بسبب وحدتها وتماسكها، وحاول الأسد التفرقة بينها مراراً وعندما فشل لجأ الى حيلة جهنمية “فرق تسد” ليحصل على مبتغاه ويلتهم فرائسه الواحدة تلو الأخرى.
ظل يوسوس للثور الأسود ويقنعه بالتخلص من رفيقه الأبيض بحجة أن لونه يلفت نظر الصيادين فضلاً عن أن قسمة الطعام على اثنين أفضل من ثلاثة، ومازال يحدثه بهذا المنطق حتى اقتنع وتركه يفتك بشقيقه، ولم تمض أيام حتى عاد الأسد بنفس الحيلة والمنطق ولكن هذه المرة للتخلص من الثور الثاني “الأحمر” وبالفعل تم له ما أراد.
وعاش الثور الأسود وحيداً مذعوراً في انتظار مصيره المحتوم ولم يتأخر عليه الأسد الذي نظر في عينيه نظرة فهمها جيداً الثور الأسود الذي صاح قائلاً: “أُ كلت يوم أُكل الثور الأبيض”، لتصبح تلك العبارة قولاً مأثوراً و مثلاً ودرساً لأولي الألباب.
هذه القصة أو الدرس الذي تعلمناه ونحن صغار ينطبق كثيراً على حال الدول العربية التي كانت أمة واحدة قوية متماسكة يخشاها الأعداء، ولم تهن أو تضعف إلا بعد سقوطها في شرك الخديعة والحيلة لينفرد بنا الأعداء دولة وراء الأخرى، حتى وصل بنا الحال الى الوضع الراهن وبات الأمن القومن العربي في أسوأ حالاته، وذهبت دول كبرى كانت ملء السمع والبصر الى طي النسيان بعد أن أصبحت تعيش في فوضى عارمة بينما لاتتوقف المؤامرات للإجهاز عليها تماماً والقضاءعلى مابقي من استقرار بالمنطقة.
وحتى لاننسى وللتذكرة فقط فقد كان تدشين الجامعة العربية سنة ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين معبراً عن ارادة الأمة وبإجماع الشعوب قبل الحكام كخطوة مهمة نحو حماية أوطاننا من طمع الطامعين وعبث العابثين لتكون أول تكتل اقليمي مهم وفاعل، وظلت الجامعة صوتنا الواحد المسموع والمؤثر وسط عالم يموج بالأزمات والصراعات.
لقد جاء ميثاق الجامعة معبراً عن طموح الأمة فلم يضع سقفاً للأحلام، والتف حولها العرب من المحيط الى الخليج باعتبارها البيت الذي يتحصنون به ولكن دوام الحال من المحال، فسرعان ما انطلقت الحيل هنا وهناك للتفرقة بين الأشقاء وخداع البعض بالزعامة الوهمية لتكتمل فصول المؤامرة على وطننا كله ومن لم يأت عليه الدور اليوم فسيأتيه غداَ.
صحيح أن هناك تنسيقاً واضحاً وكبيراً لايمكن اغفاله بين عدد من الدول المهمة والمؤثرة منها على سبيل المثال وليس الحصر مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن، لكن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن العمل العربي المشترك يعاني من مرض عضال ويتراجع باستمرار وبات بحاجة الى رؤية عصرية للتعاون اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً.
الشيء المحزن أننا نمتلك كل عناصر التنمية والتكامل من ثروات طبيعية الى أراضي زراعية هي الأكثر خصوبة في العالم.. الى أيد عاملة ماهرة ورخيصة وما ينقصنا فقط هو ارادة التكامل والانصار في بوتقة المصلحة المشتركة والوصول الى المعادلة الصعبة المتمثلة في القضاء على الفقر والبطالة وتحقيق الردع لأعدائنا في ذات الوقت.
ما أشبه الليلة بالبارحة، فالعرب أصبحوا فرائس تنتظر أن ينقض عليها الذئب، فعدونا لم يكن أسداً في يوم من الأيام مثلما لم نكن نحن ثيراناً لكننا فقط نسينا أهم دروس العروبة بأن قوتنا في وحدتنا وأن الذئاب لا تأكل إلا من الغنم القاصية، فهل نتعلم الدرس ونلحق بالعربة الأخيرة من قطار الوحدة والتعاون؟!!
تعلموا من قصة الثيران الثلاثة الدرس الذي نحتاج اليه هذه الأيام، فلا أمل لمواجهة المخططات الرامية الى تفكيك وتقسيم المنطقة إلا بالوحدة والتنسيق والعمل الجماعي أو بالأحرى الدفاع عن وجودنا ان صح التعبير.
aymanabdalgawad@yahoo.com