أن “هذه الخطوة تأخرت كثيرا، لكنها سوف تعمل على تفكيك كثير من ارتباطات مليشيات الحوثي بكيانات وقوى محلية وخارجية حيث ستنهي فرض الحوثيين أنفسهم كممثلين لجغرافيا واسعة يسيطرون عليها بالقوة
وإدراج ثلاثة من قادة أنصار الله (حركة الحوثي) وهم عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم على قائمة الإرهابيين الدوليين”، يعتبر القرار اتّخذ من أجل “محاسبة الحوثيين على أعمالهم الإرهابية بما فيها الهجمات العابرة للحدود التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري”.
فـانقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة ومؤسساتها وعلى المجتمع اليمني ونسيجه الاجتماعي أشعل شرارة العنف والفوضى وأدى إلى تدهور الوضع الإنساني في اليمن،
من الناحية العملية فإن القرار فور دخوله حيز التنفيذ في التاسع عشر من الشهر الجاري يعني حظر دخول أعضاء هذه المنظمة الإرهابية ومن يرتبطون بها إلى الأراضي الأميركية وإمكانية ترحيل من يعملون لصالحها من المهاجرين من الأراضي الأميركية، وتجريم تمويل أي مؤسسة أو شركة أميركية أو أفراد أميركيين لأي أنشطة متعلقة بهذه المنظمة وتجريم أي معاملات مالية قد تجريها البنوك الأميركية معها، وتجميد أي أرصدة سائلة أو ممتلكات وأصول ثابتة لها في الولايات المتحدة إن وجدت.
أن هذا القرار قد يشلّ عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى البلد الذي يعاني من أسوأ أزمة في العالم بحسب الأمم المتحدة. لان “الولايات المتحدة تقرّ بأن هناك مخاوف بشأن وطأة هذه التصنيفات على الوضع الإنساني في اليمن وتعتزم اتخاذ تدابير للحد من انعكاساتها على بعض النشاطات والإمدادات الإنسانية”.
ويشهد اليمن منذ عام 2014 نزاعاً بين الحوثيين والقوات الموالية لحكومة عبد ربه منصور هادي. ودخلت السعودية على خط الصراع في مارس (آذار) 2015 على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة.
وفيما تراجعت حدة القتال في اليمن بشكل كبير منذ أشهر، إلا أن المعارك استؤنفت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في مدينة الحديدة التي تشكّل نقطة الدخول الرئيسة للمساعدات الإنسانية إلى البلاد.
إن اليمن يواجه “خطراً وشيكاً بحدوث أسوأ مجاعة شهدها العالم منذ عقود”، محذّراً من أي تحركات أحادية الجانب في الوقت الذي هددت الولايات المتحدة بإدراج الحوثيين على القائمة السوداء.
إن مثل هذه الإجراءات كثيراً ما أخفقت في فتح المجال أمام تدفق المساعدات لأن البنوك وشركات التأمين قلقة من الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية وقد تكون هذه هي الحال أيضاً مع اليمن.
إن “الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية ليس فقط لأعمالهم الإرهابية ولكن أيضاً لمساعيهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم”
.فإن “بعد مضي ست سنوات من الحرب وفرض العديد من العقوبات بحقّ أفراد، نعتقد أنه ينبغي الاستمرار في تصعيد وتكثيف جميع الضغوط السياسية والقانونية على الحوثيين من أجل تهيئة الظروف المؤاتية لحل سلمي للصراع، والذي يهدف إلى إيجاد حل نهائي لهذا الصراع المأساوي الذي طال أمده في اليمن”.
القرار كان منتظرا منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وكانت منظمات غير حكومية وهيئات دولية تخشى أن يعمد ترامب بعد هزيمته إلى تسديد ضربة دبلوماسية لإيران قبل انتقال السلطة إلى جو بايدن.
وتخشى منظمات الإغاثة أن يؤدي التصنيف إلى تجريم عملها في البلاد، إذ أن الحوثيين هم السلطة الفعلية في الشمال ويتعين على المنظمات الإنسانية الحصول على تصاريح منهم لتنفيذ برامج المساعدات، إضافة إلى العمل مع الوزارات والأنظمة المالية المحلية.
أن هذه الخطوة الأمريكية قد تعيق التواصل مع المسؤولين الحوثيين واستخدام المنظومة المصرفية ودفع الأموال للعاملين في المجال الصحي وشراء الأغذية والوقود وحتى القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت، إضافة إلى تعقيد إجراءات الواردات ورفع أسعار السلع أكثر.
سيتم النظر إلى هذه الخطوة باعتبارها من ضمن جهود الولايات المتحدة لتعزيز استراتيجياتها لمكافحة الإرهاب أو تحديد المنظمات الإرهابية.
يهدف التصنيف، بموجب إرشادات وزارة الخارجية الأمريكية، إلى ردع المعاملات الاقتصادية مع ميليشيا الحوثي، كما سيتم حظر أي شكل من أشكال الدعم المادي أو الموارد للكيان.
تشكل ميليشيا الحوثي تهديدًا خطيرًا للاقتصاد الدولي ونظام الطاقة، إن التصنيف الأمريكي من المرجح أن يضعف التنظيم، ويشكل تصنيفهم جماعة إرهابية نوعًا من الضغط الدبلوماسي والاقتصادي متعدد الأطراف.
أن التصنيف سيؤثر على جهود وكالات الإغاثة والمنظمات الإنسانية في مساعدة المواطنين اليمنيين؛ ذلك لأنهم يخشون تجريم عملهم أو التعامل مع جماعات إرهابية أن الضرر سيكون على الحوثيين فقط؛ لأن الولايات المتحدة تخطط لوضع تدابير للحد من تأثير التصنيف على بعض الأنشطة الإنسانية والواردات، مثل المواد الغذائية والأدوية، إلى اليمن
. كما سيتم إعفاء عمال الإغاثة من خلال منحهم ترخيصًا عامًا، وبالتالي لن تتقلص أنشطتهم الإنسانية.
سيؤثر التصنيف على آليات الامتثال للبنوك، وبالتالي الحد من قدرة الحوثيين على الوصول إلى الأنظمة المالية والتحويلات المالية من الخارج، وبالتالي تزداد صعوبة الحصول على التمويل من إيران.
أن القرار محوري ونقطة تحول حاسمة في الأزمة اليمنية، لذلك نطالب الحكومة المعترف بها دوليا بالتقاطه بجدية وحشد جميع أطيافها وأطرافها لاستعادة مؤسسات الدولية وطي صفحة الانقلاب الدموية. لان الولايات المتحدة تريد رؤية نهاية لهذا الدعم الإيراني المميت، حتى يكون هناك مسار وحل سياسي للصراع في اليمن.
ومن شأن هذه الخطوة أيضا أن تسهل عملية إحلال السلام في اليمن، لأنه ستؤدي لدعم وإنجاح الجهود السياسية القائمة وستجبر قادة الميليشيا الحوثية على العودة بشكل جاد لطاولة المشاورات السياسية بعد أن لعبت خلال السنوات الخمس الماضية دورا رئيسيا في عرقلة كل الجهود الهادفة للتوصل إلى سلام دائم وحل سياسي يحفظ للجمهورية اليمنية وحدتها وسلامة أراضيها ورفضوا كل الفرص للوصول لتسوية سليمة في اليمن،
لذا لاقى القرار ترحيبا يمنيا واسعا لأنه جاء معبّرا عن تطلعات ملايين اليمنيين الذين أوغلت هذه المنظمة الإرهابية في دمائهم وقادتهم لأسوأ أزمة إنسانية.
من المتوقع أن تتأثر التجارة الخارجية مع اليمن بالنظر إلى أن الشركات والوسطاء التجاريين المتعاملين مع الحوثيين قد يتعرضون للمسؤولية الجنائية الأمريكية أو العقوبات الاقتصادية. وثمة مخاوف من أن يؤثر هذا التصنيف على هذه التجارة وسلاسل الإمداد المختلفة، وعلى التموينات أو السلع الأساسية، بما فيها الأدوية، نتيجة أي تأثير محتمل على عمل وأنشطة المؤسسات الحكومية، لكن مخاوف كهذه يراها بعض المحللين مبالغ فيها؛ انطلاقاً من كون هذا التصنيف يخص جماعة الحوثي لا المؤسسات الحكومية التي يسيطرون عليها.
وبالنسبة للجماعة الحوثية نفسها، فمن شأن هذا التصنيف تجريم تقديم الدعم لها وتجميد أصولها المالية، لكن من غير المتوقع أن يكون ذلك مؤثراً لأن الجماعة ليس لها أصول خارجية معتبرة يمكن لليد الأمريكية الوصول إليها. وفيما يتعلق بالتمويلات الخارجية، فالجهات التي تقدم تمويلاً لها أو التي يحتمل أنها تقوم بذلك محدودة، إذ يكاد الأمر يقتصر على إيران (ووكلائها في لبنان والعراق)، والتي لم تعد قادرة عل تقديم الكثير بحكم وضعها الاقتصادي الحرج، مع أنه ما يزال من الممكن التحايل لإيصال أي دعم إلى الحوثيين بطرق عديدة وبما يتجاوز الأنظمة المصرفية.
وقد يؤثر هذا التصنيف على نشاط الكيانات والشخصيات التجارية التابعة للجماعة أو التي تعمل لحسابها، وقد أشارت تقارير فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الخاصة باليمن إلى عدد منها، لكن نتيجة كهذه ليست متوقعة على نحو مباشر وسريع بسبب التعقيدات القانونية التي ستواجه عملية تحديد هذه الكيانات والشخصيات، وقد لا تكون أي عقوبات تطالها فعَّالة بسبب نشاطها الحذر والمتوجس ومخاوفها المسبقة التي جعلت نشاطها غامضاً وأصولها وتعاملاتها وحساباتها المالية شبه خفية، وأيضاً بسبب القدرة على التحايل على أي عقوبات قد تطالها. وبالإجمال، من غير المتوقع أن ينتهي هذا التصنيف بمعاناة الجماعة مستقبلاً من شح التمويل؛ فأي إجراءات مرتبطة به أو أي عقوبات ناتجه عنه لن تكون قادرة على تجفيف مواردها المالية إلى حد إلحاق ضرر فادح بموقفها المالي.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان