كتب إبراهيم احمد
كشفت دراسة استطلاعية أصدرتها أﭬايا (NYSE: AVYA) وشملت 10 آلف مُستطلع من الموظفين والمستهلكين في 11 بلدا حول العالم من بينها مصر، أن 61 في المئة من الموظفين المُستطلعين في مصر لديهم الاستعداد لدعم السياسات الحكومية للمساعدة على تبنّي نموذج العمل “الهجين” Hybrid الذي يتضمن العمل من المنزل والمكتب وأي مكان آخر. وأعرب المُستطلعون عن “حبهم” للعمل عن بُعد من أي مكان، وأكد 60 في المئة أن نموذج العمل الهجين سيساهم في “تحقيق سعادتهم”. الدراسة التي حملت عنوان: “الحياة والعمل في مرحلة ما بعد 2020” وأجرتها شركة الأبحاث “ديفيز هيكمان”، تألفت من ثلاثة أقسام رئيسية هي: الرفاه الاجتماعي، روتين الحياة والقِيم، علاقات المستهلكين بالشركات، والحياة المهنية. وشملت الدراسة البلدان التالية: النمسا، كندا، فرنسا، ألمانيا، الهند، السعودية، سويسرا، الامارات، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
وتأتي دراسة أﭬايا وسط تزايد التكهنات حول واقع العمل عن بُعد، وموقف الموظفين والشركات منه، ومتطلباته التكنولوجية، وتأثيراته على المجتمعات التي اضطرت لاعتماد نماذج عمل جديدة، حرصا منها على تحقيق استدامة الأعمال بخضم جائحة تسبّبت بإغلاق عام حول العالم. وتتزايد التوقعات حيال استمرار الإغلاق العام خلال الفترة المقبلة، ولو في فترات متقطعة، وهو ما قد يتسبب بتأثيرات مباشرة إضافية على نشاطات الأعمال والحكومات حول العالم. وجاءت نتائج الدراسة، لتحسم على الأقل أجزاءا من التكهنات والتقديرات في الأسواق العالمية حول العمل والحياة في مرحلة ما بعد العام 2020، ومن بينها السوق المصرية. وتؤكد النتائج التي أفضت إليها الدراسة على عمق التغيرات التي حصلت على مستوى القوى العاملة في مصر، وعلى إدارات الشركات والمؤسسات الحكومية، فضلا عن التأثيرات البالغة على العالم المهني والاجتماعي والنفسي للموظفين والمستهلكين، وهو ما ينعكس مباشرة على مختلف أوجه حياتهم. إذ شملت التغيّرات أنماط وأساليب في عمل الشركات، بعضها كان مدعاة ترحيب من جانب الموظفين، وبعضها الآخر أثار حفيظتهم وقلقهم ومخاوفهم، خصوصا حيال مستقبلهم الوظيفي والمهني.
وقال المدير الإقليمي لشركة أڤايا في مصر وليبيا أحمد فايد: “الدراسة الاستطلاعية الجديدة التي أجريناها، تأتي لتضع ثوابت على طاولة النقاش الدائرة حول واقع ومستقبل العمل عن بُعد في مصر. لا شك أن هذا المضمار يحتاج إلى إجراء العديد من الدراسات، والاستفاضة في تحليل المعلومات، لكن الواضح في دراسة أڤايا الجديدة، أن العمل عن بُعد أتى ليبقى، ويوما بعد يوم يتبيّن لنا أنه بات الواقع الجديد أو الوضع الطبيعي الجديد في عالم الأعمال والقطاع التربوي والنشاط الحكومي وغيره من المجالات. الأمر الثاني البالغ الأهمية في الشق المتعلق بالحياة الوظيفية في هذه الدراسة على مستوى مصر، هو موقف الموظف من التغيّر الكبير الذي طرأ على حياته المهنية والعائلية. والأرقام واضحة وجليّة، فالأغلبية تؤيّد اعتماد نموذج العمل عن بُعد، ربما يفضّل البعض معادلة تمزج العمل من المنزل مع أماكن أخرى إضافة إلى العمل من المكتب، وآخرون يفضلون العمل من خارج المنزل والمكتب، إلا أنهم بالإجمال يتوقّعون نموذجا يتيح حرية أكبر في اختيار مكان العمل”.
ويضيف فايد: “الدراسة تأتي في سياق سلسلة من الدراسات، التي نُجريها باستمرار لاستطلاع واقع الأسواق حول العالم، ومن بينها السوق المصرية. ومن خلال هذا النوع من المقاربات العلمية نرصد المتغيرات، ونُساهم في استباق التطورات وتوقّعها. وهذا جزء من أدبيات وقناعات أڤايا حول طريقة العمل المُثلى التي توفر لعملائنا وشركائنا صورة أوضح عن الواقع والمستقبل”.
الجهوزية التكنولوجية ونجاح التجربة
أظهرت نتائج الاستطلاع تأييدا واسعا لنموذج العمل عن بُعد، وبرزت نسبة من المُستطلعين أكدت على الثقة الممنوحة لهم من جانب إدارات شركاتهم للعمل من أي مكان (58 في المئة)، وقالوا إن الثقة الممنوحة لهم تستند إلى قناعة لدى الإدارة، من أن الموظف يقدم أفضل ما لديه في عمله المهني. وتأكيدا على نجاح هذا النموذج في العمل، قال 52 في المئة أنهم يملكون التقنيات التي تمكنهم من العمل من أي مكان. لا بل زادوا على ذلك، بتأكيدهم أيضا أنهم على استعداد لدعم السياسات الحكومية الرامية إلى مساعدة الموظفين على تبنّي العمل الهجين الذي يشمل النشاط المهني من المكتب وغيره من الأماكن. وفي ذات السياق، عبّر المُستطلعون عن شعورهم أن صاحب العمل يركز على سلامتهم. كل هذا السياق من الإجابات، أتى ليؤكد على تبنّي العمل عن بُعد ودعم هذا المنطق من زوايا مختلفة.
وحين سُأل المُستطلعون، حول شعورهم حيال العمل من أي مكان في المستقبل المنظور، أعرب 56 في المئة عن “حبهم” لهذا الخيار، فيما عبّر 20 في المئة عن عدم مبالاتهم، وفقط 7 في المئة قالوا إنهم “يكرهون” هذا الخيار. كما عبّر 60 في المئة عن قناعتهم أن العمل الهجين سيكون خيارا مُفضلا لتحقيق سعادتهم، فيما اعترض 16 في المئة على هذا الخيار. واستكمالا للنقاط المتعلقة بسعادة الموظف، قال 58 في المئة إنهم يتمتعون بقدرات إنتاجية أكبر عندما يكونون سعداء.
المنزل مناسب ولكن القلق موجود
وعندما تطرق معدّو الاستطلاع إلى العمل من المنزل تحديدا، أكد المُستطلعون أنهم شعروا بالسعادة نتيجة العمل من المنزل (62 في المئة)، فيما قال 23 في المئة أنهم لم يشعروا بالسعادة. لا بل أضاف المُستطلعون مؤشرا آخرا حول العمل من المنزل، عندما أكد 64 في المئة أنهم يعتقدون أن العمل من المنزل يساعد على تحسين الحياة المنزلية لمعظم الناس، وفقط 18 في المئة اعترضوا على هذه الفرضية. وقال 45 في المئة أن العمل من المنزل لم يتسبب بمصاعب على صعيد العلاقات، واعتبر 47 في المئة أن المنزل مناسب للعمل، إلا أن 52 في المئة أشاروا إلى أنهم يحتاجون إلى مساحات إضافية للعمل. ومع أنهم أظهروا حسنات العمل من المنزل، إلا أن 58 في المئة قالوا إن هذا النموذج في العمل لم يكن أمرا مناسبا للحياة العائلية والأولاد، وعبّر 61 في المئة عن رغبتهم بعودة الحياة الطبيعية. ولكنهم وكما في البلدان الأخرى التي شملها الاستطلاع، عبّروا عن مجموعة من المخاوف ومصادر القلق، ومنها: العودة إلى العمل المكتبي بدوام كامل (47 في المئة)، لقاء الآخرين وجها لوجه في العمل (38 في المئة)، العمل من المنزل بشكل دائم (42 في المئة)، خسارة الوظيفة بسبب الأتمتة التكنولوجية (41 في المئة) واستبدالهم بموظفين أصغر في العمر (44 في المئة).