ترى من يسرق فرحة البشر بالاعياد؟!!!
اليوم عيد وفرح .. كل عام وانتم جميعا ومصرنا العزيزة بألف خير وسلام وأدام الله الأعياد والأفراح ..فالأعياد هي قواعد ومراكز صناعة الفرح وتجديد طاقات السعادة والانطلاق إلى آفاق أرحب من السمو في العلاقات الإنسانية
والطهر والتطهير الذاتي وتحقيق حالة من الوئام والانسجام بين بني البشر ويبدو أن هذه هي الفلسفة الحقيقية لمفهوم ومقاصد الأعياد حتى تتجدد الافراح وتنمحي الاحزان..ويلتقط البشر أنفاسهم ولو بصورة إجبارية تخرجهم من الدائرة الجهنمية لمطالب الحياة وتضع نقطة ضوء تلفت الإنتباه تحث وتصدر أوامر انتبهوا أنها لحظات الفرح والسعادة ..دعوة صريحة ومباشرة للفرح والسعادة والشفافية والنقاء.
من المفارقات أن تسمع أصواتا ليست خافتة يرددها البعض همسا وجهرا. يشكون من أن الأعياد لم يعد لها طعم ولم يعد لها ذلك الزخم والرونق والبهاء الذي عاشوه قديما أو كانوا يشعرون به وكانوا يتلهفون على العيد ومناسباته وجولاته بين الأهل والأصدقاء والاصحاب وغيرهم!
الان العيد لم يعد سوى إشارة في أوراق التقويم. يوم إجازة . مناسبة لطلب منحة أو عيدية بأي وسيلة..
وبدأت تتلاشى الاحتفاليات بالعيد من ثلاثة أيام إلى يوم إلى مجرد ساعة عقب صلاة العيد..
والحقيقة رغم صدق ما يطرح إلا أنه يعكس حالة مزعجة ومخيفة إذا ما استمرت .. حالة كاشفة للعديد من الأمراض الاجتماعية والسوءات أيضا لا نملك الشجاعة الكافية والصدق مع النفس على الاعتراف بها ومعالجتها أو على الأقل نرفض الاستسلام لها خاضعين خانعين ..
الأعياد أصبحت منزوعة الفرحة وإن بقي الدسم.. من المقولات الخاطئة تماما لان الأعياد هي هي كما أرادها الله جوائز فرحة للمخلصين والمجتهدين في سعيهم من اجل الحياة الكريمة الهانئة وتطلعهم الى رضوان الله ورضاه وعفوه ومزيد كرمه وعطائه ..
الحقيقة أن ما تغير او فسد شيء آخر وليس العيد
اذا كنت لا تستطيع الفرحة أو لا تشعر بأن دليلها يخترق اوصالك ويداعب مسام جسمك أو لا تشعر بقيمتها وضرورتها فعليك البحث فورا في الأسباب والكشف عن المتغيرات والمنغصات التى سلبت منك الفرحة وحرمتك من الشعور باللذة حتى في أيام الجائزة التى جعلها الله ايام فرح وسرور شرعا عقلا ونقلا ..وما أكثر الأعياد والمناسبات التى تدعو للاحتفال والفرح بجد والتوسعة على النفس والأهل والمجتمع المحيط بك.. وفلسفة الأعياد في الإسلام واضحة ومعروفة لا لبس فيها ولا تأويل.. وقد جعل الاسلام العيد يوم
جائزة وتكريم يعقب طاعة مباشرة ولعل في هذا إشارة إلى الفرحة الحقيقية وأنها مرتبطة برضا الله وان مفعولها سار حتى يوم القيامة .
ولعل هذا هو ما دفع البعض إلى تفسير عدم ربط الإسلام أعياده بحوادث أرضية بأن الأرض وما عليها مصيرها الفناء و ربط أعياده بإنجاز الطاعات الإلهية التي لا تُفني ثوابها الأيام ثم هي تتكرر كل عام بتكرر القيام بالطاعة.
وقالوا إن لربط العيد بالطاعة معنى سامياً فهو يشير إلى أن الغاية الأولى للمسلم في الحياة إنما هي رضا الله وطاعته وتقوية الصلة به أما المكاسب الدنيوية فهي ثانوية وتكون مقبولة ومن جملة الطاعات إن أدت إلى رضا الله.
إذن من يسرق الفرح والفرحة ويسلب من العيد اهم صفاته ومميزاته ودواعي ومبررات وحيثيات وجوده وجوهر رسالته ؟!. السؤال رغم أنه حيوي وجوهري الا اننا لم نحاول الإجابة عنه بجدية وصدق على الأقل في طريق البحث عن فرحة .
أعتقد أن قائمة الاتهام ستطول وتطول وهي مصنوعة صناعة في هذا العصر ومع هذا الإنسان المتمرد على كل شيء حتى على نفسه الإنسان صاحب الوعي الشقي ويمكن القول إنه بلا وعي أحيانا أو صاحب وعي مزيف أو مسلوب الإرادة .. حشر نفسه في الزاوية الصعبة فهو دائما في حالة مطاردة “كش ملك” يبحث عن طريقة للهروب وغالبا لا يستطيع فيكون الهروب جنائيا أحيانا أو مرعبا أو يلقي بنفسه في دوامات المجهول..
إطلاق العنان للقول أو للتستر خلف لافتة ضغوط الحياة لم يعد مقبولا لا عقلا ولا نقلا ..وأضحت شماعة غبية لانها مصنوعة ومحبوكة لخداع النفس ومحاولة إرضاء غرورها وعنادها الفاشل لتستمر في الدوامة طوعا وكرها ..نعم هناك ضغوط وهذا شيء طبيعي لكن يضاعف منها ويجعلها دائما ثقيلة وتقترب حد الكارثة غياب حالة الرضا والقناعة.. والتطاول اللامعقول والانسيابية المفرطة حد الاستسلام مع ثورة التطلعات والرغبة في العيش في جلاليب كثيرة مهلكة ومفزعة ومضحكة ومخجلة احيانا.. لكن بفعل الغواية دائما والعناد احيانا ندخل فيها نلبسها ونتلبسها ونتحمل معاناتها ولا نرضى ولانريد التخلص منها..
وكأن هؤلاء البشر ساديون يتلذذون بالشقاء واللعب مع الشقاء والأشقياء..
واضح أن هناك حالة من سوء الفهم والخلط لكثير من المفاهيم التى تقود في كثير من الأحيان إلى ضياع الفرحة واخواتها وتعزز الشعور بالاحباط والانتكاسة رغم شدة التطلع والرغبات المحمومة في اقتناص الفرحة وتحقيق اللذة والانتشاء بالوصول إلى مرفأ السعادة ..
احلام السعادة تستدعي الكثير والكثير من الأسئلة والحوارات الضرورية لتحقيقها والحصول على حدها الأدنى على الأقل
ما الذي يفسد احلام السعادة ويعوق الوصول إليها أو يجعل الطرق إليها مسدودة أو معدومة ..
دعونا نفتش داخل أنفسنا اولا ونرى ماذا نصنع بها والاخرين وكيف يبني الكثيرون لايهم الحواجز والموانع ضدالفرحة أو يتغنون في أفسادها أو تفريغها من مضمونها وهم لا يشعرون حينا وهم مصرون بائسون احيانا اخرى.
ويحاول كل فرد أن يقرأ النتيجة بصورة صحيحة وصادقة وبلا انفعال وهو يضع نفسه على مقياس عدد من الأشواك أو الرزايا المستفحلة والموحشة في المجتمع المعاصر في مقدمتها الانتكاسة اللاأخلاقية والتردي السلوكي ومخاصمة معالم الادب والاحترام بين الأجيال وحتى داخل الأسرة الواحدة .. وماذا عن حالة الشره والطمع ومجافاة كل ما له صلة بالحلال ..
موجات الحقد وتسونامي الغل في النفوس وتصاعد حالات
العقوق للوالدين بصورة بشعة تنذر بقرب قيام الساعة عقوق لأتفه الأسباب وحتى بدون إلى جانب العقوق الأسري من جانب الكبار والصغار على السواء وهو ما يقود بداهة إلى حالة من العقوق المجتمعي ايضا..وهلم جرا..
ثم يتحدثون بعد ذلك عن فرحة ضائعة أو مسلوبة أو مسروقة
ويقولون بتبجح غريب الأعياد لم يعد لها طعم!
استقيموا عسى ربكم أن يرحمكم..
**يقول الشاعر العراقي مصطفى جمال الدين:
يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ
تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبـا
يا عيدُ عُدنْـا أعِدْنا للذي فرِحَتْ
به الصغيراتُ من أحلامنا فخبـا
مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا
مَنْ فَـرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ
لنا يـداهُ ومـا أعطى وما وَهَبـا..
والله المستعان ..
megahedkh@hotmail.com