وبحسب بيان صادر عن نقيب المحامين يوم 9 مايو الماضي، فإن اللقاء يتناول 6 قضايا مهمة جاءت كالآتي:
الموضوع الأول:
الاتجاه الذي استجد واشتكى منه نقباء الفرعيات، الذي يستهدف تحميل النقابات الفرعية باستهلاك الكهرباء والمياه لاستراحات المحامين بأبنية المحاكم.
وغنى عن البيان، وهو ما أرسلته كتابة للأستاذ المستشار الجليل مساعد وزير العدل، أن المحاماة تباشر رسالتها في أبنية المحاكم كجزء لازم ولا يتجزأ من العدالة منذ أكثر من قرن، ومنذ أنشئت نقابة المحامين عام ١٩١٢.
واقتضى ذلك أن تُخَصَّص استراحات للمحامين كجزء لازم لتأدية رسالتها بالمحاكم، وكواجب من واجبات العدالة في تهيئة الأماكن بأبنية المحاكم للعاملين في رحاب العدالة وفي مقدمتها المحاماة التي هي شريكة في إقامة العدالة.
ولم يحدث طوال تلك السنين الطويلة أن طلبت العدالة تحميل المحامين بقيمة الكهرباء والماء.
ومع كامل احترامي فلا يوجد مبرر مفهوم لمطالبة نقابات المحامين الفرعية الآن بتركيب عدادات إنارة ومياه.
هل أقول مثلاً إن دورات المياه في أبنية المحاكم دورات عامة توفرها أبنية المحاكم لكل المترددين عليها شاملة الجمهور والمتقاضين ــ فكيف بالمحامين؟!
هل أقول مثلاً إن إدارات المحاكم منعت المحامين من إجراء انتخاباتهم باستراحاتهم كما كانت تجرى من عشرات السنين، وهذا المنع لا يصدر إلاَّ من صاحب المكان، فكيف يمنع بصفته المالك المسئول عن إدارة المرفق العام بما يقتضيه، ثم يطالب بتركيب عدادات داخل أبنية المحاكم لتحميل المحامين بالمياه والنور، وهي جانب ضئيل جدا من نفقات العدالة لتهيئة مرافقها للقيام بواجباتها التي نشارك العدالة في النهوض بها.
لا ننظر بعين الرضا والاقتناع إلى هذا الطلب غير المسبوق مع نقابة المحامين، اللهم إلا بعد أن توليتها!
يبقى الود ما بقي العتاب!
وليس بيننا وبين العدالة إلاَّ كل الود والاحترام على طول السنين.
تأمل نقابة المحامين والمحامون إعادة النظر في هذا الاتجاه.
الموضوع الثاني:
إلزام المحامين قسرًا، بقانون القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، بنص يخالف الدستور والمبادئ العامة، بأن يستأدوا من موكليهم ضريبة القيمة المضافة المقررة على متلقي الخدمة، وجاوز الفرض ذلك إلى افتراض آخر أنهم استأدوها منهم فعلًا، ومن ثم يتوجب عليهم أداء قيمتها لمصلحة الضراب المصرية.
وقد كان من المؤسف أن هذا القانون مر تحت بصر المحامين أعضاء المجلس، والأستاذ النقيب السابق، والذي للأسف تنازل عن الدعوى الدستورية المرفوعة من النقابة طعنًا في هذه القاعدة التي أوردها، لولا أن تدخل أحد الزملاء مقيمي الدعوى من الطيّ، في الوقت الذي صدر فيه القانون رقم 147 / 2019 متضمنًا إلغاء الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1982، والتي كانت تنص على عدم جواز الترشح على منصب النقيب لمن أمضى فيه دورتين متصلتين مجموعهما ثماني سنوات.
ولما كان قانون ضريبة القيمة المضافة قد أضر بالمحامين إضرارًا بالغًا، فضلًا عن مخالفته للدستور، والمبادئ العامة، بأن يجعل المحامي «مأمور تحصيل»، وهي وظيفة موكوله بمأموري الضرائب لا بالمحامين!
لذلك فقد أرسلت في 14 / 9 / 2020 ــ خطابًا مسببًا إلى كل من رئيس الوزراء والأستاذ الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، طالبت فيه بأن تضيف الحكومة ومجلس النواب، مادة إلى قانون ضريبة القيمة المضافة تنص على عدم انطباقها على المحامين أسوة بالأطباء الذين أعفوا من هذا الفرض القسري الغير دستوري.
وعقدت في ذات يوم 14/9/2020 اجتماعًا مع الأستاذ بهاء أبو شقة رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، وعددًا من النواب المحامين، أقنعتهم فيه بأن ما أورده القانون لا يتفق مع الدستور والقانون، ويضر بالمحامين، ولم أتمكن يومها من الاجتماع برئيس المجاس الذي تصادف يومها سفره صحبة السيد الرئيس لأداء واجب عزاء في الإمارات العربية.
وبتغيير مجلس النواب، وتشكيل مجلس الشيوخ، خاطبت رئيسي المجلسين في 6/2/2021 في ذات الخصوص.
وذكرت في مكاتباتي آنفة الإشارة، أنه في الوقت الذي فرض فيه هذا التحصيل قسرًا على المحامين، استبعد الأطباء من هذا الواجب الشاذ، رعاية كما قيل لكون عميل الطبيب مريض في حالة ضرورة.
عملاء المحامين في حالة ضرورة أشد، ليس فقط لقيمة فاتورة الكشف الذي لا يستغرق إلاَّ دقائق، بينما أتعاب المحامي عن قضايا قد يستغرق نظرها وبذل مجهود فيها أعوامًا، ومن ثم فإن المطلوب من المحامي تحصيله من موكليه يفوق كثيرًا المطلوب من الطبيب تحصيله من المريض!
هذه واحدة.
والثانية أن حالة الضرورة أشد وأثقل في عملاء المحامين، فهم بين مهدد في حياته بحكم بالإعدام، أو مهدد في حريته بالسجن المؤبد أو السجن المشدد أو السجن أو الحبس، فضلاً عن الغرامات الثقيلة التي باتت بعشرات الألوف في مواد قانون العقوبات. وهم أيضًا بين مطالبٍ بحقًّ ضائع اغتيل منه بغير حق، أو وقايةً لحقه من التهديد والعدوان، أو طلبًا لإنصاف ضاع في خضم صراعات لا رحمه فيها ولا معقولية!
قصارى ما يستأديه الطبيب من مريضه محصور في جنيهات قليلة، عن كشف يستغرق دقائق، ومع ذلك أعفاهم القانون من استئداء هذه الضريبة من مرضاهم!
أما المحامي، فالمجبور على استئدائه كبير لأنه يصادف قضية يستغرق نظرها سنوات عديدة، مجدولة بما يقتضيه نظرها من جهود وانتقالات ومذكرات ومرافعات ومتابعات.
إن المحامي لو انصاع لهذا الفرض القسري الغير دستوري، لانصرف عنه القادم لتوكيله، واتجه إلى محام آخر!
الموضوع الثالث:
إلغاء أو تعديل الشرط التعسفي الوارد بالفقرة الثانية للمادة / 230 من قانون المحاماة، المعدل بالقانون 147 لسنة 2019، على أنه
لا يجوز القيد بالجدول العام (للمحامين) إلاَّ بعد الدراسة بهذه الأكاديمية (أكاديمية المحاماة والدراسات القانونية)، وحصول طالب القيد على شهادة إتمام الدراسة بها.
ولما كان هذا القيد لا مثيل له في التعيين في أي من مجلس الدولة، والقضاء، وهيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، حيث تكتفي كل هذه الهيئات بإجازة كلية الحقوق ــ الأمر الذي يعنى مخالفة تلك الفقرة للمادة /230 ــ لمبدأ المساواة، وهو مبدأ دستوري محل احترام وتطبيق، ومن ثم فإن مال تلك الفقرة إلى الحكم بعدم دستوريتها، بعد أن يكون قد ترتب عليها أوضاع يصعب تداركها.
لذلك فقد خاطبت رئيس مجلس النواب السابق في 8 / 7 / 2020، ورئيس مجلس النواب الحالي وكذا رئيس مجلس الشيوخ في 6 / 2 / 2021، لإعداد مشروع قانون موجز للعرض على مجلس النواب لإلغاء تلك الفقرة غير الدستورية، أو تعديلها بحيث تكون شرطًا للقيد في جدول محاكم الاستئناف، وهذا منطقي على اعتبار أن القيد بجدول المحاكم الابتدائية يستلزم الحصول على دورة معهد المحاماة، وهي أقل من الأكاديمية، ومن ثم يكون المنطقي أن تكون شهادة الأكاديمية للقيد في جدول الاستئناف وليس للقيد في الجدول العام.
الموضوع الرابع:
إعادة الفقرة الثانية للمادة / 136 من قانون المحاماة، والتي حذفت من المادة بمقتضى القانون 157 / 2019، وهو حذف ضد المبادئ الديموقراطية، وضد مصلحة نقابة المحامين، ويؤدي إلى تأبيد موقع النقيب، وما ينجم عن ذلك مما لا يغيب عن فطنة أحد.
وقد أرسلت في 11 / 3 / 2021 كتابًا إلى الأستاذ المستشار رئيس مجلس النواب، لإعادة الفقرة الثانية للمادة 136 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، كما كانت قبل إلغائها بالمادة الرابعة من القانون رقم 147 لسنة 2019، فاقدة صفة العمومية والتجريد، خدمة شخصية لمن تقدم بالمشروع، ومن ثم شابها عدم الدستورية.
وأوردت بيانًا لذلك أن إلغاء هذه الفقرة (الثانية) من نص المادة 136 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، قد فقد صفة العمومية والتجريد، حيث قصده ومرامه خدمة نقيب المحامين آنذاك، الذي تقدم بهذا المشروع، بفتح باب الترشح له لموقع النقيب مرة أخرى رغم أنه تجاوز الثماني سنوات مدة دورتين متصلتين، بل وأمضى في الموقع تسعة عشر عامًا، الأمر الذي شاب إلغاء هذه الفقرة بعدم الدستورية لافتقاده صفة العمومية والتجريد، ولا أزيد، فعلم معاليكم إلى ذلك أسبق.
وغنى عن البيان أنه يترتب على «التأبيد» في موضع نقيب المحامين، أضرار بالغة، وتداعياتها في منتهي الخطورة، حيث يتسرب إلى شاغل الموقع، والنقابة بأسرها، أنه باقٍ في موقعه، قابض على سلطاته ما دام حيًّا، فتعنوا له الجباه، ويسلم الجميع أمورهم للمقادير!!!
وغنى عن البيان أيضًا أن هذا «التأبيد» يخالف الاتجاه السائد في الدستور وكافة التشريعات المصرية، وينبو نبوًّا كريهًا عن فلسفة التشريع ومقتضيات الإصلاح.
هذا، وإذ أنقل ذلك إلى معاليكم، فإن نقابة المحامين تطلب إصدار نص واحد:
«يلغى إلغاء الفقرة الثانية من المادة / 136 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، ويعود النص إلى حالته قبل هذا الإلغاء الذي تضمنته المادة الرابعة من القانون رقم 147 لسنة 2019».
الموضوع الخامس:
تلقيت خطابًا من رئيس مجلس النواب في 1 / 3 / 2021، يشير فيه إلى أن أحد أعضاء المجلس، تقدم بمشروع مقترح استبدال نص المادة 59 من قانون المحاماة بنص آخر يتضمن اقتراح بإلغاء تحصيل نقابة المحامين لأي رسوم أو مصاريف تحت أي مسمى مقابل التصديق على العقود.
وطلب الأستاذ رئيس المجلس أن أوافيه برأي النقابة في سند التعديل المقترح، إعمالًا لنص المادة 77 من الدستور.
وقد رددت على سيادته في 3 / 3 / 2021 بما يلي:
تلقيت بكل الشكر خطابكم الكريم بشأن مشروع تعديل المادة (59)
من قانون المحاماة والمقترحة من السيد النائب/ عبد المنعم إمام، لتعديل قانون المحاماة بالنسبة لحالات وجوب توقيع محام للعقود لقبولها في الشهر العقاري، وإلغاء أي مقابل تتلقاه نقابة المحامين، وتحت أي مسمى، لقاء ذلك العمل وتلك الخدمة.
فإني إيماءً لما تقدم، أود أن أشير إلى أن المحاماة رسالة هامة في المجتمع، وشريكة للعدالة في إحقاق الحق والعدل، وتنهض نقابتها على تحقيق هذا الواجب، وتوفير المناخ والإمكانيات للأساتذة المحامين في القيام برسالتهم والوفاء بواجباتهم.
وليس يفوت أنه لقلّة فرص العمل المتاحة لخريجي كليات الحقوق التي تتزايد وتتزايد أعداد خريجيها، فإن نقابة المحامين تقوم بواجبها في توازن وأمان المجتمع، فتقبل في جداولها أعدادًا كبيرة، مراعيةً أن الخريجين والخريجات من كليات الحقوق من حقهم العمل، وهو حق دستوري وواجب، لم تبخل نقابة المحامين في إتاحة هذا الحق لهم، قائمة بواجبها في المجتمع.
وليس يفوت أيضًا أن تضخم أعداد المحامين زيادة كبيرة، نتيجة ما ألمحنا إليه، قد نجم عنه قلّة بل ندرة فرص العمل أمامهم بالقياس إلى الأعداد المتزايدة منهم.
وأول ما نرى أن النص المقترح لم يتفطن إليه، أنه يقلص تقليصًا شديدًا ومؤثرًا ومدمرًا من فرص المحامين والمحاميات في العمل، بل وفي المعاش والعلاج، ويغلق في وجه عملهم وحياتهم ــ بابًا أساسيًّا، إغلاقًا يكاد يكون تامًّا، وبصورة لا أتحرج من أن أبدى أن فيها مسحة من العداء للمحامين ورسالة المحاماة.
والنص المقترح في إغراقه في هذا الاتجاه، لم يراع لا التوازن، ولا أثر ذلك على فئة مهمة من فئات المجتمع، فرفع الحد المقرر في نص المادة (59) والموجب توقيعه من محام لإجازة تسجيل العقود بالشهر العقاري، رفعه من عشرين ألف جنيه فأكثر، إلى خمسمائة ألف جنيه فأكثر!!!، وفاته أن صياغة العقود مهمة قانونية فنية بالغة الأهمية، تسرى على العقود بعامة أيًّا كانت قيمتها، وتقى مراجعتها وضبطها، تقى مما ينجم عن سوء وضعف وخطأ الصياغة من ضياع الحقوق وكثرة المنازعات وزيادة أعباء القضاء ــ كمًّا وكيفًا ــ في القضايا التي تُرفع إليه بسبب كثرة المنازعات الناجمة عن سوء وخطأ صياغة العقود!
ولم يتفطن النص المقترح إلى أنه يؤدى أيضًا إلى هدم نقابة المحامين، وتدمير مورد من أهم مواردها التي تكفل القيام بواجباتها التي تنعكس على المجتمع بأسره، وخالف المبادئ الدستورية المتمثلة في حق العمل للأشخاص الطبيعية والمعنوية، لقاء مقابل، فإذا كانت الرسوم تستلزم صدور قانون، فلماذا لا يصدر هذا القانون
أو يراعى التعديل المقترح للمادة تضمين النص ما يحقق الغطاء القانوني لمسمى الرسوم.
على أن ما تحصله النقابة هو في العموم مقابل لعمل تؤديه وخدمة توفرها، ويمكن أن تتعدد أوصاف هذا المقابل، الأمر الذي عمد النص إلى المصادرة «الاستباقية» (؟!!!) على تعديل النقابة مسمى المقابل الذي تتلقاه لقاء عملها، وإذا بالنص المقترح يصادر مصادرة غير دستورية حق نقابة المحامين الدستوري في الحصول على «مقابل العمل» بل والمصاريف!، فيقول: «دون أي رسوم أو مصاريف» (!!!) تحت أي مسمى مقابل ذلك».
وغنى عن البيان أن ذلك النص يعقم موارد النقابة، ويعجزها من الوفاء بمعاشات المحامين وأراملهم وأيتامهم، ويدك صرح المظلة العلاجية التي يكفلها للمحامين وأسرهم.
أكتفي بهذه اللمحة الموجزة، فعلم معاليكم أوسع وأعمق، وأنتم الأصل في احترام الدستورية، وأولى بفهم رسالة المحاماة والدور الذي ينهض به المحامون، وأخشى ــ مع كامل الاحترام للسيد النائب مقدم المشروع ــ أن هذا النص سيخل بالسلام الاجتماعي وسيؤدى إلى «أزمة كبرى» أحسب أن النص المقترح لم يقدرها أو يتفطن إلى أبعادها، وتداعياتها.
واغتنم هذه الفرصة لأستحضر المذكرتين الموجزتين اللتين شُرفت بإرسالهما إلى معاليكم وإلى معالي المستشار الجليل رئيس مجلس الشيوخ، بشأن طلبنا استبعاد المحامين من ضريبة القيمة المضافة للأسباب المبداة، وإلغاء القيد الغير دستوري الوارد في فقرة من المادة 230 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 83 المعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2014 ــ بشأن ما اشترطته تلك الفقرة من عدم جواز القيد بالجدول العام للمحامين إلاَّ بعد اجتياز الدراسة بأكاديمية المحاماة والدراسات القانونية.
الموضوع السادس:
مناقشة ممارسات البعض التي تؤدي إلى تفتيت وهدم نقابة المحامين وتدمر نظامها الأساسي، والعمل النقابي.
وأخيرًا:
ما قد يستجد من أعمال.