تقرير جديد لمؤسسة ماعت ينتقد دور الحكومات وشركات التكنولوجيا في انتهاك حرية التعبير على الإنترنت
شريف عبد الحميد: شركات التكنولوجيا غير محايدة وتنتهك حرية الرأي وخير مثال ما حدث في غزة مؤخراً
كتب عادل احمد
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير جديد بعنوان “تعاون مجحف: دور الحكومات وشركات التكنولوجيا في انتهاك حرية الرأي والتعبير على الإنترنت” والذي أكد على أن الحق في حرية الرأي والتعبير على شبكة الأنترنت، هو حق من حقوق الإنسان، مكفول للجميع بموجب طيف من الاتفاقيات الدولية لاسيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهو بمثابة ركيزة ضرورية لإقامة مجتمع ديمقراطي ثري، وأشار التقرير إلى أن المواطنين في أنحاء مختلفة من العالم يعتمدون على شبكة الأنترنت، وزاد من الاعتماد على هذه الشبكة الاتجاه المتصاعد لاستخدام المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي في طيف واسع من الجوانب الحياتية لجميع البشر بلا استثناء، لاسيما في ظل أزمة جائحة كورونا الذي عجلت من اعتماد السكان على الإنترنت لأغراض متباينة.
وأوضح التقرير الأثر المترتب على الاستخدام المتزايد لشبكة الأنترنت، سواء من قبل المواطنين العاديين أو من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضين، وما يترتب على ذلك، من انتهاكات ممنهجة من قبل الحكومات لحرية الرأي والتعبير في الفضاء الإليكتروني، من خلال قطع الأنترنت في مناطق مختلفة لمواجهة أي تجمعات سلمية ضد الحكومات، أو عن طريق حجب المحتوى المناهض للحكومات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، أو عن طريق حذف محتوى معارضين، ومدافعين عن حقوق الإنسان أو مواقع إلكترونية بعينها تعتبرها هذه الحكومات بمثابة تهديداً لها. كما ركز التقرير على الدور التي تلعبه شركات التكنولوجيا في تهديد حرية الرأي والتعبير على شبكة الإنترنت بما يتوافق مع توجهات الحكومات. وتواطؤ شركات التكنولوجيا مع الحكومات المختلفة، يشكل تهديداً رئيسيا لحرية الرأي والتعبير على الأنترنت، ويخالف مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان ويجعل هذه الشركات، شريكاً أساسياً في انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار صرح أيمن عقيل الخبير الحقوقي ورئيس مؤسسة ماعت أنه خلال السنوات الماضية لجأت حكومات مختلفة إلى قطع الأنترنت لمواجهة أي تهديدات قد تتشكل من جراء التنسيق بين المحتجين وبعضهم البعض على وسائل التواصل الاجتماعي، أو استخدام هذه المنصات لحشد الجمهور للخروج في الشارع، كما تتحكم الحكومات في الشركات المزودة لخدمات الأنترنت، وهو ما ظهر جلياً عندما قامت الحكومة الإثيوبية بقطع وسائل الاتصال، عن أجزاء مختلفة في البلاد، أثر خروج مظاهرات تندد بمقتل الناشط والفنان من قومية أورموا الأثنية “هاشالو هوندسيا” بطلق ناري في ساحة غيلان في العاصمة “أديس أبابا”.
وأضاف عقيل أن الحكومة الإثيوبية تعتمد على قطع الأنترنت في أوقات التوتر والإضرابات من خلال إصدار أوامر إلى شركة الاتصالات الحكومية الوحيدة في الدولة. كما يجاهر المسؤولين في إثيوبيا علناً بقطع الأنترنت وعلى رأسهم “آبي أحمد” رئيس الوزراء الذي قال في وقت سابق إن “الانترنت ليس بالماء والهواء، وسيبقى وسيلة تلجأ لها الحكومة في أي توقيت من أجل الحفاظ على الاستقرار”، والأكثر من ذلك إنه هدد بقطع الأنترنت للأبد، حال استمرت الاضطرابات في بلاده.
وقد لجأت الحكومة الإثيوبية إلي وسيلة قطع الأنترنت بنفس الدرجة وأكثر في صراعها ضد جبهة تحرير تجراي الشعبية، ومنذ نوفمبر 2020 قادت إثيوبيا حملة عسكرية، نجم عنها طيف من الانتهاكات الجسمية والمجازر التي خلفت عدد غير محدود من القتلى، وهي انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب تستدعي المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت أن الحكومات خلال الفترة الأخيرة عمدت إلى قطع الأنترنت أكثر من 200 مرة في 33 دولة مختلفة، بما في ذلك قطع الأنترنت 60 مرة احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والسياسية وانتهاكات حقوق الإنسان، وفٌصلت مناطق بعينها عن العالم، ولم يعد بإمكان سكانها التواصل مع العالم الخارجي أو التواصل مع بعضهما البعض، كما حدث في الاحتجاجات الاخيرة التي شهدتها إيران، وأضاف عبد الحميد إن شركات التكنولوجياً متورطة بما لا يدع مجالاً للشك في انتهاكات حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في حرية الرأي والتعبير، وأن هذه الشركات في بعض الدول خضعت لابتزاز الحكومة أما طواعية، أو تفضيلاً لعامل الربح، على أي معايير أو مبادئ أخري تحافظ على خصوصية المستخدمين.
ومثلما هناك مسؤولية واضحة على الحكومات في احترام حقوق الإنسان بما في ذلك حرية الرأي والتعبير على الإنترنت فإن هذه المسؤولية تنطبق بالقدر نفسه على شركات التكنولوجيا مثل فيسبوك، وتويتر، وجوجل، وياهو. وبجانب الانتهاكات المتصلة بحقوق الإنسان فإن هذه الشركات اتضح عدم حيادها وتحيزها لصالح حكومات بعينها، وهو ما تجلي في حذف المحتوي الفلسطيني على هذه المنصات لصالح الحكومة الإسرائيلية إبان الحرب الأخيرة على غزة.