ارتياح القيادتين السياسيتين “التام” لما تشهده العلاقات من تفاهم بناء تجاه القضايا الإقليمية والدولية
إنشاء مجلس التنسيق العُماني – السعودي المشترك بين حكومتي مسقط والرياض للتشاور في جميع المجالات
كتب عادل احمد
عقد السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، وأخوه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، جلسة مباحثات رسمية بمدينة نيوم السعودية مساء أمس “الإثنين”.
وفي مستهل الجلسة، أعرب الملك سلمان بن عبدالعزيز عن ترحيبه الحار بالسلطان هيثم بن طارق في بلده الشقيق، مشيداً برسوخ العلاقات الأخوية القائمة، ومتانة الروابط التي تجمع بين الدولتين، وبما تم تحقيقه من تقدم على مختلف الأصعدة، مؤكداً أن هذه الزيارة ستُضيف الدعم والتعزيز لمزيد من التعاون الثنائي والتنسيق المشترك بين مسقط والرياض.
وأكد السلطان هيثم بن طارق أن السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكيمة، تمضي بعزم وثبات نحو مستقبلها المشرق، مشيراً إلى العلاقات بين السلطنة والمملكة وما يجمعهما من روابط أخوية وتاريخية مشتركة وطيدة، وموضحاً أن أوجه التعاون الأخوي في كافة المجالات مستمرة، ما يفتح آفاقاً أرحب لمزيد من التعاون الثنائي الذي يحقق آمال وتطلعات الشعبين العُماني والسعودي الشقيقين.
وعبر الزعيمان عن ارتياحهما التام لما تشهده العلاقات بين السلطنة والمملكة من تنسيق مشترك وتفاهم بناء تجاه القضايا ذات الاهتمام المتبادل، خاصة مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية في ضوء ما يشهده العالم من تطورات على مختلف الأصعدة.
وعقب جلسة المباحثات، تبادل السلطان هيثم بن طارق وأخوه الملك سلمان بن عبدالعزيز الأوسمة، حيث منح سلطان عُمان خادم الحرمين الشريفين وسام “آل سعيد” الذي يُعد أرفع الأوسمة العُمانية، كما منح الملك سلمان السلطان هيثم قلادة “الملك عبد العزيز” التي تُعد أرفع الأوسمة السعودية التي تُمنح إلى الملوك والرؤساء.
وقام السلطان هيثم بن طارق خلال زيارته التاريخية للسعودية، بزيارة سامية إلى مركز “إثراء” المعرفي التابع لمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بمدينة نيوم، وكان في مقدمة مستقبليه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة.
وتجول سلطان عُمان في أرجاء المركز، واطلع على خطط مشروع هذه المدينة الواعدة والمشاريع الاقتصادية والاستثمارية والسياحية التي ستشملها، ودون كلمة في سجل كبار الزوار للمركز أشاد فيها بجهود المملكة لإنشاء هذه المدينة ضمن رؤية “المملكة 2030″، داعياً الله أن تكلل جهود القيادة في السعودية بالتوفيق والسداد لإنشائها حتى تحقق مكانتها الاقتصادية المنشودة.
وفي إطار زيارة “الدولة” التي يقوم بها السلطان هيثم بن طارق للسعودية، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجلس التنسيق العُماني السعودي المشترك بين حكومتي السلطنة والمملكة الشقيقتين بحضور سلطان عُمان وخادم الحرمين الشريفين .. ووقع مذكرة التفاهم عن الجانب العُماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية، وعن الجانب السعودي نظيره الأمير فيصل بن فرحان.
وقد جاء التوقيع على مذكرة التفاهم لإنشاء مجلس التنسيق المشترك، استناداً إلى توجيهات عاهلي البلدين بهدف التشاور والتنسيق المستمر في الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في جميع المجالات، كما يأتي بهدف تعزيز واستدامة وتوسيع آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين والتوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بما يحقق المصالح المشتركة .. ويتطلع الجانبان لأن يُسهم المجلس في متابعة أوجه التعاون القائمة وسير العمل في المشاريع المشتركة وصولاً إلى التكامل في مختلف المجالات.
كما عُقدت عدة لقاءات بين مسئولي البلدين الشقيقين على هامش زيارة سلطان عُمان، حيث التقى عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني مع خالد الفالح وزير الاستثمار السعودي، وتم خلاله تحديد بعض الخطوط الأساسية المتفق عليها بين الجانبين عبر تمكين القطاع الخاص في البلدين والتطرق إلى بعض المشاريع التي سترسخ التكامل الاقتصادي بين السلطنة والمملكة.
وأوضح رئيس جهاز الاستثمار العُماني في تصريح له أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على تشكيل فريق عمل مشترك بين الجانبين لعمل الدراسات الأولية لتلك المشاريع، وقال إنه تم خلال اللقاء الترويج للميزات النوعية للمناطق الاقتصادية والموانئ العمانية، مؤكداً أن السلطنة ليست بوابة للشرق فحسب وإنما هي أيضا بوابة للمنتجات السعودية لشرق أفريقيا.
كما التقى سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات العُماني مع صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، وناقش اللقاء تعزيز التعاون بين البلدين في القطاع اللوجستي عبر التعاون في مجالات النقل البحري والجوي والبري وسكك الحديد وتفعيل المعبر البري الذي سيربط البلدين الشقيقين .. وقال وزير النقل العُماني في تصريح له إنه تم خلال اللقاء بحث إمكانية الاستفادة من التجربة السعودية في مجال التجارة الإلكترونية.
والتقى قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، مع ماجد بن عبدالله القصبي وزير التجارة السعودي، وتطرق اللقاء إلى مناقشة آفاق التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين الشقيقين وخطط عمل التعاون التجاري خلال الفترة المقبلة .. وقال وزير التجارة العُماني في تصريح له إنه تم خلال اللقاء التأكيد على أهمية وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين وانسيابية الحركة التجارية بينهما، والاتفاق على تشكيل فريق عمل من الجانبين لمناقشة ذلك.
من جانب آخر عُقد لقاء مشترك جمع كلًّا من رئيس جهاز الاستثمار العُماني ووزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، بوزيري الاستثمار والتجارة السعوديين، واستعرض اللقاء بعض المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، على أن يقوم جهاز الاستثمار العُماني والجهة المعنية بالاستثمار بالمملكة، بإعداد دراسات الجدوى للمشاريع الاقتصادية الحيوية في البلدين.
وكان السلطان هيثم بن طارق قد غادر مسقط أمس متوجهاً إلى مدينة “نيوم” السعودية، في زيارة (دولة) تستغرق يومين، تأكيداً على عمق العلاقات التاريخية بين السلطنة والمملكة، وانطلاقاً من حرص قيادتي البلدين الشقيقين على توثيق الروابط المشتركة التي تجمع بينهما، وتلبيةً للدعوة الكريمة التي تلقاها سلطان عُمان من أخيه خادم الحرمين الشريفين.
وفور وصول السلطان هيثم بن طارق والوفد المرافق له إلى مطار خليج نيوم، كان في استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان .. وقد أُجريت لسلطان عُمان مراسم استقبال رسمية، فلدى دخول الطائرة السلطانية أجواء المملكة رافقتها الطائرات الحربية التابعة للدفاع الجوي الملكي السعودي، ولدى وقوفها في المكان المخصص لها بالمطار .. بعدها اصطحب ولي العهد السعودي، سلطان عُمان، إلى منصة الشرف مروراً بين صفين من حرس الشرف من الحرس الملكي السعودي، وعُزف السلامان السلطاني العُماني والوطني السعودي، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحية له، فيما حلقت طائرات الاستعراض العسكرية فوق ساحة المطار للترحيب.
وبعد الاستقبال الحافل، أقام الملك سلمان بن عبد العزيز بقصر نيوم، مأدبة غداء رسمية على شرف أخيه السلطان هيثم بن طارق.
ويرافق السلطان هيثم بن طارق خلال الزيارة، وفد رسمي رفيع المستوى يضم كلا من: شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع، وخالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني، والفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني، وحمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، وبدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، وعبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، وسعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وقيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وفيصل بن تركي آل سعيد سفير السلطنة المعتمد لدى السعودية.