في امريكا بلد المنشأ للفيس بوك ضجة كبيرة الان حول ما تفعله تطبيقات الفضاء الالكتروني -الفيس واخواتها وتأثيراتها الضارة على المراهقين والمراهقات على وجه الخصوص..
انتفض الكونجرس وبدا في استدعاء كبار المسئولين عن الفيس بوك وفي مقدمتهم المؤسس مارك زوكربيرج والسبب تجاهل الشركة للدراسات العلمية التى قامت بها واثبتت الاضرار والتاثيرات السلبية لما يعرض على منصة انستجرام خاصة على المراهقات وتاثر اكثر من ثلثهن بالمحتويات الضارة.الكونجرس طالب باستجواب المسئولين عن الاسباب التى دفعتهم لتجاهل نتائج الدراسة وعدم حذف المحتويات الضارة والابقاء عليها.
قد يتفلسف البعض ويقول يحدث هذا في امريكا ونحن بعيدون وتحكمنا عادات وتقاليد مغايرة ولا اضرار مما يجري؟
والحقيقة ان هذا تفكير ساذج ويصل الى حد الخطيئة اذا تم غض الطرف عما يجري هناك اوفي اي مكان بالعالم يتصل بوسائل التواصل الاجتماعي عامة..لسبب بسيط انها جعلت العالم غرفة واحدة وليس قرية صغيرة كما كان يقال مع بدء ثورة الاتصالات فوسائل التواصل تمكنت من اختراق خصوصيات الخصوصيات وفرضت هيمنتها على قطاعات عريضة من الفتيان والفتيات ولعبت وتلاعبت بكل شيئ بالعقول والعواطف وعبثت في كل شيء حتى في الثوابت والقيم والاخلاقيات.
ونظرة واحدة على هذا العالم تتضح معه معالم الطوفان الهادر من كل صوب من الشرق والغرب ومن فوق الارض ومن تحتها السباق والصراع لا يتوقف لحظة او ثانية من نهار اوليل.
ويزداد الامر خطورة ونحن نرى التاثير المباشر على ارض الواقع وما يحدث في عالم الشباب مع انتشار التطبيقات الحديثة على الشبكة واغراءاتها وغواياتها للجميع شيبا وشبانا حتى تظن ان احدا لم ينج من تلك الحبائل الخبيثة.. ورغم الجهود المضنية في المقاومة والمتابعة للفرق الضالة والمضللة على تلك التطبيقات والكشف عن اعضاء كثر وتقديمهم للمحاكمة وصدور احكام رادعة ضدهم الا ان الخطر يزداد ويتمدد وتتعدد الطرائق للاختراق والاستحواذ والضرب في المليان والشباب هم ذخيرة اي امة واذا ما ضربت امة في شبابها فتلك هي الطامة الكبرى.
الم تلاحظوا حالات التمرد على القيم والاخلاق والانفلات والتفلت و نشر الرذائل والاعمال الاباحية ودعوات التعري وفيديوهات الهنك والرنك والسفالة وقلة الادب حتى بين افراد الاسرة الواحدة تحت ضغط والحاح الات جبارة صور وارسل مباشرة واركب التريند واحصل على الجوائز والارباح وغير ذلك ويقع البعض فريسة سهلة ويتفنن ويبدع و يستغرق في فعل كل غريب وعجيب يثير الضحك والسخرية والاشمئزاز والشفقة ايضا.(وما قضايا حنين ادهم واخواتها ببعيد وهن يقضين عقوبات بالسجن الان)
الاخطر في الموضوع هو اكتشاف العلاقة بين ما يحدث على تلك التطبيقات وتأثيره في زيادة معدلات الاحباط والانتحار بين المراهقين وهو ما كشفت عنه الدراسة التى اجرتها فيس بوك نفسها وتجاهلت نتائجها وعرضها للاستجواب امام الكونجرس.وعلى ما يبدو فان الشركة كانت تستشعر الخطر الداهم مما يجري والمنافسة في الاستحواذ على عقول الشباب.
الحكاية أن موقع فيس بوك اجري أبحاثا سرية منذ عامين بشأن تطبيق الصور إنستجرام.ووفقا لتسريب من الشركة ونشرته شبكة سي ان ان الامريكية فإنه منذ عام 2019 على الأقل كان الموظفون في الشركة يدرسون تأثير تطبيق الصور على الحالة الذهنية للمستخدمين الأصغر سنًا ووجد بحثهم مرارًا وتكرارًا أنه ضار بنسبة كبيرة وخاصة على الفتيات المراهقات.
وقالت شريحة “إننا نجعل مشكلات شكل الجسد أسوأ بالنسبة لواحدة من كل ثلاث فتيات مراهقات”.وان “32٪ من الفتيات المراهقات قلن أنه عندما يشعرن بالسوء تجاه أجسادهن فإن انستجرام جعلهن يشعرن بالسوء أكثروأضافت شريحة أخرى:”يلوم المراهقون إنستجرام على زيادة معدل القلق والاكتئاب “.
وذكرت تقارير: “إن تطبيق إنستجرام يؤدي إلى تفاقم بعض الازمات العقلية حيث تسعى الفتيات المراهقات أن تبدوا مثاليات”.وان “الضغط لمشاركة صور أفضل اللحظات فقط والظهور بمظهر مثالي يمكن أن يدفع المراهقين إلى الاكتئاب وتدني احترام الذات واضطرابات الأكل”.
من بين أكثر النتائج إثارة للقلق أنه من بين المستخدمين الذين أبلغوا عن أفكار انتحارية أرجع 13 ٪ في المملكة المتحدة و 6 ٪ في الولايات المتحدة تلك الأفكار إلى انستجرام.
ووجدت دراسة أخرى عبرالأطلسي أن أكثر من 40 ٪ من مستخدمي انستجرام الذين أفادوا بأنهم “غير جذابين” قالوا إن الشعور لديهم بدأ منذ تعاملهم مع التطبيق كما أن حوالي ربع المراهقين الذين أفادوا بأنهم “ليسوا جيدين بما يكفي” قالوا إن الشعور بدأ على انستجرام.
علماء الاجتماع والاتصال الجماهيري حذروا من خطورة وصول المراهقين الى مرحلة الإدمان لتلك الوسائل لانها تسبب الكثير من المتاعب الصحية لكثرة الوجود على هذه المواقع وترفع من حدة التنمر ضد الأطفال وتضاعف درجات الأرق لمن لا يستطيع الافتراق عنها خاصة وقد ثبت انها تولد للبعض ضغطاً عصبياً خصوصاً في حالات البحث عن حلول لمشاكل معينة أو النقاش الحاد مع آخرين.
وهذه ليست المرة الاولى التى يستدعي فيها الكونجرس مسئولي فيس بوك للشهادة والاستجواب فقد تم استدعاء مارك من قبل وسؤاله بشأن تسريب البيانات الخاصة بأكثر من 87 مليون مستخدم لشركة استشارات سياسية تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها وتحمل اسم “كامبريدج أنالتيكا” وبسبب الأخبار الكاذبة ومساعدة العملاء الروس فى التدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية واتهامات بالتجسس على مكالمات ورسائل المستخدمين. والتى ساعدت حملة “دونالد ترامب” الانتخابية خلال عام 2016.
سؤال مهم يطرح نفسه لماذا يفضل المراهقون “يوتيوب” و”إنستجرام” و”سناب شات” اكثر فيما يفضل الكبار الفيس بوك؟
الاجابة نجدها في نتائج دراسة اجراها مركز “بيو” الأمريكي للدراسات المتخصص بالإحصائيات وبتوجهات الشعوب كشفت أنّ موقع “يوتيوب” وتطبيقات “إنستجرام” و”سناب شات” هي أكثر منصات التواصل الاجتماعي شعبية في أوساط المراهقين واليافعين. وأظهرت الدراسة أن 85 % من المراهقين ينشطون على “يوتيوب” ولهم قنواتهم بينما ينشط 72 في المائة من المراهقين على “إنستجرام” ويتبادلون رسائلهم وأخبارهم عبره. كما ينشط 69 % من المراهقين على تطبيق “سناب شات”.
لكن بالماقابل ما زال 51 %من المراهقين يستعملون “فيسبوك”، فيما يفضل 32 % منهم التغريد عبر”تويتر”. سبب هذه الميول غالباً الهواتف الذكية التي شاعت بين المراهقين فباتوا متصلين بالإنترنت طوال اليوم وهذا ما قاله عدد كبير من الشباب.
وتسجل بعض القنوات الشهيرة التي يتابعها المراهقون على “يوتيوب” أرقام مشاهدة فلكية جعلت أصحاب تلك القنوات مشاهير في ذلك العالم الذي لا يعرف الكبار عنه إلا القليل، وباتوا من أصحاب الملايين بفضل هذه الشهرة ولهم متابعوهم المهووسون بهم حتى صار “يوتيوب” الوسط الفني المرئي المسموع للمراهقين وليس السينما أو التلفزيون.
ويلاحظ في كل مكان انشغال المراهقين المزمن بهواتفهم الذكية بل أنهم لم يعودوا يستعملون الكمبيوتر المكتبي أو المحمول إلا لماماً وتحت ضغط أهلهم واحتياجاتهم المدرسية.
المسألة جد خطيرة وتحتاج الى وقفة صارمة للحفاظ عل شبابنا من الذوبان في دوامات الفيس والانستجرام قبل ان يتسع الخرق على الراتع ويضربنا التيه الفضائي وتصعب طرق الانقاذ.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com