أن تقدم الأمم يقاس بمدي قدرتها على امتلاك التكنولوجيا المعاصرة واستخدامها في شتى مجالات الحياة، فقد أصبحت التكنولوجيا أو تطبيق الأسس والمبادئ العلمية في الواقع الميداني ضرورة أساسية في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة، كما أصبحت مكوناً أساسياً من مكونات العملية التعليمية، وقد ساعد على ذلك تنافس شركات الإنتاج لتقديم أشكال متعددة ومتطورة من المواد والأجهزة التعليمية التي تعين المعلم في كافة مراحل التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، على تقديم خبرات ثرية وتنظيم مواقف تعليمية نابضة بالحياة، وقد ترتب على ذلك أيضاً إدخال علم تكنولوجيا التعليم كمكون أساسي في برامج إعداد وتدريب المعلم على كل المستويات التعليمية.
وأصبح هذا العلم له مفاهيمه، ومجالاته، ومناهج البحث فيه، والتي أدت إلى إفراز أنماط عديدة من تكنولوجيا التعليم. لذا يلاحظ على العالم في الوقت الراهن أنه يمر بسلسلة من التطورات المتلاحقة، أدت إلى تغيرات في جميع مجالات الحياة بنواحيها المتعددة، ومنها الجانب التعليمي، الذي يمر في الفترة الحالية بمرحلة انتقالية تعصف بالطرائق التقليدية في عمليتي التعلم والتعليم، فهناك دعوات إلى تعلم بدون ورق، وبدون معلمين، ومكتبات بدون رفوف، مما يجعلنا في مرحلة إعادة النظر في طرائق التدريس، وتزويدها بأنواع متعددة ونافعة من مصادر التعلم التي تكون ذات نتيجة فعالة ومفيدة في عملية التعلم، وتدفعها بأسباب التقدم والتطور،
لما يعود بفائدة ذات قيمة على المتعلم. ويعتبر تطوير التعليم هاجس كل الدول التي تهتم بالتنمية البشرية وبناء جيل مثقف وواع، وبالتالي تضع هذه الدول كل إمكاناتها البشرية والمادية للوصول إلى آليات تخدم وتساهم في تطوير العملية التعليمية، باعتبار أن أغنى أنواع الاستثمار هو الاستثمار البشري. لذا فإن تفعيل مراكز مصادر التعلّم موضوع في غاية الأهمية، ويكون ذلك عن طريق لفت نظر جميع المعلمين بالمدرسة إلى مراكز مصادر التعلم، وعدم النظر إلى أنها مجرد مرفق عادي من مرافق المدرسة، بل يُنظر إليها على أنها مرفق أساسي وهام لا يمكن الاستغناء عنه في المدرسة العصرية خاصة أنها تحوي العديد من أوعية المعلومات الإلكترونية المتقدمة، وذلك لما لها من دور بالغ الأهمية في التكوين الثقافي والتربوي للطلاب فهي فضلا عن كونها مركزاً لتجميع مختلف أوعية المعلومات وتنظيمها وتيسير استخدامها لمختلف الأغراض التعليمية والتربوية.
فإنها تثري المناهج الدراسية وتخدم أبعادها المختلفة من ناحية وتدعم الأنشطة التربوية من ناحية أخرى. فالهدف الذي من أجله تم تأسيس مراكز مصادر التعلم هو توفير بيئة تعليمية تعلّميه مناسبة تتيح للمتعلم الاستفادة من أنواع متعددة ومختلفة من مصادر التعلم وتهيئ له فرص التعلم الذاتي ، وتعزز لديه مهارات البحث والاكتشاف، وتمكن المعلم من إتباع أساليب حديثة في تصميم مادة الدرس، وتنفيذها وتقويمها. وهذا بطبيعة الحال يتطلب من المعلم تغيير طريقة التدريس التقليدية (المحاضرة) وتطبيق طرائق تدريس أكثر فاعلية وإتاحة الفرصة للتعلم الذاتي والتعلم التعاوني. فهذه الدراسة تهدف إلى التعرف على واقع مصادر التعلم في مدارس التعليم العام، من خلال تأمين مصادر متنوعة ومتعددة من مصادر المعلومات. ومعرفة مدى إسهام مصادر التعلم في تأهيل الطلبة وإعدادهم. وتبيان واقع المراكز من حيث الموقع والتجهيزات والقوى العاملة وتنظيم المجموعات المكتبية.
كما تسعى الدراسة إلى تفعيل دور مركز مصادر التعلم داخل المؤسسة التعليمية من أجل تحقيق أعلى النتائج لمخرجات العملية التعليمة وتوفير أفضل العوامل المساعدة للهيئة الإدارية والتعليمية وطلاب المدرسة. وكما تهدف الدراسة إلى معرفة المعوقات التي تحدّ وتقلل من استخدام هذه المراكز في المدارس، سواء أكانت من مدير المدرسة أم المعلمين أم أمين المركز لأنهم هم الأشخاص المسؤولون الذين تقع على عاتقهم مسؤوليات تجاه استخدام مركز مصادر التعلم، وبالتالي العمل على تلافيها حتى تأتي بالنتائج المطلوبة للقيام بالعملية التعليمية بالطريقة الصحيحة والمطلوبة لمواكبة العصر الجديد من التطور التقني والتكنولوجي.
تغيرت أسس ومحاور القوة الاقتصادية للأمم والشعوب عبر التاريخ، إذ بدأت بالقوة البخارية وانتهت بالاقتصاد المعرفي عام 1990. ومنذ عام 1990 وليومنا هذا”:
اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الحواسيب والأجهزة الإلكترونية على القوة الاقتصادية للدول، وأصبح يُطلق على الدول المُخترعة والمطورة لأنظمة الحواسيب والمعلومات بالدول ذات الاقتصاد المعرفي، بمعنى أصبح الاقتصاد المعرفي هو أحد أهم المعايير الأساسية المحددة لتطور الدول وتقدمها، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا ودول اسكندنافيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند وغيرها هي الدول الرئيسية في هذا المجال،
الذي بات يشكل القوة الاقتصادية في عصرنا الحالي، والذي يتصف بانخفاض تكلفته الإنتاجية وتراكم أرباحه الهائلة مع مرور الوقت، على العكس من الأفرع الاقتصادية الأخرى التي قد تنخفض تكلفتها الإنتاجية ولكن تنخفض أرباحها لاكتفاء السوق منها بعد فترة من الزمن..
. لكن المثير للاهتمام هو ما يحدث الآن، فبينما تمثل تقنية المعلومات إلى حد كبير المحرك الدافع لعصر المعرفة، فإن الجزء الأعظم من الابتكارات في المستقبل، التي تؤدي إلى النمو الاقتصادي ليس من المرجح أن تكون ناتجة من التقنيات والمنتجات القادمة من المعامل بل من تطبيقاتها خارج المختبرات. كما أن الأنشطة والأعمال التي يشارك بها الأفراد، سواء كانوا مستهلكين أو مقدمين للخدمات، سوف تكون ذات أهمية خاصة. وهذا يعني أن فرصاً أكبر من أجل الابتكارات، والإنتاجية، وخلق فرص العمل، والنمو الاقتصادي يمكن الآن تحقيقها من خلال تطبيق التقدم الهائل في تقنية المعلومات والإنترنت، والتقنيات متناهية الصغر لمعالجة مشكلات سوق العمل والمجتمع عموما، في مجالات الصناعة، والرعاية الصحية والتمويل، ووسائل الإعلام. ولا شك في إن الاستثمار في أسواق تقنية المعلومات سيكون جوهر الاقتصاد القائم على المعرفة.
وعليه فإن المعرفة انبثق عنها اقتصاد المعرفة وعلى اقتصاد المعرفة تم إبناء إقتصادات قائمة على المعرفة التي تحقق التنمية المستدامة في ظل تبدل الموارد الفاعلة في النمو والتنمية.
وفي هذه الورقة سيتم التركيز على تعريف المعرفة وخصائصها، وماهية إقتصاد المعرفة ومفاهيمه، وأهميته وخصائصه واركانه ومقوماته، ومجالاته والقوى الدافعة له، وبنيته التحتية والفوقية ، والأستثمار فيه وغير ذلك من موضوعات ذات صلة بالإقتصاد المعرفي، ودورالإقتصاد القائم على المعرفة في تحقيق التنمية المستدامة في القطاعات المختلفة في الوطن العربي وعرض بعض التجارب الدولية لإقتصادات قائمة على المعرفة.
“فالإقتصاد القائم على المعرفة يعتبر مرحلة متقدمة من الاقتصاد المعرفي، أي أنه يعتمد على تطبيق الاقتصاد المعرفي في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية مثل التزاوج بين تكنولوجيا المعلومات مع قطاعات متعددة كالاتصالات مثل: (تشخيص الأمراض عن بعد، إجراء العمليات الجراحية عن بعد، الإنتاج عن بعد، عقد المؤتمرات عن بعد…) كلها تجعل الاقتصاد مبنياً على المعرفة والعلم، فالدول الصناعية الكبرى التي استفادت من منجزات الثورة العلمية التكنولوجية وسخرتها في صناعات تولد لها معارف ومكتشفات جديدة وتقنيات متطورة قد وصلت إلى مرحلة الاقتصاد المبني على المعرفة، أو ما يمكن أن نسميه مرحلة ما بعد الاقتصاد المعرفي، أما الدول التي تسعى إلى إنتاج المعرفة من ابتكار واكتساب ونشر واستعمال وتخزين للمعرفة فهي مازالت في طور الاقتصاد المعرفي”.
وهنا لأغراض هذه الدراسة سنستخدم مصطلح الإقتصاد القائم على المعرفة للدلالة على المصطلح الأشمل والأعم لأن الإقتصاد القائم على المعرفة يقوم باستخدم منتوجات المعرفة . وقد ظهرت أهمية اقتصاد المعرفة مع استخدام تقنيات المعلومات بدلاً من الموارد ورأس المال؛ ممّا ساهم بأنّ تصبح المعرفة من أهمّ عوامل تحوُّل الدول الناميّة إلى دول متطورة وحديثة، وانعكس تأثير هذا الشيء على التجارة الدوليّة، كما شكّلَ الاستثمار الخاص بالتكنولوجيا، والإبداع، والتطوير دافعاً لدعم النموّ الاقتصاديّ،
كَثُرَ استخدام مفهوم التنمية المستدامة في الوقت الحاضر، ويعتبر أول مَنْ أشار إليه بشكل رسمي هو تقرير” مستقبلنا المشترك” الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة عام 1987، وتشكلت هذه اللجنة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول عام 1983 برئاسة “برونتلاند” رئيسة وزراء النرويج وعضوية
شخصية من النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في العالم، وذلك بهدف مواصلة النمو الاقتصادي العالمي دون الحاجة إلى إجراء تغيرات جذرية في بنية النظام الاقتصادي العالمي.
وقد تم تعريف التنمية المستدامة بعدة تعريفات ولكن أكثرها شمولاً هو ” أنَّ التنمية المستدامة (Sustainable Development) تعرف بأنها التنمية التي تُلبي احتياجات البشر في الوقت الحالي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تحقيق أهدافها، وتركز على النمو الاقتصادي المتكامل المستدام والإشراف البيئي والمسؤولية الاجتماعية.”
فالتنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات، وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها.
وقد عرف تقرير برونتلاند الذي أصدرته اللجنة الدولية للبيئة والتنمية في عام 1987 بعنوان “مستقبلنا المشترك” التنمية المستدامة بأنها ‘التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون أن يعرض للخطر قدرة الأجيال التالية علي إشباع احتياجاتها”. وبذلك يتضح لنا أن التنمية المستدامة في الواقع هي “مفهوم شامل يرتبط باستمرارية وديمومة الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية والمؤسسية والبيئية للمجتمع”،
” وتتلخص الأهداف الرئيسة للتنمية المستدامة بما يلي:-
1- الإندماج والتكامل البيئي : وهذا يعني اندماج اهتمامات المحافظة على المحيط الحيوي في جميع أعمال المجتمعات البيئية وحماية النظم الطبيعية من إجراءات حماية البيئة.
2- 2- تحسين العدالة الإجتماعية: ويشمل ذلك تحسين جودة الحياة وإشباع حاجات المجتمعات البشرية الحاضرة والمستقبلية وإتاحة فرص العمل للجميع والخدمات الإجتماعية من خلال مشاركتهم في اتخاذ القرارات.
3- تحسين الفعاليات الاقتصادية : وهذا يعني تشجيع الإدارة المثلى والرشيدة للموارد البشرية والطبيعية، وذلك بإشباع حاجات المجتمع من خلال تحمل المؤسسات لمسؤولياتها تجاه المستهلكين للسلع والخدمات التي ينتجونها ويستخدمونها من خلال إقرار السياسات الحكومية المقبولة مثل مبدأ” ملوث /دافع”، دفع الضرائب وتحمل التكاليف البيئية والاجتماعية.”
دكتور القانون العام والاقتصاد
وخبير امن المعلومات
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان