كتب : علي حفني درويش
18 شهرًا مروا على 4 أشقاء عانوا خلالهم أشكالًا مختلفة من القسوة والعذاب من أقرب الناس إليهم “والدهم”، عقب سفرهم والإقامة معه في أحد الشقق السكنية
بمحافظة القليوبية، بسبب انفصاله عن والدتهم منذ حوالي 3 أعوام، وعدم قدرة الأخيرة التغلب على أعباء الحياة اليومية ومصاريف الدراسة بالمبلغ الذي حددته لهم محكمة الأسرة، وهو 1200 جنيه شهريًا.
“آلاء، ومصطفى، ومحمد، وأحمد” أشقاء أربعة عاشوا حوالي عام ونصف العام بعيدًا عن رعاية والدتهم، المنفصلة عن والدهم، ليواجهوا عنف وقسوة والدهم وزوجته الجديدة، ومنها منعهم الخروج للشارع إلا ذهابًا للمدرسة أو إلى الطبيب، عقابًا لهم لتعلقهم الشديد بوالدتهم وعلمه بذلك، ولم يتوقف عقاب الأطفال الصغار عند هذا الحد بل تطور إلى منعهم السفر لمسقط رأسهم ورؤية والدتهم التي تقيم بمسكن والدها بدائرة مركز شرطة طما شمالي محافظة سوهاج، طوال تلك المدة رغم مرور عدد من المناسبات المختلفة عليهم، بما في ذلك عيدي الفطر والأضحى.
تتوالى طوال هذه الفترة أشكال عنف وعقاب الأب لأبنائه، فمنذ بضع شهور اعتدى الأب الذي أصبح يعامل أبنائه بقسوة ويعاقبهم بأبشع أنواع العقاب بالضرب على أحد أبنائه الذكور، ليُسبب له كسرًا بالذراع يجرى تركيب شرائح ومسامير له حتى يستقيم ذراع جسده النحيل.
الخميس الماضي 25 من شهر نوفمبر الجاري، كان هو اليوم الأصعب الذي مرَّ على الأطفال الأشقاء، عقب مشاهدتهم من هو أحن الناس عليهم بعد والدتهم يعتدي بالضرب بسلك كهربائي على شقيقتهم “آلاء” 12 عامًا طالبة بالصف الأول الإعدادي وهي تستغيث وتتوسل إليه أن يكفَّ عن ضربها حتى فارقت الحياة، ليتركها في إحدى غُرف شقته السكنية بمحافظة القليوبية، وينزل إلى الشارع يبحث كيف يستخرج لها تصريح دفن ويواري التراب جسدها في مقابر القليوبية.
يفشل الأب الذي تجرد من مشاعر الرحمة والحنان تجاه أولاده أبناء طليقته، وتخمر في عقله فكرة السفر بها إلى مسقط رأسها بطما، يُحضِر سيارة ملاكي ويُقِل جثمان ابنته التي فارقت الحياة بعد وصلة تعذيب على يديه وسط بكاء وصراخ أشقائها، ويضعها على أريكة السيارة الخلفية ويجلس بجوارها، ويصل بها إلى منزل أسرته في الصعيد في ساعة متأخرة من الليل.هاتف الأب الجاني مفتش الصحة في الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضية يخبره بحاجته إلى استخراج تصريح دفن لابنته التي فارقت الحياة بعد صراع مع المرض، ليطلب منه الموظف أي تقارير أو روشتات طبية تفيد بمرضها أو ما تتلقاه من علاج ليكتب في تصريح دفنها سبب الوفاة، يعجز الأب عن إقناع مفتش الصحة بموتها الطبيعي – على خلاف الحقيقة – ليتصل شقيق والد الطفلة “عمها” بمفتش الصحة ويطلب منه إنهاء استخراج تصريح الدفن لابنة شقيقه ويروي سبب لوفاتها خلاف ما ذكره والدها، ليدب الشك لدى موظف الصحة، وبعدها بأقل من ساعة اتصل أحد أقارب والد المجني عليها بمفتش الصحة ويروي سببًا ثالثًا لوفاة الطفلة ليتيقن الموظف المسئول عن استخراج تصريح الدفن أنه توجد شبهة جنائية في الواقعة، ويريدون إخفائها، وعندها طلب منه الموظف الذهاب بالطفلة إلى مستشفى طما المركزي لاستخراج تصريح دفن.حاول الأب المتهم مجددًا إخفاء جريمته فَغَسَّلَ ابنته المتوفاة وألبسها الكفن وجهزها للدفن، وتوجه بها رفقة اثنان من أشقائه لمستشفى طما المركزي، ليفاجئ أطباء المستشفى بأن الطفلة تظهر عليها آثار تعذيب بلغت 72 إصابة بمختلف أنحاء جسدها وجرح غائر بمقدمة الرأس ينزف دمًا، لتُبلغ نقطة شرطة المستشفى بالواقعة، عندها فر شقيقي المتهم الذين حضرا مع والد المتوفاة بسيارتهم الملاكي.وتحفظ أطباء المستشفى على جثمان الطفلة بمشرحة المستشفى، وضبطت مباحث مركز شرطة طما الأب وبسؤاله عن الإصابات التي تظهر بجسد ابنته فجر المتهم المفاجأة قائلًا: “إنه شاهد المجنى عليها رفقة شقيقها “أحمد” 8 أعوام يقيم بمنزله بالخصوص بمحافظة القليوبية في وضع مخل ، ما دعاه للاعتداء عليها بالضرب المبرح مستخدمًا في ذلك سلك كهرباء حتى فارقت الحياة، عقب ذلك نقلها لقريته بدائرة مركز طما لدفنها بمقابر الأسرة”.كان مدير أمن سوهاج، اللواء محمد شرباش تلقى إخطارًا من مركز طما بورود إشارة من المستشفى المركزي بوصول “آلاء. خ” 12 عامًا طالبة بالصف الأول الإعدادي وتقيم طرف والدها دائرة قسم الخصوص بمحافظة القليوبية جثة هامدة.قررت والدتها “إيمان. ب” 34 عامًا مطلقة وتقيم دائرة المركز بأنها مطلقه منذ 3 سنوات، وأن ابنتها المتوفاة وأشقائها يقيمون طرف والدهم “خالد. م” 37 عامًا عامل ويقيم دائرة قسم الخصوص بمحافظة القليوبية وله محل إقامة دائرة المركز، واتهمته بالاعتداء على ابنتها بالضرب والتسبب في وفاتها.جرى ضبط المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكابه للواقعة بتاريخ 25 من شهر نوفمبر الجاري عقب مشاهدته للمجنى عليها رفقة شقيقها “أحمد” 8 أعوام يقيم بمنزله بذات الناحية في وضع مخل ، ما دعاه للاعتداء عليها بالضرب المبرح مستخدمًا في ذلك سلك كهرباء حتى فارقت الحياة، عقب ذلك نقلها لقريتة بدائرة مركز طما لدفنها بمقابر الأسرة.بتوقيع الكشف الطبي على جثة المتوفاة بمعرفة مفتش الصحة أفاد بوجود إصابات بالجثة عبارة عن كدمات وسحجات متفرقة بالجسم، ولا يمكن الجزم بسبب الوفاة؛ لمرور حوالي 12 ساعة على وفاتها ويشتبه جنائيًا في الوفاة. حُرر محضر بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيقات