مصر تشهد نهضة كبيرة فى التشييد والبناء وإنشاء حوالى 30 مدينة جديدة ذكية تتوافر فيها كل وسائل التكنولوجيا الحديثة والتخطيط العمرانى المتميز، بالإضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وطفرة كبيرة فى البنية الأساسية بهدف تحسين جودة حياة المواطن المصرى، ولكن هناك بعض الظواهر السلبية، خاصة فى المدن القديمة وعواصم المحافظات، أتمنى القضاء عليها حتى يكتمل بهاء الصورة، ليس فقط أمام المصريين، ولكن أيضاً فى عيون زوار بلدنا من الأجانب.
الظاهرة الأولى هى انتشار المتسولين فى الشوارع والطرق والميادين الرئيسية ووسائل المواصلات العامة، وأصبحت حرفة ومهنة لأسر كاملة تلاحق المواطنين والسيارات بأساليب أقرب إلى الابتزاز وليس التسول.
ربما يكون بعضهم فعلاً فقيراً، ولكن أكثرهم لا يستحق، ولذلك أتمنى أن تتعامل الدولة مع هذه الظاهرة بجدية وتبحث وراء كل هؤلاء المتسولين، فالذى يستحق منهم الإعانة يمكن ضمه إلى منظومة الضمان الاجتماعى أو توفير مصدر دخل له من خلال منظمات المجتمع المدنى، أما الذى لا يستحق فيجب معاقبته حتى تصبح شوارعنا خالية من المتسولين.
الظاهرة الثانية مثل الأولى تماماً وهى انتشار «السُياس» رغم صدور قانون (ما زال حبراً على ورق) لمنعهم أو لتنظيم هذه الوظيفة الدخيلة علينا إلا أنها ظاهرة تتفاقم وتنتشر، ومعظم من يمتهنها «مسجلين خطر» أو خريجو سجون وقاموا باحتلال الشوارع غصباً، ويقال إن هناك بعض المسئولين يتسترون على هؤلاء البلطجية مقابل إتاوات معلومة، وأصبح مطلوباً من كل مواطن أن يدفع لهؤلاء مقابل انتظار سيارته فى أى مكان حتى ربما أمام منزله، وهناك مشكلات عديدة ومشاجرات يومياً بسبب هذا البلاء، الذى يجب على الدولة استئصاله من جذوره.
الظاهرة الثالثة هى انتشار الكلاب، لا توجد إحصائية دقيقة عن أعدادها فى الشوارع، فهناك من يقول إنها 10 ملايين، وهناك من يراها 20 مليوناً وأكثر، أياً كان الرقم فهو بالملايين، وحتى يعلم الجميع حجم المشكلة، لا بد من عرض نتائجها الكارثية على البلد.
أولاً، الدولة تنفق مئات الملايين على علاج المواطنين الذين يتعرّضون يومياً للعقر (العض) من الكلاب الضالة، ربما تصل إلى نصف مليار جنيه سنوياً، بالإضافة إلى الأموال التى ينفقها المواطنون من جيوبهم.
ثانياً، هناك وفيات كثيرة بمرض «السعار»، خاصة عند الأطفال الذين يتعرّضون للاعتداء من الكلاب الضالة ثم يخافون أو يهملون إبلاغ أهاليهم بذلك.
ثالثاً، أننا نستورد المصل أو اللقاح المستخدم فى علاج مرض السعار، وإنتاجه أصبح قليلاً وغير متوافر فى الأسواق، ويُقال إن المصانع التى تنتجه حوّلت خطوطها لإنتاج أدوية أخرى، لأن معظم الدول تغلبت على مشكلة الكلاب الضالة، وبالتالى ينخفض الطلب على المصل.
رابعاً، انتشار الكلاب الضالة بهذا الشكل المخيف يعكس صورة سيئة عن مصر أمام زائريها الأجانب، سواء كانوا سائحين أو مستثمرين أو مسئولين، ومؤكد أنه يؤثر سلباً على الاستثمار والسياحة.
خامساً، الكلاب الضالة منتشرة فى كل المحافظات، بالمدن والقرى والأحياء الراقية والشعبية، حتى مدينة شرم الشيخ تشتكى منها، وهناك نحو 400 ألف شكوى سنوياً من الكلاب الضالة.
سادساً، انتشار وتراكم القمامة فى الشوارع أسهم فى زيادة وتكاثر الكلاب والقطط.
هذه الظواهر الثلاث تسىء لصورة مصر وتشوه إنجازات الدولة، والقضاء عليها لا يحتاج إلى موارد بقدر حاجته إلى الإخلاص مع تطبيق القانون.. والله الموفق والمستعان.
كاتب المقال مدير مدرية الطب البيطرى بالوادى الجديد