أبرز ما لفت نظري في أزمة سقوط الطفل المغربي ريان في البئر، رسائل التضامن التي أرسلها له أطفال سوريا وفلسطين واليمن والذين يعيشون في ظروف سيئة جدا داخل المخيمات في بلدانهم . وتناقلت وسائل الإعلام العالمية صورة لطفلين سوريين لا يتجاوز عمرها 6 سنوات يقفان داخل أرض مخيم أغرقتها مياه الأمطار ، وخلفهما خيام مهترئة لا تقي من البرد أو الشرد ، ويرفعان لافتتين مكتوب عليهما :” من الخيمة إلى البئر .. سلامتك يا ريان “. وهي عبارة بسيطة تعكس البراءة ، ولكنها في الواقع تحمل معاني عميقة ، ومعاني كبيرة فهمها الصغار ، وغفل عنها الكبار.
سمع وشاهد هؤلاء الأطفال أن العالم كله إهتم بمشكلة الطفل ريان وبذلوا كل ما في وسعهم لإخراجه من البئر ورابطت وسائل الإعلام العالمية بجوار البئر على مدار الساعة لتتابع لحظة بلحظة جهود إنقاذه . بينما ملايين الأطفال في سوريا وفلسطين واليمن يعيشون منذ سنوات في ظروف صعبة جدا لا يتحملها بشر، ويموت منهم المئات يوميا بسبب الجوع أو المرض أو برصاص المتحاربين ، ولكن العالم يتجاهل محنتهم ، وتصمت وسائل الإعلام عن مأساتهم .
وتشير الأحصائيات الموثقة إلى أن الأطفال في سوريا وفلسطين واليمن يعيشون حياة مأساوية.
فقد كشف تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بمناسبة مرور عشر سنوات على اندلاع الحرب في سوريا، أنها تسببت في مقتل وإصابة حوالي ١٢ ألف طفل . وأن أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخمس سنوات في سوريا يعانون من التقزُّم نتيجة سوء التغذية المزمن . وأن حوالي 90 % من الأطفال السوريين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، في حين أن حوالي 2.45 مليون طفل في سوريا و750 ألف طفل سوري إضافي في الدول المجاورة لا يذهبون إلى المدرسة، 40 % منهم من الفتيات.
أما بالنسبة لأطفال اليمن بعد مايزيد على ست سنوات من الحرب المدمرة، فتكشف تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن نحو مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في بلد يصنف ضمن أسوأ البلدان لحياة الأطفال في العالم. وتشير تقديرات وزارة الصحة اليمنية إلى أن هناك أكثر من مئة ألف طفل يمني يموتون سنويا نتيجة الأمراض الفتاكة. وبجانب ما يعانية الأطفال اليمنيون من أمراض وجوع، وتشريد وقصف جوي، فإنهم يواجهون أخطارا أخرى منها خطر الألغام وظاهرة التجنيد القسري.
أما مأساة أطفال فلسطين تحت الإحتلال الاسرائيلي منذ 73 عاما فيكفي أن يكشف عنها رد ضابط كبير من النيابة العسكرية الإسرائيلية على تساؤل للوفد البريطاني المشكّل من تسعة رجال قانون حول إعتقال الأطفال الفلسطينيين ، فأجاب قائلا : “إن كل طفل فلسطيني هو مخرب محتمل”. كما رصد تقرير للأمم المتحدة 1031 انتهاكًا ضدّ الأطفال الفلسطينيين في عام 2020 .
وأصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرا عقب الحرب الأخيرة التي شهدها قطاع غزة في مايو 2021، أظهر أن 9 من بين كل 10 أطفال في قطاع غزة، يعانون إحدى أشكال الصدمة المتصلة بالنزاع .
تلك الأرقام المعلنة ، وما خفي كان أعظم ،تكشف عن حقائق مرعبة تدين الصمت العربي والاسلامي والدولي. وتفضح عدم التحرك بشكل جادي لوقف تلك الحروب التي تدور رحاها في المنطقة ، والتي يكون الأطفال أول ضحاياها، رغم أن الأطراف الفاعلة معروفة للجميع .
Aboalaa_n@yahoo.com