تختلف طرق المكافحة تبعًا للنظام الضريبي بشكل عام ولكل ضريبة بشكل خاص، وتسعى الدولة جاهدة إلى مكافحة التهرب بالوسائل الممكنة كافة. وفي واقع الأمر فإن مكافحة التهرب الضريبي يتم بالعمل على منع وقوعه وعلى معاقبة مرتكبيه
ا ن الدولة جادة فى مكافحة التهرب الضريبي بكل أشكاله بقوة القانون؛ بما يضمن إرساء دعائم العدالة الضريبية، وتحصيل قيمة الضرائب المستحقة من الممولين أو المكلفين وفقًا للضوابط والإجراءات القانونية المقررة؛ باعتبارها واجبة الأداء وهى حق الشعب؛ على النحو الذى يُسهم في تعظيم إيرادات الخزانة العامة للدولة وتلبية طموحات المواطنين في العيش الكريم والارتقاء بمستوى الخدمات العامة المقدمة إليهم، موضحًا أنه لن يتم السماح لأحد بالتلاعب أو التحايل في الإقرارات الضريبية للتهرب من دفع قيمة الضرائب المستحقة، من خلال التضليل والإيهام بتراجع الأرباح،
ولن يتم التهاون أبدًا مع أي محاولات للإضرار بحق الدولة، ومصلحة الضرائب مستمرة في مواجهة ذلك باتخاذ كل الإجراءات القانونية الرادعة ضد كل من تسول له نفسه خيانة الأمانة والمسئولية الوطنية وخلع رداء النزاهة والشرف والمهنية.
الفرع الأول : منع وقوع التهرب الضريبي: ويتحقق ذلك بالدرجة الأولى إذا أمكن إزالة أو –على الأقل- تخفيف الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى التهرب، وتستخدم الدولة في هذا المجال الوسائل التالية: التهرب الضريبي.
أولا- تبسيط النظام الضريبي ووضوح القواعد الضريبية وسهولتها: فكلما كان النظام الضريبي سهلا وكانت المعدلات واحدة والتخفيضات والإعفاءات واضحة لا مجال للخلاف عليها، أدى إلى اقتناع المكلف بوجوب دفع الضريبة وحمله على عدم التهرب منها، وإصلاح التشريع الضريبي عن طريق وضع الصياغة القانونية السليمة
بعد استبعاد الأحكام التي قد تكون متعسفة، ويحسن في هذا المجال أن يشترك الفقه القانوني والفقه المحاسبي مع الفقه الاقتصادي والمالي في إقامة هذه النصوص التشريعية للعمل على سد الثغرات وتصحيح الخاطئ واستكمال الناقص وحسم الخلافات الفقهية عند التطبيق.
٢- عقوبات التهرب الضريبي: مع كل هذه الإجراءات لمنع التهرب لم تنجح أي دولة من الدول في منعه كليًا، ولذلك تضطر الدول إلى توقيع عقوبات على المتهربين المخالفين للقانون. والواقع أن تقرير هذه الجزاءات والعقوبات قد يفيد أيضا في منع التهرب، ذلك أن التهديد بتطبيقها قد يؤدي إلى امتناع بعضهم عن الغش، أو على الأقل يجعل بعضهم يتردد في الإقدام عليه. والعقوبات هي طريقة زاجرة تمنع التهرب بشرط أن تطبق بصرامة،
وقد تكون هذه العقوبات مالية وجزائية، والعقوبات المالية هي الأكثر شيوعًا في حين تكون العقوبات الجزائية –كعقوبة السجن- لمن يحاول إخفاء مطرح الضريبة، وُتطبق عادة في التهرب غير المشروع، حيث تلجأ بعض التشريعات إلى تقرير بعض العقوبات الجنائية البدنية في حالات الغش الخطيرة التي تصاحبها أعمال احتيالية.
وينصح بعضهم عادة بالتقليل من اللجوء إلى الجزاءات البدنية خشية ازدياد كره المكلف للضريبة. وتكون العقوبات المالية كالغرامات الضريبية والإضافات ومضاعفة الضريبة وتطبق في التهرب المشروع، فالمكلفون الذين يسجلون في القيود الحسابية عمليات غير صحيحة أو غير كاملة أو يبرزون إثباتا لهذه العمليات وثائق أو معلومات خطية تحقق عدم صحتها يجب أن يعاقبوا بالعقوبات المناسبة. ويعد في حكم العمليات غير الصحيحة أو غير الكاملة كل سهو في القيد أو خطأ يقصد من ورائه
تهريب أو إخفاء كل المبالغ الخاضعة للضريبة أو بعضها من مطرح الضريبة، أو إبراز كل وثيقة أو مستند يتحقق عدم صحتها ومن شأنه تثبيت محاولة ترمي لإخفاء مبالغ تسري عليها الضريبة إذا ثبت عدم وجود النية للتهرب من مطرح الضريبة ولم يكن نقص التكليف ناشئًا عن اختلافٍ في التقدير، فمن حق لجان فرض الضريبة (الدوائر المالية) عدم تطبيق العقوبة. أما إذا استعمل المكلف طرقًا احتيالية بغية التهرب من ضريبة الدخل، كأن يستعمل أساليب احتيالية في إخفاء بعض أوجه نشاطه، أو قدم وثائق ومستندات مزورة تأييدًا لقيوده أو عمد إلى القيام بمشتريات أو مبيعات بأسماء وهمية أو مسك.
أولا- الاستنتاجات:
1- أن احد الأسباب التي أدت إلى تعميق الفجوة بين المكلف والإدارة الضريبية، هي قدم التشريعات الضريبية المطبقة ، وكثرة وتعدد وتشابك القوانين الضريبية المطبقة حيث تعرضت أحكام هذا القانون إلى تعديلات كثيرة ومتواصلة أوجد حالة مـن عـدم الاسـتقرار القانوني في تطبيقه، فضلاً عن المبادئ القانونية والفنية الجديدة التي جاءت بها تلك التعديلات والتي خلقت مزيـداً من الغموض بالنسبة ( للمخمنين والمدققين او المكلفين).
2- انخفاض مستوى الوعي الضريبي للمكلفين اتجاه الضريبة وبالنتيجة انخفاض الالتزام الضريبي، سببه تجاهل وإهمال تبنـي البعد الوطني والأخلاقي للمكلف اتجاه قضية الضريبة، حيث يعد الوعي الضريبي واحد من أهم العوامل الاجتماعية المحددة لتطبيق مبدأ قانونية فرض الضريبة.
3- أن الإجراءات التي تتبعها الدوائر الحكومية ومن ضمنها الدوائر الضريبية في بعض الأحيان تتسم في التعقيد مما قـد يساهـم فـي أتسـاع نطـاق الممارسات المتعلقـة بالفساد الإداري والمالي والتي تجعل العلاقة القائمة بين المكلف والإدارة الضريبية تتسم بالشك وعدم الثقة.
4-إن انخفاض نسبة التعاون والتنسيق بين الدوائر الضريبية ودوائر الدولة والهيئات المحلية والنقابات المهنية والمؤسسات الخاصة مما قلل نسبة رفد الدوائر الضريبية بمعلومات عن المكلفين. ثانيا – التوصيات:
1-ضرورة تحديث التشريعات الضريبية مع متابعة المشكلات التي يفرزها عند التطبيق والعمل على سد كل الثغرات التي تظهر أثناء التنفيذ , مع الالتزام بالقواعد المستحدثة ومن أهم تلك القواعد قاعدة الاستقرار التي تـنادي بتجـنـب التعديلات المستمرة في التشريع، مما يجب مراعـاة استقرار وثبات تغيير الضريبة وحصـر التعديلات في أضيق مجال، وذلك يتطلب التزام (الإدارة الضريبية) بدورها التنفيذي لتطبيق القانـون.
2– ضرورة العمل على تنمية الوعي الضريبي لدى المكلفين والعمل على إزالة الحاجز النفسي بين المكلفين والإدارة الضريبية من خلال الندوات والنشرات والإعلام وإصدار مجلة سنوية بهذا الخصوص وتزويد المكلفين بكافة المعلومات والتغيرات والتعديلات إلى تجري على القوانين الضريبية مع بيان أن الالتزام الضريبي ( واجباً وطنياً وأخلاقياً، وتكليفاً شرعياً واختيارا حراً) اتجاه الضريبة.
2-يمكن للإدارة الضريبية خلق ثقة متبادلة مع المكلفين وزيادة الالتزام الطوعي من خلال تبسيط وتسهيل الإجراءات المتبعة في الدوائر الضريبية، والعمل على تطبيق مبدأ المساواة والعمل على زيادة الحوافز التشجيعية للملتزمين في تقديم الكشوفات من خلال تنظيم سجلات بأسماء المكلفين الملتزمين والمخالفين والتعامل معهم مستقبلا” على هذا الأساس , وفي نفس الوقت فرز أسماء المكلفين التي تؤشر عليها حالات عدم موثوقية..
4- ضرورة التنسيق والتعاون المستمر بين الدوائر الضريبية ودوائر الدولة والهيئات المحلية والنقابات المهنية والمؤسسات الخاصة حول ما يتعلق بربط وتحصيل الضرائب على المكلفين, والعمل على ربط جميع هذه الدوائر والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية ذات العلاقة بشبكة معلومات مع إعطاء الحق للإدارة الضريبية بالاطلاع عليها, والتنسيق المستمر والمتواصل بين الدوائر المختصة.
تعد الضريبة أداة مهمة من أدوات السياسة المالية، حيث لم يعد يقتصر دورها على الهدف المالي، بل اتسعت أهدافها لتشمل أهدافًا اقتصادية واجتماعية وسياسية في ظل تطور مفهوم ووظيفة الدولة الحديثة، ويأتي في مقدمة هذه الأهداف تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي، وتعجيل عملية التنمية، وإعادة توزيع الدخل، ومعالجة الدورات الاقتصادية، وتشجيع فروع الإنتاج، وتحفيز الادخار والاستثمار وفق أولويات التنمية.
ولكي تؤدي الضريبة أهدافها لا بد من توافر شرطين أساسيين:
أولهما : توافرُّ تشريع ضريبي سليم وشفاف وعادل تتوافر فيه قواعد الضريبة الجيدة.
وثانيهما : تقّبلُّ المكلفين لهذا التشريع وعدم اللجوء إلى التهرب الضريبي بطريقة أو بأخرى، لما ينتج عن هذا التهرب من آثار سيئة في مالية الدولة، ومن زعزعة عدالة النظام الضريبي، والمساس بحصيلة الضريبة، وما ينتج عن ذلك من آثار اقتصادية تؤثر في أوضاع المنتجين وشروط المنافسة فيما بينهم. ومن الملاحظ أن المكلف بالضريبة لم يصل إلى التجّرد من أنانيته بصورة كاملة، بحيث ينظر إلى الالتزام بدفع الضريبة على أنه واجب مقدّس، ولذلك فإنه من الطبيعي أن نتوقع من جانب المكلفين بدفع الضريبة رد الفعل الذي يأخذ صورة الدفاع عن مصالحهم، وذلك إما بتفادي الضريبة كليًا أو على الأقل بالتقليل من نطاق الاقتطاع الضريبي المفروض عليهم، ومن هنا نشأت ظاهرة التهرب الضريبي.
إن تجارب الشعوب بينّت أن كل مكلف سواء في البلدان المتطورة أو النامية يعمل جاهدًا للتخلص من العبء الضريبي بالسبل كافة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية( ) هناك حوالي (117) مليون مواطن يقدمون بشكل اختياري (555) مليار دولار أمريكي، ويوقعون على اعتراف بأن الكشوف المقدمة صحيحة وكاملة. ومع ذلك فإن واحدًا من كل (12) مكلفًا من هؤلاء المكلفين الموقعين على هذه الاعترافات يكذب. وهناك (7) ملايين مكلفين آخرين لم يزعجوا أنفسهم بتقديم بيانات ضريبية.