لا أؤمن كثيرا بالدراسات التى تنشر بين الحين والآخر عن العلاقات الزوجية وعلاقتها بالصحة بشكل عام أو بعمر الرجل بشكل خاص. أتعامل مع نتائج مثل تلك الدراسات بحذر شديد وأحب أن أطلع عليها من باب العلم بالشيء وليس من باب الاعتقاد. منذ أيام قليلة مضت كنت أتصفح إحدى الصحف عندما وقعت عيناى على دراسة فرنسية تحذر الرجال فوق سن الأربعين من العزوبية! (اه والله هكذا كانت مكتوبة). الدراسة كانت تعتبر العزوبية هى الخطر الداهم على حياة الرجال وعلى سلامة قلوبهم. وتشير الدراسة التى نشرتها صحفنا نقلا عن صحيفة فرنسية إلى أن الرجل فى سن الأربعين تضعف حالته الصحية إذا كان يعيش عازبا مقارنة بقرينه المتزوج، كما تزيد احتمالات تعرضه للوفاة المبكرة عن المتزوجين.! ثم وقعت الدراسة فى تناقض فاضح عندما زعمت أن كبار السن من الرجال يعيشون مدة أطول بدون شريكة حياة. فالرجل فى الثمانين مثلا يستطيع التكيف بمفرده أكثر من الرجل الذى يعيش مع زوجته. وفى كل الأحوال فالمرأة أكثر تكيفا مع الظروف الصعبة، كما أنها اكثر احتمالا لهذه الظروف من الرجل!
شممت رائحة مريبة بين سطور تلك الدراسة المريبة واندهشت جدا من نتائجها الغريبة العجيب، فمن المؤكد أننا كلنا كأزواج -وأتكلم عن نفسى فقط أفضل حتى لا أجر المشاكل على بقية الأزواج.. نعم كنت أعتقد أنا- أن الزواج يقصف العمر، وأن النكد الزوجى يساعد على اختصار أعمار أى زوجين خاصة الرجل.. لكن الفرنسيين يرون أن العزوبية هى التى تقصف العمر.. تخيلوا؟.. كنت أظن وبعض الظن إثم أنه لا يوجد زوج من الأزواج لا يحن لأيام العزوبية ليستمتع بها أكبر قدر من المتعة، فإذا بهذه الدراسة تؤكد العكس تماما على اعتبار أن العزوبية، معناها أن يتحول الرجل العازب إلى فريسة سهلة لعدد من الأمراض الفتاكة. وكلما قرأت نتيجة من نتائج تلك الدراسة أيقنت أن صاحبها ليس هدفه البحث العلمى وأنه ربما يكون عاشقا لامرأة عشق قيس لليلى التى اكتشفت بعد الزواج أن مثله مثل بقية الرجال، فقررت طلب الطلاق منه أو خلعه فأراد ان يستعطفها بهذه الدراسة، وأن يرسل لها بشكل غير مباشر رسالة تفيد أن عودته للعزوبية مرة أخرى خطر على صحته وربما على صحتها هى أيضا.
حاولت قدر الإمكان أن أخفى الجريدة التى نشرت الخبر عن زوجتى، إلا أنها عثرت عليها خلال حملة تفتيشية من الحملات التى تنظمها بين الحين والآخر على أوراقى ومتعلقاتى الشخصية، حتى تحمينى من نفسى على حد تعبيرها، وبمجرد أن قرأت زوجتى خبر الدراسة الفرنسية تغيرت معاملتها معى تماما. بدأت ترمقنى بنظرات غريبة وتردد كلمات تؤكد بها أن زواجها منى أنقذنى من الضياع ومن الأمراض الفتاكة، وأننى يجب أن ابوس ايدى وش وظهر على هذه النعمة. برطمت فى سرى لاعنا صاحب تلك الدراسة المغرضة، فإذا بزوجتى تشخط قائلة: بتقول حاجة يا روحى؟ فقلت بسرعة: لا أبدا ياحبيبتى، أنا بقول اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال.
تزامن مع نشر الدراسة عودة ظاهرة تخلص الزوجات من أزواجهن وتقطيعهن اربا اربا لأتفه الأسباب، كأن يرفض الزوج طلبا صغيرا لزوجته فتتعصب عليه وتجهز عليه بطعنة سكين حادة، لذا قررت منذ ذلك الحين قررت تغيير استراتيجية معاملتى مع زوجتى تماما، فإذا كانت الدراسة الفرنسية تؤكد أن الزواج يطيل عمر الرجل، فقد توصلت أنا من خلال تجربتى الشخصية إلى خلاصة الخلاصة التى أرجو أن تأخذها منى نصيحة بدون دراسة ولا يحزنون: لا شيء يطيل عمر الرجل أكثر من سماعه لكلام زوجته دون اعتراض أو حتى نقاش.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد!