فى كتابه الرائع “أناشيد الإثم والبراءة” يقول “د. مصطفى محمود” عن الحب:
لو سألني أحدكم ما هي علامات الحب وما شواهده؟..
لقلت بلا تردد:
أن يكون القرب من المحبوب أشبه بالجلوس في التكييف في يوم شديد الحرارة، وأشبه باستشعار الدفء في يوم بارد.
ولقلت:
هي الألفة ورفع الكلفة، وأن تجد نفسك في غير حاجة إلى الكذب، وأن يُرفع الحرج بينكما؛ فترى نفسك تتصرف بطبيعتك دون أن تحاول أن تكون شيئًا آخر لتعجب الطرف الآخر.
وأن تصمتا أنتما الإثنان فيحلو الصمت، وأن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء.. وأن تكون الحياة معًا هي مطلب كل منكما قبل النوم معًا.. وألا يُطفىء الفراش هذه الأشواق، ولا يورث الملل ولا الضجر، وإنما يورث الراحة والمودة والصداقة.
وأن تخلو العلاقة من التشنج والعصبية والعناد والكبرياء الفارغ والغيرة السخيفة والشك الأحمق والرغبة في التسلط؛ فكل هذه الأشياء من علامات الأنانية وحب النفس، وليست من علامات حب الآخر.
وأن تكون السكينة والأمان والطمأنينة هي الحالة النفسية كلما التقيتما.. وألا يطول بينكما العتاب، ولا يجد أحدكما حاجة إلى الإعتذار للآخر عند الخطأ، وإنما تكون السماحة والعفو وحسن الفهم هي القاعدة.
وألا تُشبِع أيكما قبلة أو عناق أو أي علاقة جسدية، ولا تعود لكما راحة إلا في الحياة معًا والمسيرة معًا وكفاح العمر معًا.. ذلك هو الحب حقًا.
لو سألتم أهو موجود ذلك الحب، وكيف نعثر عليه؟ لقلت: نعم موجود، ولكن نادر، وهو ثمرة توفيق إلهي وليس ثمرة اجتهاد شخصي، وهو نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر، ونفوس متآلفة متراحمة بالفطرة، وشرط حدوثه أن تكون النفوس خيرة أصلًا.. جميلة أصلًا.. والجمال النفسي والخير هو المشكاة التي يخرج منها هذا الحب.
سبحان الله.. لخص لنا د. مصطفى محمود بمشرط جراح وبمنتهى المصداقية والرقى شروط حدوث الحب الحقيقى، وشروط استمراره.. والتى من أهمها على الإطلاق أن يكون هناك توافق أخلاقى وتوافق طباع بين الحبيبين تتيح استمرار حالة الشغف فى الحب.. لأنه من غير المنطقى أبدًا أن يستقيم الحب مع شراسة الطباع، أو الألفاظ البذيئة، أو الغيرة المرضية، أو حب التملك، أو حب التعرى، أو اعتياد الكذب، أو سوء الظن، أو النرجسية.
فالقلب الذي يُحبّك بصدق سيكون حريصًا على أن يتحلى بكل ما سبق من صفات وطباع جميلة.. وسيُقاتل دائمًا من أجلك ألف مرّة عندما تُريد الاستسلام، ويُعيد شغفك عندما تشعُر بالإحباط، ويُهديك ابتسامتهُ عندما يَكونُ من الصعب عليك العثور علىٰ واحدة، ولن يرتاح أبدًا من رؤيتك ضعيف، أو تتألم، أو تَبكي.. لأن هذا القلب الذي يُحبّك بصدق يُريد أن يراك دائمًا في أفضل حالاتك.
وعلى الرغم من حرمانية الربا، يقول شمس التبريزى عن الحب:
“يجوزُ الربا في الحبِ، فمَنْ أعطاكَ حُبًّا ردّه ضعفين”.
ويقول “محى الدين بن عربى” عن الحب:
“وكلُّ حبٍّ يزولُ ليس بحبّ، وكلُّ حبٍّ يتغيّرُ فليسَ بحبّ، إنّما الحُّب ما ثَبَت”.
ويقول “نزار قبانى” عن الحب:
“الحب أن أكتفى بك، ولا أكتفى منك أبدًا”.
ويقول أيضًا:
“الحياة تعلمك الحب، والتجارب تعلمك من تحب، والمواقف تعلمك من يحبك”.
وعن حبه الشديد لحبيبته يقول:
إنى عشقتك واتخذت قرارى
فلمن أقدم يا ترى أعذارى
لا سلطة فى الحب تعلو سلطتى
فالرأى رأيى والخيار خيارى
هذى أحاسيسى فلا تتدخلى
أرجوك.. بين البحر والبحار
ويقول ناصحًا:
“لا تعشقنى بعينك، ربما تجد أجمل منى.. بل اعشقنى بقلبك لأن القلوب لا تتشابه أبدًا”.
رزقكم الله جل وعلا الحب الصادق وحفظه لكم وأدامه عليكم إنه سميع مجيب الدعاء.