أمامك ألف سبب وسبب لتلقي بنفسك في احضان الجامع الازهر سواء في رمضان او غير رمضان. ليس هناك عذر يمنعك من الزيارة والاستمتاع على المستويات كافة الروحية وغير الروحية لن تعدم فائدة في اي الحالات كنت سائحا او متعبدا فرادى او جماعات بالليل او النهار. هالات من النور والاشعاعات الحضارية والثقافية والدينية تتعانق لتخلق حالة في غاية المتعة والرقي يزيدها رمضان ألقا وتألقا هالات كاشفة وضاءة شديدة الضياء تغمر الانحاء والزائرين من المريدين والمحبين الباحثين عن الجمال الحقيقي النابع من سحر المكان والوجود وعبق التاريخ الاصيل الذي يزودك بدرجات من النشوة والفخر والاعتزاز بوجود الازهر ووجودك بين جنبات الازهر العتيقة الحية النابضة بكل معاني الحياة الدافعة الى الارتقاء المعززة لكل رغبة في السمو والامل في ان استعادة المجد واعتلاء القمة وتصدر كل ما يؤدي الى التحضر الحقيقي والرقي الانساني.
اول ملمح من الشرفة الرئيسية قبل الولوج الى البوابة العتيقة تشعر بان يدا سحرية قد فعلت فعلها ازالت الكثير من ركام فترات اهمال حدث حتى وان لم يكن مقصودا تجبر عقلك قبل عينيك على الالتفات وأنك امام أزهر جديد لا تتمالك معه الا ان تسبح – بفتح التاء-وتسبح –بضم التاء- في ملكوت الحمد لله وتدعو الله على ان
يحفظ الازهر وتحمد الله على ان منح الله مصرنا تلك القبلة الروحية العلمية التليدة. هذا بالفعل حال كل الداخلين على العتبات من كل الجنسيات وهم ينفذون الامر الطبيعي اخلع نعليك..انه لا ينظر الى حذائه ولكن الجميع يتطلع الى اعلى تحسبه وكانه ينظر الى السماء ويدور ببصره على الحوائط والجدران حتى يجد نفسه في الفناء الرهيب ولسانه وقلبه يصرخ بفرح الله ما كل هذاالجمال!
هذه الحالة الطبيعية قبل الوجدانية يشعر بها ويؤمن بها كل من زار الازهر من قبل في زمن الفوضى واللامبالاة وكل الاشياء الصادمة المخاصمة لكل ما هو حضاري وحتى انساني وغير المستوعبة للقيمة الاثرية ولا نقول الدينية والروحية لهذا الكيان العملاق درة مصر وروحها..
الساحة الرئيسية او صحن المسجد تعج بالحياة وصنوف البشر من كل جنسيات الارض ومن قارات العالم المختلفة بعد ان اشرقت شمس الاروقة ودبت فيها الحياة من جديد على جنبات الساحة الاربعة..اطياف من البشر جميلة ورائعة يكتظ بها المكان ليسوا افرادا فقط بل اسرا وجماعات من المصريين ومن ابناء العالم الاسلامي الدارسين في الازهر زوجاتهم واطفالهم تقرأ على الوجوه ملامح السعادة المرسومة سواء من المتطلعين لمعرفة اسرار المكان ومن يقومون بالشرح والايضاح و حتى ممن يفترشون الارض الطاهرة يتأملون ويتسامرون ويتناقشون ويبدون دهشة واعجابا.
تتزاحم اللقطات والصور من الشرفة مع اقامة صلاة العشاء والتنبيه الى صلاة التراويح وكيف ستكون او كيف ستجري الامور
وفود واسراب من ابناء العالم الاسلامي يسرعون الى الصلاة والفرحة غامرة ان ثبتت رؤية هلال رمضان لحظات وامتلأ المسجد الفسيح عن اخره لا موضع لقدم الامام ينبه ان القراءة في صلاة التروايح سيؤم المصلين فيها مجموعة من خيرة حفظة كتاب الله من الشباب ومن الشيوخ الكبار ويعلن اسماءهم التلاوة بالقراءات العشر المشهورة ..اول ليلة برواية قنبل عن ابن كثير.. سنة حميدة جديدة للازهر شرع فيها من العام الماضي في تأسيس جديد لمنهج يجدد شباب الروايات المشهورة واحيائها ليس في مصر فقط ولكن في العالم الاسلامي الامر الذي لاقي ترحيبا واستحسانا على كل الاصعدة ..
جهد جبار على المستوى العلمي الدينى وخاصة علوم القران الكريم حرص فضيلة الامام الاكبر الشيخ احمد الطيب على تأصيله ورعايته بصورة شاملة ليجعل الازهر صورة جديدة وعصرية ونموذجا لما يجب ان يكون عليه المسجد الجامع في الاسلام..لذلك لم يكن تأكيد الدكتور الضويني وكيل الازهر وهو يخاطب الجموع الحاشدة في اول درس رمضاني عقب صلاة التراويح ان الجامع الازهر وادارته في خدمة جميع المسلمين الخدمة العلمية والثقافية موضوعة وفق منهج دقيق يبدأ من العاشرة صباح كل يوم وحتى ما بعد صلاة الفجر دروس علمية ومحاضرات وحلقات تحفيظ قران كريم بكل الروايات المشهورة ومعدة بجداول واسماء العلماء والمحفظين المهرة وكذا درس العصر ودرس التراويح وغيرها..
جهود مقدرة ومشكورة على مدار الساعة للدكتور عبد المنعم فؤاد المسئول عن الاروقة والحركة الثقافية ومعه الدكتور هاني عودة مدير الجامع الازهر وعدد كبير من كبار العلماء واعضاء مجمع البحوث وهيئة كبار العلماء في حوارات لا تتوقف مع الشباب ورواد الازهر..
ما يحدث في الجميع الازهر وكل ماتراه يسر الناظرين لم يكن ليكون لولا هذا الجهد الكبير لمجلس ادارة الجامع الازهر الذي اخذ على عاتقه وضع الخطة وتنفيذها وليظهر الجامع بهذه الصورة من الرقي والنظافة والنظام والاعداد ومتابعة التنفيذ على مدار الساعة والتى تجد دعما ومساندة من مشيخة الازهر.
لعل هذا يلفت الانظار الى ضرورة اعادة النظر في الدور الواجب لمجالس ادارات المساجد خاصة الكبرى وضرورة ان تكون مجالس حقيقية وليست صورية وان تضم اشخاصا قادرين على العمل والعطاء والدعم والمساندة ولا يهم ان يكون وزيرا او غفيرا المهم ماذا سيقدم والقدرة على تحقيق اهداف وغايات مطلوبة على المستويات كافة دينية وعلمية واجتماعية وغيرها بما يساعد على الارتقاء ليس فقط بالمسجد ولكن ليكون مركزا حضاريا ونقطة اشعاع بالفعل مشاركا فاعلا في قضايا الناس وهمومها خاصة في هذا العصر والاجيال صاحبة الوعي الشقي وفي مواجهة قوى الغواية والاغراء ودعوات الانحلال والتحلل والعبث بالعقول بشتى الطرق المباشرة وغير المباشرة والراغبة في العصف بالدين وتشويه التدين وشيطنة المتدينين.
مجلس ادارة الجامع مسألة في غاية الاهمية والخطورة وكان هناك وعي وإدراك لأهميتها منذ عقود طويلة بل منذ قرون تشير الوثائق التاريخية الخاصة بالأزهر الى ان عباس حلمي خديو مصر اصدر قانونا في 4 / 7 / 1896بشأن الجامع الأزهر حمل رقــم 2 لسنة 1896جاء في مادته الاولى: شيخ الجامع الأزهر هو رئيس مجلس إدارة الأزهر وله حق المراقبة على السيرة الشخصية الملائمة لشرف العلم والدين.
وفي المادة الخامسة: يشكل مجلس إدارة الجامع الأزهر من خمسة أعضاء غير الرئيس منهم ثلاثة من أفاضل علماء الأزهر واثنان من العلماء الموظفين في الحكومة ويكون تعيينهم جميعا بإرادة سنية.
وينعقد مجلس إدارة الجامع الأزهر مرة واحدة على الأقل في كل خمسة عشر يوما. ولمجلس الإدارة أن يصدر قرارات بالقواعد التي يكون بموجبها سير التدريس وضبط الطلبة والأعمال وكل ما له علاقة بإدارة الجامع الأزهر وما ألحق أو ما يلحق به وبالأحكام التي تسري على جميع الوعاظ والمدرسين بشرط ألا يخالف في ذلك كله القوانين واللوائح المرغبة وشروط الواقفين. ويصدر قرارات بتعيين وفصل مشايخ أروقة الأزهر واختبار مشايخ ومدرسي المساجد مع مراعاة شروط الواقفين.
تحية واجبة ومستحقة لرجال الازهر جامعا ومشيخة وكل المخلصين لخدمة دين الله والوطن.
نعم مصر تستطيع والله المستعان .
Megahedkh@hotmail.com