الحارثي: توجه عُماني لإنشاء ملحقيات اقتصادية للسلطنة في الخارج
الرحبي: استهداف السوق المصري عبر زيادة الصادرات العمانية إليه
كتب عادل احمد
منذ تولي السلطان هيثم بن طارق، مقاليد الحكم في عُمان بدأ مصطلح “الدبلوماسية الاقتصادية” رائجا في أروقة صنع القرار وفي وزارة الخارجية والمؤسسات الاقتصادية، وأكدت وزارة الخارجية أكثر من مرة أن توجيهات القيادة السياسية العُمانية تؤكد أهمية عمل سفارات سلطنة عمان بالخارج بكثافة لجعل الدبلوماسية الاقتصادية من الأركان الأساسية التي تقوم بها السفارات في مختلف الدول لجلب الاستثمار إلى سلطنة عمان.
وتطل الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة كإحدى الطُّرق التي تستخدمها السَّلطنة للتَّرويج لها والعمل على جَذْب الاستثمارات، فالسَّلطنة تمتلك دبلوماسيَّة هادئة، استطاعت أنْ تفرض نَفْسَها بما تملكه من حِكمة ورُؤية متميِّزة في صُنع السَّلام، واستطاعت إقامة علاقات تتميَّز بالمتانة مع معظم بلدان المعمورة، وهو ما يجعل الدبلوماسيَّة إحدى أهمِّ الطُّرق الدَّاعمة لِمَا تملكه من مُقوِّمات اقتصاديَّة تُحقِّق النُّمو المُستدام المَرجوَّ.
وتجسيداً لهذه التوجهات الجديدة، خَصَّصت غرفة تجارة وصناعة عُمان نقاشات الأُمسيَة الرمضانيَّة التي نظَّمتها بعنوان (الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة ودَوْرُها في جَذْب الاستثمارات والتَّرويج لسلطنة عُمان)، ركزت الأمسية على أهمية الدور الاقتصادي الذي تقوم به البعثات الدبلوماسية لسلطنة عُمان في مختلف دول العالم وضرورة التنسيق والتكامل مع مختلف الجهات المعنية لتعزيز وتقوية الاقتصاد المحلي لتحقيق أهداف “رؤية عُمان 2040″، إضافة إلى الاستفادة من الدول الأخرى المتقدمة في المجالات الاقتصادية المختلفة من خلال جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف.
وأكد المهندس رضا بن جمعة آل صالح رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، أهمية الدبلوماسية الاقتصادية وما حققته السلطنة من إنجازات على صعيد إقامة العلاقات السياسية مع دول العالم كافة، وتعزيز هذه العلاقات بالنهج العُماني القائم على الحياد الإيجابي والاحترام المتبادل وتعزيز التعاون وتنمية المصالح المشتركة.
أوضح “آل صالح” أن السياسة والاقتصاد تمثلان مسارين يكمل كل منهما الآخر، وأن تفعيل ذلك يكون عبر التوظيف الصحيح للآليات والأدوات الدبلومسية وعلى رأسها البعثات الدبلوماسية بالخارج والقناصل الفخريين للسلطنة في التعريف بمقومات الجذب الاستثماري والفرص المتاحة وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال على القدوم والاستثمار في سلطنة عمان.
الحارثي: توجه عُماني لإنشاء ملحقيات اقتصادية للسلطنة في الخارج
ومن جهته، قال خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية إن ما تقوم به وزارة الخارجية من جهد مضني يؤكد أهمية التعاون الحكومي لجلب الاستثمارات، مشيرا إلى توجيهات السلطان هيثم بن طارق، بالسعي لتكثيف هذا التوجه.
وأشار “الحارثي” إلى أن الوزارة عقدت العديد من اللقاءات مع السفراء في الخارج، وكانت لقاءات توجيهية لرؤية السلطنة وتوجهاتها، كما استضافت الوزارة القناصل الفخريين في السلطنة من أجل إيصال الرسالة التي تتبناها السلطنة. وأوضح أن هذه اللقاءات خرجت بعدد من النتائج الايجابية؛ منها: تبني السفارات في القاهرة والرياض مذكرات تفاهم مع عدد من المستثمرين
وأشار “الحارثي” إلى أن الوزارة لديها خطة لإنشاء ملحقيات اقتصادية للسلطنة في الخارج كما تم توجيه السفارات بتزويد الوزارة بتقارير دورية بما يتم تنفيذه من خطط و الأهداف منها، وما يتم تحقيقه.
والحاصل أن أن التوجه العُماني بإنشاء مُلحقيَّات اقتصاديَّة في الخارج، تكُونُ أكثر قدرةً على تلبيَة مُتطلَّبات المَرْحلة التي تحتاج للتخصُّص في مساعي جَذْب الاستثمارات والتَّرويج لعُمان كواجهة لرؤوس الأموال المستثمرة، على أنْ يتمَّ تزويد السُّفراء في السَّلطنة بالمعلومات والبيانات المتعلِّقة بالبيئة الاستثماريَّة للسَّلطنة لاطلاع المستثمرين ورجال الأعمال كلٍّ في دولته.
الرحبي: استهداف السوق المصري عبر زيادة الصادرات العمانية إليه أولوية
بدوره، أكد السفير عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية ، أهمية الجهود التي بذلتها السفارة بالقاهرة عبر لقائها مع مختلف المستثمرين ورجال الأعمال المصريين التي توصلت إلى توقيع العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين رجال الأعمال في البلدين وخصوصا في مجال اللوجستيات والسياحة والتعدين والأمن الغذائي.
ودعا الرحبي الجهات المعنية في السلطنة إلى التعاون في تسهيل الاستثمارات وتسريع الأعمال، مشيرا إلى أن هناك عددًا من الشركات المصرية وصلت إلى السلطنة وبدأت أنشطتها، مؤكداً أهمية استهداف السوق المصري عبر زيادة الصادرات العمانية إليه، حيث يصل حجم هذا السوق إلى أكثر من 100 مليون نسمة.
قوة ناعمة ذات نكهة عُمانية
لا شك أن الاقتصاد العماني سيستفيد من التراث السياسي والدبلوماسي الذي تراكم عبر السنوات الطويلة الماضية وأصبح قوة ناعمة من بين القوى الناعمة التي تمتلكها سلطنة عمان. إذ تمتلك السَّلطنة كافَّة المُقوِّمات الجاذبة للاستثمار، وتعمل بشتَّى الطُّرق على جَذْب رؤوس الأموال المستثمرة؛ إدراكًا منها بأنَّ تلك الأموال هي المُحرِّك الرَّئيس للوصول لنُموٍّ اقتصادي، وتعمل بتكامُل مع شركائها لتطوير بيئة أعمال داعمة لاقتصاد المعرفة، ومعزِّزة للتِّجارة والصِّناعة والاستثمار وحمايَة المُنافسة من خلال سياسات وتشريعات محفِّزة، وخدمات مُتكاملة مع منظومة الحكومة الذكيَّة لتحقيق التَّنمية المُستدامة بالسَّلطنة، وتعمل بشتَّى السُّبل على الترويج للفُرص الاستثماريَّة؛ نظرًا لِمَا تملكه من بنْيَة أساسيَّة متكاملة، بها شبكة طُرق وموانئ ومطارات متفرِّدة، تليق بما تملكه من موقع جغرافي في قَلْب طُرُق التِّجارة العالميَّة، وما تقوم به من إجراءات تُحفِّز بيئة الاستثمار، وتُسرِّع من إجراءات المستثمرين.
كما أنَّ تحسين التَّصنيف الائتماني للسَّلطنة، ووجود كوادر عُمانيَّة مُؤهَّلة؛ كلُّها إمكانات تَصُبُّ في صالح البلاد، وتعمل على تحقيق تقدُّم في حجم الاستثمارات المُتدفِّقة، باستخدام شتَّى الطُّرق والسُّبل الترويجيَّة.
ولا شك أن ما انتهت إليه غرفة تجارة وصناعة عُمان من نقاشات يكتسب أهمية كبيرة، بالنظر إلى ضرورة تكثيف التنسيق المشترك والتكامل بين البعثات الدبلوماسية والجهات المعنية في السلطنة، مع إشراك القطاع الخاص في هذا التنسيق، الأمر الذي يصب في تحفيز وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف، لتتضافر جهود الدبلوماسية الاقتصادية مع ما تعمل عليه السلطنة من تحسين بيئة الأعمال لتصبح بيئة مواتية وجاذبة للاستثمارات، خصوصًا وأن هناك تنافسية على الجذب الاستثماري في المنطقة والعالم.