إن حسابات مصر هي محاولة تقليل أثار الانعكاسات الاقتصادية والبحث عن بدائل ممكنة حتى يتسنى العبور من هذه الأزمة. أن دعم خطة لجذب الاستثمار الأجنبي من الضرورة البدء بقوة في هذا الاتجاه لدعم القطاعات الاقتصادية وتحقيق معدل نمو جيد يستطيع استيعاب الأثار والتداعيات الضخمة للازمة العالمية. إن نمو هذه الاحتياطيات جانب كبير منه يعود إلي انخفاض الطلب علي العملات الأجنبية وبصفة أساسية عمليات الاستيراد فهو مواجهة الاستيراد من العالم الخارجي والتي يعد جانبا منها احتياجات أساسية لابد أن تغطيها الاحتياطيات لفترة لا تقل عن ستة اشهر «تبلغ حاليا 9,4شهر». لذلك رؤيتنا لكيفية عودة الاحتياطي النقدي المصري
1- ارتفاع عائدات قناة السويس
في ظل التوترات القائمة على الحدود بين روسيا وأوكرانيا واحتمالية عرقلة ممر الشمال الروسي فضلا عن احتمالية توقف العمل بموانئ البحر الأسود، فإن هذا الأمر قد يُعزز الميزة التنافسية لقناة السويس باعتبارها الممر الملاحي الأكثر أمنا والأقل مسافة بين جميع طرق الملاحة الدولية.
هذا وقد حققت قناة السويس أعلى إيرادات سنوية في تاريخها العام الماضي، حيث تجاوزت الإيرادات 6.3 مليار دولار عام 2021 مقارنة بـ 5.6 مليار دولار عام 2020، بزيادة قدرها 720 مليار دولار، كما حققت أكبر حمولة إجمالية بلغت 1.27 مليار طن عام 2021، ويمكن أن يؤدى المزيد من ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة إيرادات قناة السويس وتعويض جزء من العجز في الاحتياطي النقدي الذي قد يتأثر بزيادة أسعار النفط بسب الحرب الجارية.
2-تعزيز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة
استطاعت الدولة المصرية أن تكون شريكا أساسيا واستراتيجيا للقارة الأوروبية من خلال استعداد مصر لبيع نحو 25% من الفائض عن الاحتياطي الاستراتيجي من الكهرباء من إجمالي الإنتاج المصري، وذلك من خلال اتفاقيات مع اليونان وقبرص كجزء من مشروع “يورو أفريكا” الذي يربط بين شبكات الكهرباء في مصر والدولتين الأوربيتين، عن طريق مد كابل بحري بين مصر وقبرص بطول 498 كيلومترًا (309 ميلًا)، وعمق 3000 متر (9800 قدم)
ثم توصيل قبرص بجزيرة كريت اليونانية بكابل يبلغ طوله 898 كيلومترًا (558 ميلًا)، بإجمالي طول 1396 كيلومترًا (867 ميلًا)، لتنطلق منه كهرباء بقدرة 2000 ميجاوات لأوروبا، ويمكن تزويدها إلى 3000 ميجاوات ، باستثمار بلغ 4 مليارات دولار، لتنطلق منه كهرباء بقدرة 2000 ميجاوات لأوروبا، ويمكن زيادتها إلى 3000 ميجاوات.
3- زيادة فرص تصدير الغاز المصري
بعد فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، تتصاعد الأصوات المنادية بضرورة إيجاد بديل للغاز الروسي في أوروبا، مما قد يتيح فرصة جيدة للغاز المصري أن يحصل على حصة أكبر من واردات أوروبا، ويرتفع الإقبال على الغاز المصري لتعويض أي نقص محتمل في إمداد الغاز الروسي لأوروبا حال تزايد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا. وبلغت صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال 3.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة نمو 550%،
وذلك من إجمالي 12.9 مليار دولار صادرات بترولية العام الماضي، بحسب بيانات رسمية. إن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي على مستوى العالم بنسبة 5.9% ليصل إلى 4.90 دولار لكل مليون وحدة، يُعد مؤشرا إيجابيا يسمح للدولة المصرية بزيادة صادراتها من الغاز والتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار البترول وتخفيف الضغط على الموازنة العامة.
أهمية قطاع الصناعات الغذائية لمصر حاليا
إن مصر تمثل محورًا إنتاجيًا وتصديريًا رئيسيًا للصناعات الغذائية بمنطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا، لان استثمارات قطاع الصناعات الغذائية في مصر تبلغ نحو 500 مليار جنيه، ويسهم بنحو 24.5 % من الناتج المحلى الإجمالي ويستوعب 23.2 من حجم العمالة في مصر .
لذلك يعتبر قطاع الصناعات الغذائية هو أحد القطاعات الواعدة ومن أكثرها قابلية للتجارة في ضوء كونه مرتبطاً بروابط خلفية وثيقة بالقطاع الزراعي الذي يعد المصدر الرئيسي للدخل بالنسبة لنحو 40% من السكان المصريين، ومن ثم يمكن أن يساهم توطين الصناعة في زيادة الصادرات بما يعزز الفائض التجاري، ويزيد من تدفق العملة الأجنبية، ويساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي ويوفر فرص العمل ويخفض من معدلات الفقر.
أن الأسواق التصديرية للصناعات الغذائية المصرية تتنوع بين قارات ودول العالم غير أن الدول العربية تستأثر بالجزء الأكبر من هذه الصادرات ويليها الاتحاد الأوروبي ثم الولايات المتحدة الأمريكية، وقد جاءت منتجات الألبان والخضر المجمدة والفواكه المجمدة في مقدمة الصناعات الغذائية تصديراً بقيمة 199.7 و182.6 و157.4 مليون دولار على الترتيب في 2020.
أن ما يحدث الآن من مشروعات يمثل عملية “إعادة التوازن” من جديد، وبما يحقق الأمن الغذائي لمصر، وكذلك زيادة الصادرات المصرية، بما يدر العملة الصعبة، وبما يعزز الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية بالبنك المركزي.
ويتضمن المشروع إنشاء عدة مصانع لتعبئة وتغليف الحاصلات الزراعية، كما يستهدف خلق مناطق جديدة بمصر، مجهزة وممهدة بشبكة طرق جديدة، للربط بين مدن صعيد مصر والتجمعات السكانية، لزيادة فرص العمل وتشغيل الشباب والخروج من الوادي الضيق، وسد العجز بين الإنتاج والاستهلاك. أن مشروع توشكي يمثل فرصة للزراعة العضوية، وهي زراعات نوعية يُمكن تصديرها والاستفادة من عوائدها، مثمناً في الوقت نفسه زراعات النخيل من منطلق عوائدها الكبيرة.
المعروف لدي العالم أجمع أن مصر بلد زراعي بامتياز ، حيث الأراضي الزراعية الخصبة والشاسعة ، والعمالة الماهرة ، وتوفر خامات الزراعة وتنوعها ، واستقرار الاستثمار واستتباب الأمن العام . تولي الدولة المصرية حالياً أعلي درجات الاهتمام للقطاع الزراعي جميع فرص الاستثمار الزراعي في مصر مميزة ما دامت خطة العمل واضحة ومدروسة ومبنية علي خطوات جادة واقعية ،ولعل أفضل استثمار زراعي في مصر هو التكتلات الزراعية ،حيث إقامة مشروع كامل بداية من استصلاح الأرض حتي إنتاج محصول بمواصفات جودة تناسب السوق العالمي .
لذلك في ظل الأزمة الحالية نوصي بعمل الاتي
تطبيق السياسات التجارية المناسبة على جانبي استيراد وتصدير منتجات الصناعات الغذائية.
- توسيع نطاق التحول الرقمي بحيث يشمل جميع مراحل سلسلة القيمة الغذائية بدءاً من المزرعة وحتى المائدة.
- تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية الإقليمية في تعميق إدماج مصر في سلاسل الإمداد للصناعات الغذائية.
- تحسين القدرة التنافسية للصناعات الغذائية المصرية من خلال زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقد في تصنيع الأغذية.
- توحيد وإنفاذ معايير سلامة الأغذية على طول سلاسل القيمة الغذائية.
- خلق منتجات جديدة ومحسنة تلبى رغبات العملاء النهائيين في مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
- تحسين العلامات التجارية والتسويق والمبيعات وإدارة القنوات في الأسواق.
بلغت المساحة المزروعة في مصر نحو 9.4 مليون فدان في عام2020، وتُعَد المحاصيل الزراعية هي المدخلات الأساسية لتصنيع المحاصيل الزراعية والتي تمثل بدورها أكبر قطاع فرعي للصناعات الغذائية تليها منتجات الألبان والأغذية الجاهزة والمطاحن والزيوت والدهون والمياه الطبيعية وغيرها. كما تستمر الحكومة المصرية في الاستثمار في مشروعات استصلاح الأراضي من أجل زيادة مساحة الرقعة الزراعية.
يقوم مصنعو الأغذية المتطورون في مصر بأعمال إنتاج وتعبئة عالية الجودة وبأسعار تنافسية وجذابة للأسواق العالمية. علاوة على ذلك، يُعَد قطاع الصناعات الغذائية أحد أهم قطاعات التصدير في مصر. وهناك العديد من قصص النجاح التي تعمل في السوق المصري في مجال الصناعات الغذائية مثل نستله ومجموعة أمريكانا وتتراباك وغيرها.
أعدت الحكومة العديد من الخطط الرامية إلى تحسين الأمن الغذائي للدولة على الصعيدين الإنتاجي والاستهلاكي. زيادة استثمارات الشركات متعددة الجنسيات في مصر وفي المنطقة بشكل عام، مما يساعد في تحسين مرافق الإنتاج. تلتزم الحكومة بتطوير شبه جزيرة سيناء وتقنين وضع المزارعين والمستثمرين في المنطقة. على الرغم من التحديات التي يفرضها استمرار الحرب في منطقة البحر الأسود بين روسيا وأوكرانيا.