ليالي القرآن الافريقية..واحدة من التجليات المدهشة للحالة الاسلامية الايمانية في افريقيا وهي مدهشة ولافتة من فرط ما يتعرض له الاسلام من ظلم وعمليات تشويه متعمدة ومحاولات لاقصائه عن الحياة العامة تحت العديد من اللافتات المسمومة والمسميات التى ما انزل الله بها من سلطان.
ما يستوقف المرء ليس كثرة الحفاظ المتقنين للقران الكريم برواياته العشر المشهورة فقط ولا المنافسات الحامية الوطيس والمتميزة للاصوات الافريقية في المسابقات الدولية سواء داخل الدول الاسلامية الناطقة بالعربية او غيرها وحصد جوائز المراكز الاولى ولكن حالة الاحتفاء غير المسبوقة بالقران واهل القران سواء في مواكب ايمانية لمن يتم الحفظ من الفتيان والفتيات او في تكريم الفائزين احتفالا بليلة القدر ليلة نزول القران في شهر رمضان سنويا.
التميز الافريقي في الاحتفاء ترصده في اكثر من دولة افريقية لم تجد مكانا اوسع ولا ارحب ليسع مئات الالاف من محبي القران الكريم والراغبين في المشاركة في تكريم اهل القران الا في ملاعب كرة القدم الدولية والتى تمتلئ عن اخرها بالحضور.
اشير هنا فقط الى ثلاث دول واحدة شرقي القارة واخرى في الوسط وثالثة في الغرب للدلالة على الانتشار في انحاء القارة.وقد يسرت وسائل التواصل الاجتماعي الامر وتجعل الاتصال مع الاحداث وعلى الهواء مباشرة رغم انف كثير من الفضائيات التى لا يشغلها الا امور الهشك بشك اوالهانك والرانك كما يقولون!
هذه الاحتفاليات القرانية اضافت بعدا آخر جديدا للشخصية الافريقية والتى يحاول البعض ان يرسخ لها نبوغا في كرة القدم وشهرة لابنائها في الملاعب العالمية وخاصة الاوروبية..الملاعب الافريقية تفتح افاقا جديدا بالاحتفاء باهل القران والمبدعين في حفظه وتلاوته وتجويده وهي رسالة شديدة الاهمية خاصة ومعظم الدول ان لم يكن كلها تخوض غمار حروب مستعرة ومعارك لا يهدأ لها غبار حول الهوية الوطنية في ظل حمى العولمة والرغبات المسعورة لسياسات وفلسفات التغريب لتعميم ونشر نماذج المسخ الغربي ونزعات الانحلال والتحلل وفرض توجهات غريبة وشاذة مضادة للقيم والاخلاق والروح الانسانية السوية على مستوى الاخلاق والعلاقات الاجتماعية وحتى الاقتصادية والدينية.
البعد الاخر في التجلي الايماني في سماء الملاعب الافريقية انه ربما رسالة للحد من الهوس الكروي وكبح جماح التعصب للاندية الكروية ولفت الانتباه الى جوانب روحية مهمة يمكن ان يمس سحرها جنبات الملاعب والمشجعين وتصيب تلك الملاعب نفحات من التجلى الملائكي عندما يحفون اهل القران وهم القوم الذين لا يشقى جليسهم حتى ولو كانوا من عتاة الالتراس ومن على شاكلتهم.
في تنزانيا يتصدر استاد بنجامين ميكابا الوطني بمدينة دار السلام حفلات تكريم الحفظة حيث يشهد دائما استقبال الفائزين في المسابقة الافريقية للقران الكريم ويتنافس فيها العديد من ابناء القارة من دول عدة ويحضر الاحتفال رئيس الدولة وكبارالشخصيات الرسمية والشعبية وممثلي البعثات الدبلوماسية.
في السنغال يأتي ملعب لتجور الإقليمي بمدينة تييس في صدارة حفلات توزيع جوائز المتفوقين في المسابقة الإقليمية للقرآن الكريم
ومسابقة سينكو الدولية في السنغال لها شهرتها خاصة في غرب ووسط افريقيا وتصل جائزة الفائز الاول فيها الى ثلاثين الف يورو
ويتم فيها ايضا تكريم الشخصيات الدينية البارزة التى قدمت خدمات جليلة لكتاب الله وللدعوة الاسلامية عموما وتحظى ايضا بحضور سمي على اعلى مستوى من الرئيس او من يمثله والوزراء وغيرهم.
بوركينا فاسو يبدو انها اتخذت خطوة ابعد من التكريم في اكبر الملاعب واعلنت عن جائزة اسمتها “المصحف الذهبي ” وفاجأ الداعية الكبير محمد الامين سوادغو الجميع بتصريح لافت للانظار حين قال:إذا كانوا يعطون الكرة الذهبية للاعبين المتقنين في كرة القدم ففي بوركينافاسو نحن نقدم المصحف الذهبي للفائز الأول في مسابقة حفظ القرآن الكريم اسمه:”القرآن الذهبي2022″
“Coran D’or 2022”..وقال:نتمنى أن تكون جائزة الفائزين مصحفا ذهبيا على غرار الكرة الذهبية وبقيمة مماثلة لمَ لا وعندنا كل شيء.
ليالي القرآن وتجلياتها الإفريقيةالمبدعة لا اظنها بعيدة عن اعين المراقبين والمحللين الغربيين من ساسة وعلماء اجتماع ودوائر الحكم القريبة من صنع القرار المباشر..
ومعروف ان الجانب القرآني على وجه التحديد له حساسيته لدى الغرب منذ ان كان الاستعمار مهيمنا ومسيطرا على الامور بشكل مباشر وليس كما هو الحال الان استعمار بالوكالة من خلف ستار ..وكان القران الكريم ولا يزال هواكثر ما يغيظ القوى الاستعمارية ويثير حفيظتها ويجعلها تفقد صوابها ورشدها ويدفعها الى التصرفات الهوجاء الحمقاء بما يكون كفيلا بفضحها وتعريتها امام العالم اجمع فقد كان القران واهله العائق الاكبر امام اي خطط لها في الاختراق والسيطرة والتغلغل وبسط النفوذ.
واذا كان الغرب قلقا من سرعة انتشار الاسلام في الدول الاوروبية والغربية فانه اكثر قلقا مما يطلقون عليه النزعة التوسعية للاسلام في افريقيا وهو ما عكسته التقارير المحذرة من تمدد الفكر الاسلامي ودخول اعداد كبيرة ليس فقط من اللادينين والوثنيين الى الاسلام بل من الكاثوليك واتباع الكنائس الاخرى ايضا..
ويتحدث المحللون الغربيون عن العودة الكبيرة للظاهرة الدينية في افريقيا سواء في شرق القارة او في غربها ويتم رصد كل التيارات الاسلامية سواء جماعات صوفية او سلفية او جهادية اوعلمية وغيرها.. سواء في دول الشمال الافريقي او دول الساحل والصحراء وهذا الشريط او الحزام الذي كان يمثل العمود الفقري لانتشار الاسلام في قلب افريقيا قديما ولا تزال شواهده قائمة فيما كان يعرف بالسودان الكبير والصغير وتمبكتو وغانا وغيرها من ممالك اسلامية شهيرة.
ويشيرون الى ما يحدث في وسط افريقيا وما حدث في رواندا والاتجاه القوي للدخول في الاسلام بعد الموقف الواضح والقوي من جانب المسلمين في حرب الابادة الشهيرة بين قبيلتي الهوتو والتوتسي والتى منحت الجميع فرصة حقيقية للتعرف على الاسلام والمسلمين بصورة صحيحة وعملية ومبادئ الاسلام في الحفاظ على النفس البشرية وحماية الاعراض والمقدسات بصورة اذهلت الجميع فدخل الناس في دين الله افواجا بعد ان ثبت للجميع ان الاسلام بالفعل هو طوق النجاة لكل الاطراف وسط نيران الفتنة وانهار الدم المتدفقة من المذابح الوحشية.
لا يفوتنا ان نسجل هنا انه في كل الليالي القرانية في افريقيا كانت مصر حاضرة بقوة حاضرة بازهرها وعلمائها واساتذة القراءات القرانية والدعاة.. كانت مصر حاضرة بقوة على مستويين :
مستوى التحكيم للمتسابقين وكانت العمامة الازهرية تشع انوارا وطمأنينة وسط جموع الحاضرين في كل مكان.
المستوى الثاني وهو الاهم حاضرة بكبار مقرئي القران والاعلام الافذاذ وخاصة الشيخ محمود خليل الحصري والمنشاوي الكبير والصغير والشيخ عبد الباسط. بعض المتسابقين ظهر وكانه نسخة طبق الاصل للشيخ الحصري ليس في الصوت والاداء ولكن في حركة الجسد والتعبيرات الحصرية –بضم الحاء –الحصرية- بفتح الحاء-المبهرة. وفي السنغال هناك مدارس قرانية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحصري وصل حد العشق.
**ما اكثر الفرص السانحة امام المسلمين في كل وقت وحين وقد آن الاوان ان نثبت للعالم اننا لم نعد امة الفرص الضائعة.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com