نعم! هي مقصودة تلك الصدمة التي حلّت على أعين ووجوه كل من قرأ عنوان مقالنا، فالصدمة هنا لم نأت إليكم بها من خيال شاعر ولا نثر أديب، بل واقع مرير يعيشه آلاف المصريين والعرب ومعهم مسلمون غربيون على بعد نحو 4 آلاف كيلومترات من عاصمتنا القاهرة.
450 مترًا مساحة مسجد مكة في مدينة تورينو عاصمة إقليم بييمونتي الإيطالي التي تبعد عن العاصمة روما بنحو 700 كيلو متر، وهو محور قصتنا التي أصبحت معها المشاعر الدينية للآف مهددة وفي خطر بسبب الهمهمات والقيل والقال.
هذه المساحة المقدسة لرودها المسلمين في ذلك البلد الغربي لم تكن ملكًا لهم ولا وقفًا مُنح إليهم، بل هي أزمة كانت كامنة واستفحلت مع انتشار جائحة كورونا ذلك الوباء العالمي الذي أثر على أكبر اقتصادات العالم، فكان مسجد تورينو أحد من مسه ذلك الأثر.
تلك المساحة التي يقصدها روادها لأداء مشاعرهم الدينية بحرية هي مقابل إيجار شهري يبلغ نحو 2700 يورو، وهو مبلغ باهظ يتم جمعه من التبرعات لاستمرار أداء الصلوات الخمس في تورينو، لكن هذه القيمة بدأ جمعها يستعصي على إدارة المسجد مما جعل المسجد بجميع نشاطاته الدينية والاجتماعية في مهب الريحي مهددا بالإغلاق إلى أجل غير مسمى.
مع ذلك الخطر وتلك الأزمة التي واجهها اتحاد الجاليات المصرية والعربية في أوروبا وقيادته للبحث عن حلول بعيدة كل البعد عن فكرة إغلاق بيت من بيوت الله أطلقوا عليه منذ افتتاحه بعد استخراج جميع التصاريح وإنهاء كافة الإجراءات اسم المدينة المكرمة التي تضم بيت الله الحرام مكة.
إحدى الأفكار التي لاقت قبولا شبه مطلق من الرواد وجميع القائمين على المسجد هو شراء أرض تكون ملكا للبعض ثم نقلها كوقف غير قابل للتعامل بالبيع أو الشراء، فسرعان ما تحولت الفكرة إلى مشروع يسعى الجميع لتنفيذه.
قبل عيد الفطر هاتفني الدكتور إبراهيم يونس، نائب رئيس اتحاد الجاليات المصرية والعربية في أوروبا، لتبادل التهنئة فدار حديثنا حتى وصل عن حال مسجد مكة، فوجدته غاضبا يقول «أن مشروع شراء مسجد مكة بتورينو قائم، ولا مجال للشائعات والمهاترات والفتنة وأعداء النجاح».
قاطعته «هل هناك فتنة وأكاذيب حول بناء مسجد؟!» أجاب صاحبنا «القصة بدأت منذ إعلان إدارة المسجد ضرورة سرعة شراء مكان جديد يرحمهم من إهدار المال في الإيجار الباهظ شهريا على مساحة 450 مترا فقط، مقابل شراء مكان رحب جميل بمدينة تورينو، مساحته 1100 متر مربع، وبثمن زهيد 185.000يورو، بسعر 180 يورو للمتر المربع».
الحديث لا يزال مع الدكتور إبراهيم أذكره بنصه، «ظهرت فئة لها ميول عدوانية وأغراض رافضة ومشككة، دون وعي أو علم بأمور المسجد وصعوبة أحواله المادية، وما يعانيه الرواد من إيجار ومصاريف يسددها المسجد لصاحب الملك شهريا، ولكن تأكدنا من رغبتهم الشديدة في إغلاق بيت الله بلا رحمة، وعدم التقدم بأي عرض أو حلول لإصلاح ما يجدونه غير مريح لرغباتهم».
«عرضنا المشروع على رواد المسجد أكثر من مرة، واتفقنا على تسجيل المكان باسم مجموعة يختارها الجميع ثم يتم التنازل عنه وقفا باسم المسجد لا باسم أفراد، وطرحنا كل الأفكار أمام المسجل العام “رجل الدولة”، وشكلنا مجلس إدارة جديد منتخب من رواد المسجد لإدارة المبنى من تاريخ الشراء، لكننا فوجئنا ببضع أشخاص اتخذوا لغة التشكيك وسيلة لمحاولة السيطرة على البعض وإفشال المشروع»، الكلام نصا كما ذكره الدكتور إبراهيم.
القصة لا تزال تفاصيلها غزيرة تدعو إلى المزج بين العجب والدهشة من أُناس رفعوا شعار «أنا أختلف وأعارض إذا أنا موجود» دون أن يسهموا ولو حتى بجزء من الحل، حتى فعلت بهم خيالاتهم الأفاعيل، وتعاملوا مع بيت من بيوت الله كأنه مسجد ضرار لابد من غلقه.
هذه الفئة موجودة في كل زمان ومكان إما أن يكونوا أو لا يكون أي شيء، هدفهم الوحيد لقم حجر في كل فم يتحدث عن حل ييسر على البشر معايشهم.. فهم الضرار الواجب على الجميع عدم الالتفات إليهم ولو ببنت شفة.