بقلم الدكتورة سوزان روبرتسون مالت
أستاذ مشارك – الصحة، في جامعة ولونغونغ في دبي، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والصحة
لطالما حظيت مهنة التمريض باهتمام كبير نظرًا لتنوعها الكبير وأمنها الوظيفي وتأثيرها على المجتمع. ومؤخرًا زاد الاهتمام بمهنة التمريض والقبالة بشكل كبير، خاصة مع الانتشار العالمي لفيروس كورونا، وتجدد موجاته والتحورات المختلفة التي تحملها ومدى تأثيرها. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، أن العدد الكلي للعاملين في قطاع التمريض والقبالة يصل إلى حوالي 21 مليون ممرض وممرضة، أي ما يقرب من 50% من العدد الكلي للعاملين في قطاع الرعاية الصحية والبالغ عددهم حوالي 43.5 مليون شخص. ومع تضاؤل أعداد الوظائف المتاحة نظرًا للتطور الكبير في التكنولوجيا وتوظيفها في مختلف القطاعات، تحافظ مهنة التمريض على طبيعتها، وسيظل العنصر البشري فيها من الأساسيات والمسلمات.
وكان لجائحة كورونا دور هام في التذكير بالدور الذي يلعبه أخصائيو الرعاية الصحية في الحفاظ على صحة وسلامة المجتمعات. ودقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بعد أن أعلنت أرقامها عن وجود نقص عالمي في العاملين في قطاع الرعاية الصحية، لا سيما العاملين في قطاع التمريض والقبالة، وأن مناطق جنوب شرق آسيا وأفريقيا صاحبة النصيب الأكبر في هذا النقص.
ويحتاج العالم إلى تسعة ملايين ممرض وممرضة إضافيين لتحقيق الهدف 3 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والمتمثل في تعزيز صحة وسلامة المجتمعات. وأشارت مفوضية الأمم المتحدة رفيعة المستوى المعنية بالعمالة في المجال الصحي والنمو الاقتصادي، إلى أن تعزيز الجهود لدعم الاستثمار في التعليم وخلق فرص العمل في القطاعين الصحي والاجتماعي سيساهم في تحسين النتائج الصحية ورفع مستوى الأمن الصحي العالمي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
ويتميز قطاع الرعاية الصحية بشكل عام، ومهنة التمريض على وجه الحديد، بتنوع كبير في المسارات الوظيفية التي تفتح لك بمجرد حصولك على درجة البكالوريوس، حيث لا يتم تقييد الممرضين في مسار وظيفي واحد. ويمكن للمرضين اختيار تبديل التخصصات والوظائف، من رعاية الحالات الحرجة للبالغين إلى رعاية الحالات الحرجة للأطفال أو من تحليل المعلومات إلى التعليم السريري.
وفي الإمارات، عززت الدولة اهتمامها بقطاع الرعاية الصحية باعتباره قطاعًا ذا أولوية ومسارًا وظيفيًا لقيادة العقد القادم من النمو، حيث تعمل الدولة على توظيف التقنيات الحديثة والحلول المبتكرة لتعزيز جهود تقديم خدمات الرعاية الصحية. وقامت حكومة الدولة بتعديل نهجها في التوظيف وخصصت الحوافز للأجانب العاملين في قطاع التمريض، بما في ذلك منح الإقامة المجانية، ومنح بدلات العمل من سكن وتذاكر سفر وتنقل وطعام وتعليم، وإعفاء ضريبي على الدخل، وتوفير التأمين الطبي، ومكافآت نهاية الخدمة، وغيرها من الحوافز.
وفي إطار جهودها لتطوير وتنظيم مهنة التمريض، أسست الدولة مجلس الإمارات للتمريض والقبالة، بهدف تحسين وتطوير الخدمات التي تقدمها، ورفع مستوى الصحة والسلامة العامة بما يتوافق مع أرفع المعايير العالمية، ودعم وتشجيع الكوادر الإماراتية للعمل في مهن التمريض والقبالة.
ويقع على عاتق الطلاب الشباب مسؤولية إعادة تنظيم أولوياتهم يما يتماشى مع المتطلبات الدائمة لسوق العمل في العالم، واختيار مهنة يمكن أن تحدث فرقًا حقيقًا.