ومن سخريات القدر ان الفكر الإنساني المشغول دائما بالحالة الاسلامية مع او ضد كان وفي قمة الهجوم على المسلمين ومحاولة حصار الإسلام ومنع تمدده وانتشاره عالميا كان السؤال المطرح وحظي باهتمام كبير على الساحة : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟!! الان اصبح السؤال الأكثر الحاحا وألما .. ماذا خسر المسلمون بانحطاط المسلمين والعالم أيضا ؟!!
اسئلة كثيرة ومناقشات واسعة فرضها حديث الهجرة إلى الإسلام وبالإسلام في مقال الأسبوع الماضي وضرورة أن يهاجر المسلمون بقوة وسرعة إلى اسلامهم..اول الأسئلة وأكثرها الحاحا:وهل الهجرة الى الإسلام وبه من داخله تحتاج الى دعوة ؟وهل يعجز المسلم المعاصر ان يهاجر باسلامه في ظل مناخ الانفتاح العالمي ورايات الحريات المرفوعة ولو مجازا بلا حدود وتحتضن بقوة دعوات حرية الاعتقاد والكفر أيضا ؟!
الاسئلة مهمة ومشروعة والاجابة عليها وعنها تحتاج الى تصور كامل للخريطة وقراءة الاحداث وتداعياتها بدقة شديدة مع عدم اغفال او غض النظر عما يجري او تفرضه طبيعة الدورات الحضارية للأمم وما تتركه من اثر على المجتمعات القريبة والبعيدة..
ومن سخريات القدر ان الفكر الإنساني المشغول دائما بالحالة الاسلامية مع او ضد كان وفي قمة الهجوم على المسلمين ومحاولة حصار الإسلام ومنع تمدده وانتشاره عالميا كان السؤال المطرح وحظي باهتمام كبير على الساحة : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟!! الان اصبح السؤال الأكثر الحاحا وألما .. ماذا خسر المسلمون بانحطاط المسلمين والعالم أيضا ؟!!
لا نكشف سرا اذا قلنا بان الحرب على الاسلام من الداخل اقوى واسرع في السنوات الأخيرة وتستخدم فيها أسلحة اشد مكرا وخبثا واكثر اضرارا من الأسلحة الفتاكة فقد انسحب الأعداء من الواجهة وصدروا عنصر تحمل أسماء إسلامية وتدعي بل وتقول صراحة انها اكثر اسلاما من شيخ الازهر نفسه.. وبلغ من تبجحهم وهم بشنون حروب الهدم لكبار العلماء والمحدثين على مدى التاريخ ان يقولوا بانهم رجال وهم رجال..وانهم اكثر فهما وتحضرا وانفتاحا بما يقدموه من تساهل وتفريط واستهزاء بالقواعد والاركان والاستهانة بالنصوص والايات القرانية فضلا عن الاحاديث النبوية الشريفة..
رغم انتهاء الحقبة الاستعمارية ظاهريا الا ان المخططات لا تزال قائمة على اشدها ومحاولات الهيمنة والسيطرة مستمرة ثقافيا واقتصاديا وغيرها ولا تزال مراكز البحوث والدراسات إياها تكشف كل يوم عن بعض من الأوراق السامة على هذا الصعيد سواء في أمريكا في وزارة الخارجية او البنتاجون او في الدول الغربية عموما ..
ولمن أراد ان يتابع عليه بمتابعة بحوث فوكاياما وعدد من الخبراء المختصين بمنطقة الشرق الأوسط في البنتاجون ..وايضا دراسات ووابحاث بل قل توصيات الدبلوماسي الماكر هنري كيسنجر واحلامه في القضاء على العرب وإقامة إسرائيل الكبى والتي لا يزال يرددها حتى الان ويتوقه بابادة عشرات الملايين من العرب والمسلمين وتفرض الصهيونية العالمية كلمتها على العالم ..
نهاية العرب كانت ولاتزال حلما كبيرا لذا فان العمل على اضعافهم وتشتيتهم وقطع لسانهم وتشويه ثقافتهم وحرق تراثهم ماديا ومعنويا واحداث خلخلة في البنية الفكرية والثقافية مستمر على قدم وساق حتى يكونوا لا هم عرب ولاهم مسلمون ..
الحرب على اللغة العربية فيما يتم بذل أقصى الجهود للحفاظ على لغاتهم غير المقدسة ونشرها بكل السبل بل وفرضها فرضا باغراءات وغيرها وجعلها لغة التعليم والإعلام وما الى ذلك ..
وهناك منافسات حادة بين أصحاب الألسنة لفرض هيمنة لغتهم سواء الإنجليزية والفرنسية وغيرها .. تابعوا الفضائيات بكل اللغات كلها بلا استثناء تعلم لغة قومها ودروس مجانية ومنح وجوائز وكل أساليب ووسائلالاغراء.. الا العرب فإنهم غارقون في التقليد والمحاكاة والأغرب هم يساعدوننهم على نشر وتنفيذ خططهم الخبيثة ويمهدون لها الأرض ويوفرون عليهم مجهودات كثيرة واموال طائلة ويكسرون الحواجز النفسية والمعنوية أمام هجوم الآخر ومحاولات اختراقه .. والتى فشل فيها في السابق مستخدما كل الأسلحة بما فيها القوة العسكرية .. مرحلة الاستعمار .. ثم تبعها مرحلة الاستحمار ثم مرحلة الاستغغال …
السؤال .. اذا كان هناك ادراك لكل ذلك فهل هناك ما يمنع أو يعوق هجرة المسلمين إلى الإسلام؟
الجواب نعم .. هناك صعوبة تحتاج الى جهاد وصبر ومثابرة لان العودة تتم تحت ضغوط وفي مواجهة الحصاد المر المستمر لعقود طويلة من الحروب الفكرية والاجتماعية والعلمية والنفسية ..يقوم بها خبراء ومختصون تساعدهم ادوات وآلات جهنمية ومراكز البحوث واستطلاعات قياس الرأي العام لا ينقصها التمويل ولا يعيبها قانون محلي أو دولي ولا أعراف ومواثيق أممية أو غيرها ..
يسخرون ويطوعون كل شيء لخدمة أهدافهم ويسعون إليها بكل الطرق لا يعرفون الملل ويتبعون سياسة الأنفاس الطويلة دائما إذا خسروا جولة فلا يفت ذلك في عضدهم يبحثون ويبحثون ويطورون الخطط ويستفيدون من كل الخطط حتى المناهضة لهم ..
لا يفوتون فرصة للطرق على الحديد وهو ساخن وبارد أيضا..
لا مانع لديهم فعل الشيء ونقيضه المبادئ وعكسها..الإنساني واللانساني الابيض والاسود حقوق الإنسان وانتهاكات في وقت واحد دعوة السلام ودعوات لإشعال الفتن والحرب والحرائق بدم بارد تحالف مع الأصدقاء وتواطؤ مع أعدائهم وهكذا.
كان هناك هدف رئيسي حاكم ومتحكم في كل الخطط والسياسات اخراج المسلمين من دينهم دينهم ولغتهم وتهجيرهم قسريا عن ثقافتهم وجذورهم الحضارية والتاريخية خلق حالة من الغربة بين الإسلام والمسلمين والاعجب ان يتم تحميل الإسلام كدين سبب هذه الغربة وتبرئة المسلمين منها والقاء اللوم عليهم لانهم متشبثون بدينهم ويحافظون عليه ويتمسكون باهدابه!
لقد ادرك الأعداء خطورة الحرب الثقافية مبكرا فور ان اعيتهم الحلول العسكرية ولم يقدروا على الاستمرار فيها بل انهم ابتلوا بخسائر فادحة رغم الف\ظائع والجرائم التي ارتكبوها بحق الإنسانية ولم يستطيعوا تحقيق أي تقدم ..
بدأت حرب اخراج المسلمين من دينهم صراحة وعلانية مع الخطة الجهنمية التي وضعها زويمر في مؤتمر القدس العالمي لقادة الارساليات في دول العالم المختلفة في الثلاثينيات من القرن الماضي .. حين قال صراحة للمنصرين والمبشرين انكم لن تستطيعوا تحويل المسلمين الى المسيحية .. لا نريدهم مؤمنين لا نريد ان ندخلهم الجنة .. الامر الاسهل والأفضل هو ان نخرجهم من دينهم وكفي .. أي يزعزع الايمان في قلوبهم يشوه الايمان والمؤمنين نربي اجيالا مسخا بلا هوية ملحدين كفار مشركين أي شيء الا ان يكونوا مسلمين..
توالت بعدها عمليات التغريب وزرع بذور الغربة عن الإسلام والعروبة أيضا بشتى السبل..واضعاف الدين في النفوس واهمال تدريسه في المدارس والجامعات وجعله مادة غير أساسية .. وتم تعزيز ذلك بخطة واستراتيجية دانلوب للتعليم والتي قلبته راسا على عقب وهي قائمة على فصل الدين عن التعليم تماما وعزله عن الحياة أيضا لتخريج أجيال متغربة من المثقفين بينها وبين دينها حواجز رهيبة ..
ترافق مع ذلك خطط لعزل الدين عن ميادين الحياة الأخرى وعزل المتدينين وتهميش ازهر والازهريين وكانت حملات فصل الدين عن السياسة المشهورة والتي لاتزال قائمة حتى وصلنا الى وضع لا دين في الدين ولا سياسة في السياسة بتعبير استاذنا الكبير د. مصطفى رجب العميد الأسبق لكلية التربية..
ثم الاتجاه لتمكين قوى اليسار وغيرهم وأصحاب الفكر الماركسي ومن على شاكلتهم من العلمانيين والمتزحلقين على زلاجات العولمة طوال عقود حدثت خلالها اكبر عملية خلخلة في البنية الثقافية وتوجيه الفكر الى قضايا عدمية وهلامية وسفسطائية وخوض معارك كان ضررها اكثر من نفعها ولا يزال شررها المتطاير يفعل فعله على الساحة بين الفينة والأخرى ..
وهي مرحلة تحتاج الى دراسة جادة لنعرف ماذا فعل بنا اليسار واهل الشمال من علمانيين ومتعالمين والحاديين وهل أفادوا في تثبيت الامة في معاركها الحضارية وبناء مستقبلها ام كانوا نكبة ووبالا على الجميع ؟! ليس عيبا ان نرصد الأخطاء لنتجنبها خاصة ونحن مقبلون على مرحلة بناء جادة لدولة حديثة..هكذا تفعل الدول المتحضرة والراغبة في السير الى الامام.
اخر حلقات الخلخلة في الحرب الثقافية هي دعاوى التجديد الديني والتي كشفت عن وجهها القبيح في التجديد التخريبي وخاصة للدين وما يتصل بذلك من قيم واخلاق بعد ان ركب امواجها مدعي الثقافة ومحترفو لعبة التمويل الأجنبي والقبض باليورو والدولار وتجنيدهم في الفضائيات والمنابر الثقافية لبث السموم والأفكار الهدامة لزعزعة الثوابت وتحطيم ما يسمونه بالتابوهات المقدسة وغيرها لخلق دين جديد واخلاق غريبة غربية على مقاس الممول الرئيسي..
تخيلوا ان المهاجر الى الإسلام وبالاسلام عليه ان يخوض غمار السير في غابة من الاشواك ودوامات الحيرة والشك والشكوك وعواصف اللايقين على مرافئ تبدو مهترئة أحيانا او على شفا جرف هار!
والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com