الطلاق في حد ذاته مشكلة واناس العصر تفننوا و صنعوا منه عدة مشاكل رهيبة ارادوه أداة للتأديب والتهزيء.بدلا من أن يكون خلاصا من دوامات وتصحيحا لأخطاء ومعالجات.
يزيد من وطأة المشكلة ارتفاع نسب الطلاق إلى مستويات غير مسبوقة وشديدة الازعاج لما يصاحبها من مشكلات اجتماعية خطيرة تهدد البنيان الاجتماعي سواء للأسرة الصغيرة أو المجتمع الكبير..
المشكلة الحقيقية مع قضية أو أزمة الطلاق هي في طريقة التعامل معها فلم نصل بعد إلى الصورة الجادة المطلوبة التي يمكن أن توصلنا أو تضع يدنا على وسيلة للحد من الظاهرة وتداعياتها ولا نقول القضاء عليها.
الملاحظة الجديرة بالاعتبار هي أن من يتعرضون للموضوع يغرقون في الهوامش والتوابع والهزات الارتدادية لحالات الطلاق. يتعاملون مع الأعراض ولا يتوقفون أمام أصل وجذور المشكلة في محاولة لمنع حدوثها أو التقليل منها إلى الحد الأدنى..
وهم في هذا ومن حيث يدرون او لا يدرون يصنعون المزيد من المشاكل مع ما يتوهمون أنه حلول مثلما حدث مع اشكاليات الرؤية والحضانة والشقة من حق الزوجة والولاية التعليمية والطلاق للضرر وغير ذلك من مسميات ألهبت ظهور الأزواج والزوجات ومن قبل الأبناء لسبب بسيط وهو الرغبة في الانتصار لطرف على طرف أو الهوس بانتزاع حقوق أو الميل إلى الانتقام من طرف لصالح اخر والتفكير دائما أن الجميع في دائرة صراع لابد أن يحقق أحدهما الانتصار على الاخر ماديا ومعنويا باذلاله وارهاقه والدفع به نحو مزيد من الكراهية لكل شيء نفيس أو رخيص .. دائرة الصراع بين ذوي القربي وخاصة الأبناء والأزواج بالغة الحساسية لايصلح معها تلك الأساليب البالية القائمة على التأديب والإصلاح وانما الحكمة وهي القاعدة التي أشار إليها القرآن الكريم مع ظهور الشقاق والنزاع .. حكما من أهله وحكما من أهلها.. والحالات الشاذة لا يقاس عليها بالطبع .. والمتمردون لهم قاعدة أن الله يزع بالسلطان ما لم يزع بالقرأن.
أسوأ من الطلاق محاولات التدخل في الطلاق واللعب به..
فالطلاق ليس إلا كلمة .. لكن ليست كالكلمات. كلمة يهتز لها عرش الرحمن وكما أن استحلال الفروج كان بكلمة جعلها الله ميثاق غليظا ايضا ليست كالكلمات..
ومن العجيب أن الإسلام حين أجاز للرجل الكاره للحياة الزوجية حق الطلاق الا انه كرهه أيضا في الفعل وجعله أبغض الحلال وألقى عليه باعبائه وما يترتب على الكلمة من حقوق الآخرين الزوجة والأولاد ومنحه أيضا الفرصة تلو الأخرى ليتراجع للإصلاح وإعادة المياة إلى مجاريها حتى تستقر الحياة ويعود الوسام وتسود المحبة وتعم السكينة وينعم الجميع بالهدوء والمودة والرحمة ..
لعل اخطر محاولات اللعب في الطلاق هي الرغبة المحمومة في تجريد الرجل من حقه الشرعي في الطلاق وذلك بعد سلسلة طويلة من عمليات تجريد وتجريف لحقه سواء في الحضانة والرؤية والمسكن ومن قبل الولاية وحق الطاعة. ورغم التحذيرات من الإنحراف الواضح والمخالفات الشرعية في كثير من الأمور إلا أنه كان يضرب بها عرض الحائط ولم يرتدع أحد عند عملية التقنين ووضع التشريع وهو يعلم بالمخالفة الصريحة والوقوع في خطيئة مخالفة الشرع أو عدم الدستورية..
هناك أشياء مهمة لايمكن إنكارها أو الاعتراض عليها وخاصة الحامية للحقوق لجميع الأطراف زوجة وزوج واولاد..مثل توثيق الطلاق لا حرج فيه وإبلاغ القاضي به .. فيه ضبط لأمور كثيرة متعلقة به بالغة الأهمية من الناحية الشرعية كالعدة والنفقة والزواج الجديد وغير ذلك ..
لكن المشكلة الحقيقة هي أن البعض أراد أن يجعل الأمر مدخلا لتقييد حق الطلاق وفي معنى ورغبة أخرى نزع حق الطلاق من الزوج وجعله في يد أخرى كالقاضي على سبيل المثال وهنا مربط الفرس كما يقولون ..ولم يعد خافيا أن ذلك من بين المطالب الملحة للجمعيات النسوية وجماعات تحرير المرأة والمرأة الجديدة واخواتها وضغوطاتها المستمرة لتعديل قوانين الأحوال الشخصية ومنذ عقود وليس الان .فإلى جانب العمل على منع تعدد الزوجات وليس تقييده .ايضا جعل الطلاق بيد القاضي وأمامه.ويساعد في هذا الاتجاه العلمانيون ومن على شاكلتهم ممن يعانون من ارتكاريا مزمنة في كل ما يتعلق بالدين واتصاله بحياة المسلم في أي شأن من الشئون العامة أو الخاصة..
الغريب أن هؤلاء لا يملون ولا يتوقفون عن الضغط ومواصلة التشويه والتشويش وهم يعلمون يقينا أن التعدد
لاشك فيه ومباح بنصوص صريحة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وان الزوج إذا طلق زوجته بإرادته الصحيحة وقع الطلاق على الفور دون توقف على شيء آخر..
فالطلاق حق أصيل وشرعي للزوج منحه الشرع إياه يمارسه بإرادته المنفردة لعلة بسيطة وواضحة وهي أن بقاء مفتاح الحياة الزوجية يحب أن يكون بيد الزوج في الأصل باعتبار أنه هو الذي أنشأ الأسرة وهوالقيم عليها والمسئول الاول عنهاوالمكلف بالانفاق عليها
واذا كان البعض يحاول أن يجد مبررات ليكون الطلاق بالقاضي وأمامه متعللين بأنه يتيح فرصة للتفكير في الطلاق والبحث عن صلح وحتى يمنع ظلم الزوج لزوجته عندما يطلقها دون مبرر..
فإن كثيراً من الفقهاء وأساتذة القانون يؤكدون أن مسلك الشريعة الإسلامية هو الاقوى والافضل في هذا الصدد حين جعل الطلاق بيد الزوج منفردا وبارادته وهو الاولى للعمل به لا بيد القاضى وذلك لصالح الرجل والمرأة والأسرة ..
إذ لا يتحقق للأسرة السكن والمودة والرحمة إذا أجبر القاضي الزوج الكاره على أن يستمر في الحياة الزوجية وكذلك لا تجبر الزوجة الكارهة على الاستمرار.. ومعروف أن الزوج لا يلجأ إلى الطلاق الا بعد محاولات الصلح نظرا لما سيلقى عليه من أعباء دفع مؤخر المهر أو الصداق والنفقة متعة وعدة ونفقة حضانة الاولاد وغير ذلك من أعباء إذا ما فكر في زواج جديد ..
ويرى الفقهاء أن اللجوء للقاضي للطلاق ليس في صالح المرأة لأنه يعني ببساطة أن يضطر الزوج الى كشف عيوب وسوءات الزوجة ليبرر طلاقه لها واحيانا يبالغ البعض في إثبات سوء سلوك وتصرفات الزوجة مما يشوه صورتها ويزيد من حدة النفور بينهما. ولذلك جعلت الشريعة الطلاق بيد الزوج رحمة بالنساء وسترا لعيوبهن ومن الفضيحة أمام القضاء.. والعكس بالعكس إذا كانت الزوجة تقدم مبررات ومصوغات التطليق أمام القاضي.. والشريعة ألزمت الزوج بتحمل أعباء الطلاق ايا من كان المسئول عن السبب المؤدي للطلاق..
من مداخل اللعب في الطلاق.. بنود التطليق للضرر والتوسع في شرح مفهوم ومعنى الضرر وآثاره النفسية والاجتماعية ولا مانع من محاولة الالتفاف والتلفيق.. للنفاد إلى طريقة للتعدي على النصوص الشرعية وصل حد اتهامها بالعجز والظلم وعدم تحقيق العدل .. ويقولون صراحة أن التعدد فيه ضرر مؤكد يوجب التطليق!!
في اعتقادي أن القضية الأهم هي أن يتعلم الناس ادب الطلاق وحسن العشرة قبل الطلاق وبعده بدلا من تضييع الوقت في البحث عن تشريعات وقوانين خارج إطار ما أحله الله وما حرمه وخارج إطار قاعدة الاحسان معاشرة بمعروف أو فراق بإحسان..أما الاصرار على العيش على حافة الدوامات المهلكة والحرث في بحور ظلمات الشقاق فلن يجدي نفعا لأي من الفريقين على حافة وهاوية الطلاق..
وستظل الأزمة قائمة ووممتدة طالما تفنن الناس في جعل الطلاق أداة من أدوات اللعب والضغط الاجتماعي غير الحميد ومنفذا للاختراق والوصول إلى أهداف أيديولوجية مناوئة للدين وشرع الله الحنيف..
والله المستعان..