رغم التقارب الشديد بين الخبرين فى صفحة «الأهرام» الأولى صباح يوم الثلاثاء، فإن المسافة كبيرة، والهوة متسعة بين واقع الدولتين.
الخبر الأول يخص بريطانيا، وانتخاب ريشى سوناك رئيسا للوزراء هناك، بعد استقالة ليز تراس، ليكون ثانى رئيس للوزراء فى أقل من شهرين، فى حين أن الخبر الثانى يخص لبنان، وفشله فى اختيار رئيس جديد بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وذلك للمرة الرابعة على التوالى، بسبب تعذر حصول أى مرشح على ثلثى أصوات النواب.
الخبران كانا متجاورين فى الصفحة الأولى، إلا أنهما أوضحا حجم الهوة الضخمة بين بلد قادر على الحياة، وبلد آخر وقع فى «فخ» الطائفية، وأصبحت فيه الأحزاب، والميليشيات، والولاءات الحزبية، والطائفية أقوى من الدولة.
فى بريطانيا استقال بوريس جونسون، رئيس الوزراء الأسبق، وجاءت ليز تراس التى لم تستمر سوى ٤٥ يوما، والآن بريطانيا تدخل عصرا جديدا بتولى ريشى سوناك زعامة حزب المحافظين، وتوليه رئاسة الوزراء، ليكون أول رئيس وزراء بريطانى من أصول مهاجرة على غرار الرئيس الأسبق (أوباما) فى الولايات المتحدة الأمريكية.
أما فى لبنان، فالبرلمان «مفتت»، و«ضعيف»، وتحكمه الولاءات الحزبية الضيقة التى يعلو صوتها فوق صوت الدولة، ومصلحتها، ومن هنا يأتى التعثر فى اختيار رئيس للدولة، ورئيس للحكومة.
لبنان يعيش «أسوأ» عصوره على الإطلاق، ووصل الوضع الاقتصادى فيه إلى درجة كارثية غير مسبوقة، وأصبح مشهد اقتحام المصارف به مألوفا، ورغم كل ذلك، فالأحزاب ترفض التنازلات، رغم الأزمات، والمشكلات.
فى بريطانيا، الحزب الحاكم نفسه (حزب المحافظين) هو الذى يقوم بالتغيير، ويتراجع بوريس جونسون، رئيس الوزراء الأسبق، عن الترشح من أجل وحدة الحزب، ومصلحة المملكة المتحدة وفى لبنان يزداد الوضع سوءا، والنخبة السياسية تكتفى بالمشاهدة والمحافظة على مصالحها فقط.
أتمنى أن تراجع الأحزاب اللبنانية مواقفها من أجل اجتياز مرحلتى انتخاب رئيس للجمهورية، ورئيس للوزراء لإنهاء حالة الانهيار التى تعيشها الدولة اللبنانية.