من شرب الخمر أو غيرها من المسكرات كان مجرماً ، والمجرم يعاقب بالعقوبة الرادعة الزاجرة ، حماية له وللمجتمع من الفساد ، وعقوبة جريمه الشرب حق لله تعالى ، لأن هذه الجريمة تقضى بالعداوة والبغضاء كما نص القرآن الكريم على ذلك ، وتدفع إلى الشر ، والسكران يندفع إلى الشر ، وإلى القول المفسد عند وصوله درجة الهذيان من السكر ، وذلك يضر بالجماعة ، وكثير من مدمنى الخمر يرتكبون أعظم الجرائم أثناء سكرهم ، بل منهم من يسكر ليرتكب الجريمة متعمداً ، وليزول تردده فى ارتكابها ، كما لو كان قبل السكر ، ولذلك عد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الخمر أم الخبائث ، لأنه ما من شر يتردد فيه الإنسان إلا أقدم عليه إذا سكر . إن من موجبات تحريم الخمر ، والمحافظة على العقل وسلامة جسم الإنسان ، لأن فقدان العقل أو نقصه يتناول المسكرات وغيرها ، مما يجعل الشخص كلا على الأمة ومصدر أذى لها ، فتفقد الأمة به تلك القوة الفعالة من قواها . العاملة ، وقوة المجتمع بقوة أفراده وسلامة أعضائه . من أجل ذلك لم يكن الشرب جريمة شخصية ، بل فيه اعتداء على حق الله ، الذى هو حق الجماعة ويجب أن يصان ويحفظ فلا يعتدى عليه ، فكانت عقوبة الشرب حداً مقرراً بالنصوص الشرعية الصحيحة وهى ثمانون جلدة كما قرر معظم الفقهاء آخذين ذلك من عمل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده ، ردعاً للجانى وزجراً لغيره ومنعاً لتكرار وقوع الجريمة ، وحماية للفضيلة والمجتمع والمنفعة العامة والمصالح الإنسانية الحقيقية المقررة الثابتة . وقد ثبت عدم رفع الخطاب بالنص القرآنى . قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى حتى تعلموا ما تقولون ). فهذه الآيات تدل صراحة على أن السكران مخاطب بالصلاة ، إذ أن النهى عن الصلاة إنما هو وقت السكر ، ولا يمنع هذا النهى من استمرار وجوب الصلاة وعدم سقوطها بالسكر ، ولكنها لا تؤدى وقت السكر . أما السكر فهو كما يعرفه الفقهاء : غيبة العقل من تناول خمر أو ما يشبه الخمر ويعتبر الإنسان سكران إذا فقد عقله ، فلم يعد يعقل قليلاً ولا كثيراً ، ولا يميز الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة ، وهذا رأى أبى حنيفة رحمه الله . وأن السكران هو الذى يغلب على كلامه الهذيان ، ويخلط فى كلامه ، ويغيره عن حال صحوه ، ويغلب على عقله ولا يميز بين ثوبه وثوب غيره عند اختلاطهما . ولا بين نعله ونعل غيره ، فالحد الفاصل بين السكر والإفاقة هو أن يعلم الشخص ما يقول ، وفسر ذلك أبو حنيفة بأن يكون واعياً ولو وعياً نسبياً ، فإن من يهذى فى قوله لا يعلم ما يقول . أن المخدرات بكافة أنواعها وأسمائها طبيعية أو مخلقة مسكرة ، وأن كلأ مسكر من أى مادة حرام ، وهذا الحكم مستفاد نصاً من القرآن الكريم ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حسبما تقدم بيانه . وبذلك يحرم تعاطيها بأى وجه من وجوه التعاطى من أكل أو شرب أو حقن لأنها مفسدة ، ودرء المفاسد من المقاصد الضرورية للشريعة حماية للعقل والنفس ، ولأن الشرع الإسلامى اعتنى بالمنهيات وفى هذا يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( إذا أمرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهينكم عن شىء فاجتنبوه ) .