كتب – عادل يحيى
شاركت أ. د نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة ، أمس ، بالمنطقة الزرقاء، على هامش فعاليات قمة المُناخ cop27، والمنعقدة بمدينة شرم الشيخ، في جلسة “شبكة التراث المناخي… الحلول المناخية القائمة على التراث الثقافي”، بمشاركة صاحبة السمو الملكي، الأردنية الأميرة، “دانا فراس”، سفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة للتراث الثقافي، الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، السيد معاوية الردايدة، وزير البيئة الأردني، أندرو بوتس، مُنسق شبكة التراث الثقافي، كما شارك عن طريق تقنية الفيديو كل من، وزيرة الثقافة الأردنية، هيفاء النجار، وزيرة الثقافة الإماراتية، نورا الكعبي، وزير الثقافة الإيطالي، جينارو ساينجليانو.
وخلال كلمتها رحبت وزيرة الثقافة المصرية، بضيوف مصر بقمة المناخ، علي أرض مدينة شرم الشيخ العريقة، واستطردت بشرح لتاريخ مصر القديم وتقديس المصري القديم للطبيعة ونهر النيل الذي كان من ضمن دستور “ماعت” أنا لم ألوث ماء النيل، مضيفة أنه علي أرض مصر أو كيمت، تنوعت الحضارات ذات التنوع التراثي المادي واللامادي، الفريد من شمالها لجنوبها.
ونوهت وزيرة الثقافة أن مصر ليست بمنأى عن التغيرات المناخية، على الرغم من أن نسبة الانبعاثات الحرارية بها لا تتجاوز النصف في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية، إلا أنها أصبحت مهددة بفعل التغيرات المناخية من خلال سلسلة متصلة من التأثيرات، طالت التراث المادي واللامادي وتسببت في تأثير مباشر وغير مباشر علي التركيبة المجتمعية، بما فيها الحرف التراثية المتوارثة عبر آلاف السنين.
وأضافت وزيرة الثقافة، أن الدراسات تشير إلى أن الهجرة البيئية قد بدأت بالفعل، ومعها زاد النزوح للمدن بحثا عن مناطق أقل في التأثر من التغيرات المناخية، وبدأ التخلي عن المعارف التقليدية في العمارة البيئية التراثية المميزة لأقاليم مصر، مثل مباني “الكرشيف” بمدينة شالي بسيوة، وغيرها، والتي غادرها أصحابها للمباني الخرسانية، للبعد عن موجات المناخ الجامحة، والتي تسارعت مؤخرا بشكل ملحوظ، مشيرة إلى الحرف التراثية التي هجرها أصحابها بحثا عن مورد رزق، بعدما أثرت التغيرات المناخية على اقتصادات المجتمعات الصغيرة ومعها خسرنا جزءا من تراثنا.
وأكدت وزيرة الثقافة، أن الدولة المصرية تحركت في هذا الملف، وتنبهت إلى المخاطر التي تهدد التراث، وحرصت بالتعاون مع الهيئات الدولية العاملة في التراث، إلى تبني مشروعات لإعادة أحياء تراثنا والحفاظ عليه، مثل مشروع إنقاذ قرية حسن فتحي، رائد العمارة البيئية بالبر الغربي بالأقصر، إعادة أحياء مدينة شالي بسيوة، مشروعات جمع وتوثيق التراث غير المادي وتوثيقه وتسجيله على قوائم اليونيسكو، دعم الحرفيين أصحاب الحرف التراثية البيئية.
وفيما يخص ملف الوعي، أكدت وزيرة الثقافة، على حرص الوزارة أن تكون جزءا فاعلا بمعركة الدولة المصرية، لمواجهة آثار التغيرات المناخية والتكيف معها، مشيرة إلى أنه تم تكثيف العمل على مدار عام كامل، منذ إعلان استضافة مصر لمؤتمر المناخ، حيث قامت قطاعات وزارة الثقافة ممثلة في هيئة قصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة، بتنظيم سلسلة من الندوات والمؤتمرات وورش العمل بجميع محافظات مصر، بخلاف إطلاق مسابقات لرفع الوعي بمخاطر التغيرات المناخية، وورش عمل بالمركز القومي لثقافة الطفل لتدوير المخلفات، إصدار المركز القومي للترجمة وهيئة الكتاب، سلسلة من الإصدارات والترجمات المتعلقة بالمناخ، كما تم عرض عدد من الأعمال المسرحية بالمدارس والجامعات وقصور الثقافة، من إنتاج الوزارة، كذلك تم عرض أفلام توعوية ضمن مشروع سينما الشعب طافت بها وزارة الثقافة مصر من شمالها لجنوبها
ونوهت وزيرة الثقافة أن إحدى مخرجات مؤتمر المناخ، أنه سيتم إنشاء أول قصر ثقافة بمنطقة أبو سمبل صديق للبيئة، وسيتبعه إنشاء عدد من بيوت الثقافة التي سيتم بناؤها بخامات بيئية مستوحاة من الطبيعة
وفي ختام كلمتها قالت وزيرة الثقافة إننا على أرض السلام مصر، ندق جرس إنذار، فالخطر يطال الأخضر واليابس، والتغيرات المناخية ستغير وجه الحياة، مشيرة إلى تجاوز عدد النازحين بسبب التغيرات المناخية عام 2020 ال30 مليون نازح.
وأوصت وزيرة الثقافة، بدمج البعد الثقافي والالتفات له كأحد العناصر المهددة من التغيرات المناخية في الاتفاقيات الدولية، اعتبار التغيرات المناخية خطرا يتم إدراجه في اتفاقية حماية التراث الثقافي باليونسكو، يصبح محور التراث والمناخ جزء أصيل من التفاوض فيما يخص محور الأضرار والخسائر المناخية بمؤتمرات الدول الأعضاء بالاتفاقية الإطارية للتغيرات المناخية، العمل بشكل سريع على توثيق التراث في إطار مشروع دولي لحماية ذاكرة توشك على الاندثار وهوية توارثناها عبر آلاف السنين يجب أن نحافظ عليها لأجيال قادمة حتى لايكون مصيرنا الانقراض.
وفي سؤال عن دور العمل الثقافة في مجال المناخ، أشارت وزيرة الثقافة، إلى مفهوم الثقافة الذي أصبح شاملًا لكل مناحي الحياة، مشيرة إلى أن الثقافة لعبت دورًا مهمًا في التعامل المناخي، منها إعداد الأفلام الوثائقية، الكتب والمطبوعات التوعوية، تعزيز الممارسات الثقافية التراثية التي قامت من أجل إعادة توثيق العلاقة بين الإنسان وبيئته، مضيفة أن هناك تحديات تتنامى مع الوقت وتتزايد وفق التغيرات العالمية، مع ضرورة إشراك الأجيال الجديدة، هذه الأجيال أصبح لديها ممارسات يومية وسلوكيات تحتاج إلى وضع رؤى جديدة، يتشارك الجميع فيها، وبالتالي فإن المؤسسات الثقافية لن تكون وحدها بل لابد من وجود تعاون مشترك من مؤسسات التعليم والثقافة والشباب والإعلام.
وحول تعليق الأمين العام للأمم المتحدة، حول فشل آليات العمل المناخي، أكدت وزيرة الثقافة، على ضرورة تكثيف العمل للوصول إلى المنتجات صديقة البيئة بشكل عام، مؤكدة أن هناك أمور تحتاج إلى مراجعات في المطبوعات والكتب والمنتجات الثقافية التي تقوم على مواد خام غير صديقة للبيئة، من أبرزها الوسائل التعليمية الموجهة للنشء أو ألعاب الأطفال التي تستهدف رسالة ثقافية، ونوهت إلى ضرورة وضع رسالة ثقافية على كافة المنتجات موجهة للجميع ومرشدة لآليات التعامل مع المناخ، ووجهت الدعوة إلى إنشاء مجموعات عمل تقوم بتقديم الأفكار التي نعمل بها خلال المرحلة المقبلة، قائلة لا بد من أن نواجه أنفسنا بالحقائق وهي أننا لم نصل بعد على توفير منتجات صديقة كليًا للبيئة بشكل عام، مشيرة إلى أن الأمر شديد التعقيد لكنه ليس صعبًا يتطلب فقط إرادة حقيقية للتنفيذ.
وحول الاستراتيجية المؤثرة لتفعيل دور الثقافة في العمل المناخي، أكدت وزيرة الثقافة على ضرورة تضافر جهود جميع المؤسسات، مؤكدة أن الاستراتيجية الثقافية تحتاج إلى تعاون مشترك من المؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، التي يمكنها الاستفادة من المادة الخام التي توفرها المؤسسات الثقافية، وسردت وزيرة الثقافة، النقاط التي يمكن العمل عليها منها: أولًا توفير المادة العلمية والثقافية الخام التي يمكن الاستفادة منها في المحتوى الرقمي أو التعليمي أو الإعلامي والدرامي، ثانيًا إنتاج أعمال فنية قادرة على رفع الوعي بالقضية المناخية، سواء غنائية أو مسرحية أو غيرها من الفنون البصرية، وثالثًا تعزيز التراث الثقافي وضرورة الاهتمام به، مشيرة إلى أنه ركيزة مهمة بدأت وزارة الثقافة المصرية العمل عليها بجد، حيث وصلت إلى نتائج ملموسة وإيجابية للغاية.