لاشك أن شعوب دول العالم أجمع؛ سواء الدول الغنية أو الفقيرة تعاني من ارتفاع أسعار السلع والخدمات؛ نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي خلفتها الأزمة الروسية الأوكرانية، وهذا ما تبثه يوميًا وسائل الإعلام العالمية، ومصر مثلها مثل سائر الدول تأثرت الأسعار بها وارتفعت ارتفاعًا نسبيًا، ولكن هناك للأسف ارتفاعات كبيرة غير مبررة خاصة في السلع الغذائية؛ نتيجة احتكار وجشع بعض التجارة واستغلال هذه الظروف؛ لتحقيق أرباح ومكاسب خيالية على حساب الشعب المصري، والذي غالبيته من الأسر المتوسطة ومحدودي الدخل.
وإن من أبسط السلع التي يتاجر فيها الجشعون لامتصاص دماء الشعب المصري وهو سلعة الأرز؛ والتي هي من أساسيات مائدة كافة البيوت المصرية ولا غنى عنها، وللأسف هناك من انضم لهؤلاء التجار أصحاب الضمائر الميتة، وذلك من مهن سامية تعالج جراح الناس، ومن بعض الوظائف وخاصة في المحافظات؛ حيث قاموا باستثمار أموالهم في شراء وتخزين كميات كبيرة من أرز الشعير حتى يرتفع ثمنه، وهذا ما تسبب بالفعل في أزمة الأرز الحالية وقلته في بعض الأسواق مع ارتفاع سعره إلى مستويات كبيرة.
ولا يعلم هؤلاء التجار الجشعون – ومن انضم إليهم – أن أرباحهم من هذه التجارة المحرمة سوف تكون نارًا في بطونهم وبطون من يعولون، ناهيك عن حسابهم في الآخرة عند ربهم، وهذا ما ذكره سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم” في حديثه؛ حيث قال “مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ المُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، كانَ حَقًّا على الله أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِن النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ” كما روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّي الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الله – تعالى – وَبَرِئَ الله – تعالى – مِنْهُ، وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ الله تَعَالَى”.
ولابد أن يكون هناك وقفة لاتحاد الغرف التجارية المصرية وغرف الحبوب باتحاد الصناعات مع التجار الذين يستغلون الظروف الاقتصادية وحاجة الناس ويحتكرون السلع ويبيعونها بأسعار مبالغ فيها؛ مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالناس والتضييق عليهم بأن من يثبت عليه ذلك الاستغلال أن يتم توقيع عليه أقصى العقوبات والتي تصل إلى شطب عضويته من الغرفة التجارية التابع لها؛ لأن هؤلاء بأفعالهم الدنيئة يصبح أغلب المواطنين عاجزين عن تلبية أبسط احتياجاتهم الأساسية؛ مما يثير الحقد والغل في نفوسهم، ومنهم من يتجه إلى أعمال غير مشروعة؛ مما يهدد استقرار الوطن وأمنه وأمانه، وعلى الأجهزة المختصة أن تعاقب أغنياء مجرمي الحرب هؤلاء، وتنزل بهم أقصى العقوبات.