مثل طائر مهاجر من بلاد شتوية بعيدة جَلَسَت أمامى داخل عربة قطار أبو قير بصحبة رجل يبدو زوجها، ركبا سويا من محطة المندرة، بشرة بيضاء ضربها الاحمرار بخفة أضفى رونقا فبدت أصغر من سنها، الذى يقترب من الستين، لبسها كلاسيكى أوروبى الذوق يناسب النمش المتسلل إلى وجهها، قميص وردى لامع وبلوفر أبيض على بنطلون بيج واسع، منديل مزخرف بألوان مبهجة حول الرقبة ربما يخفى تجاعيد هلت دون استئذان.
رحت أخمن جنسيتها، إيطالية أم يونانية، ملت إلى أنها يونانية دون سبب، ولها تاريخ مع المدينة ومعرفة وثيقة بها، وإلا ما ركبت قطار أبو قير الشعبى جدا، الزوج قمحى مصرى فى الستين، ملابسه عادية، يبدو أنه كان رياضيا فى شبابه.وتساءلت مع نفسي: لماذا ركبت أجنبية قطار أبو قير المتواضع جدا؟، كل ما فى القطار متهالك أو مُتْعب أو انتهى عمره الافتراضى،ولا ينتمى لزمنه إلا التليفونات المحمولة التى انكب عليها الركاب كما لو أنهم يلقون بهمومهم فى الواقع الافتراضى،إلا قلة منهم دخلوا فى حوارات جانبية، بعضها همسا.