يوفى نلقي من خلال هذا المقال الضوء على قضية دور المرأة داخل منظمات المجتمع المدني، انطلاقاً من رؤية عامة وقناعة بأهمية هذا الدور وحيويته من أجل بناء الدولة المدنية الحديثة، من خلال طرح عدد من القضايا والموضوعات الدالة والمفسرة التي تبرهن على أهمية هذا الدور
. فقد استعرضت هذه الدراسة في البداية أهم المفاهيم المتصلة بدور المرأة في العمل العام؛ مثل مفاهيم: المشاركة العامة، والتمكين، والطريق الثالث، بالإضافة إلى المفاهيم المتصلة بعملية التنمية، سواء التنمية الشاملة أو الإنسانية، وما يرتبط بها من قضايا الحوكمة والحكم الرشيد، ثم تطرقت الدراسة إلى استعراض أهم مؤسسات التنشئة الوطنية وعلاقتها بتمكين المرأة،
وقد حددتها في أربع مؤسسات؛ هي: الإعلام، والمؤسسة الدينية، والمؤسسة التعليمية، بالإضافة إلى الأُسرة. كما أفردت هذه الدراسة قسماً خاصاً بدور المجتمع المدني في التنشئة الوطنية، وكيفية استثمار مثل هذا الدور لدعم مهمة المرأة في المجتمع عموماً والمجتمع المدني خصوصاً، الذي من خلاله تتحقق قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، التي هي الطريق الرئيسي لتمكين المرأة من المشاركة في بناء الدولة المدنية الحديثة، التي بدورها تساعد أيضاً من خلال مؤسساتها وقوانينها في دعم دور المرأة. وأخيراً، تقدم الدراسة رؤية مستقبلية لتعزيز دور المرأة، باعتبار أن اكتمال هذا الدور لا يتم إلا من خلال منظمات المجتمع المدني، وهو الطريق الثالث لبناء الدولة المدنية الحديثة.
قضايا المرأة في مصر تعددت مع مرور السنوات واختلاف الزمان وتوسعت لتأخذ شكل أخطر. لقد كان كفاح المرأة في المجتمع دائما لتحصل على حقوقها المدنية والسياسية بشكل كامل ولكنها حتى الأن لم تأخذ حقوقها الاجتماعية كاملة وحتى ان ساندتها القوانين في ذلك، فنظرة المجتمع لها ولحقوقها حتى المضمونة منها تحتاج تدخل الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتعديل تلك النظرة.
وفي رأيي فأن أخطر قضايا المرأة التي تواجهها حالياً هي العنف ضدها، الختان، التحرش، المرأة المعيلة، ممارسة حقوقها المدنية والسياسية وتولى مناصب عليا. وللدولة والمجتمع المدني دور هام ومؤثر في قضايا المرأة.
أولا دور الدولة:
تختلف منابر الدولة في تشريع وتيسير قوانين تخص وضع المرأة في المجتمع المصري وتحافظ على أصول حقوقها. من تلك المنابر واكثرها أهمية وتخصص “المجلس القومي للمرأة” الذي يهتم بتوضيح المفاهيم وخوض الكفاح نيابة عن كل امرأة مصرية للحصول على حقوقها غير منتقصة. “ومنذ السبعينيات كانت المؤتمرات المتعاقبة للأمم المتحدة للمرأة تنادي بضرورة تطوير اللجان القومية لتكون “آليات حكومية للمرأة” ، وأكدت وثيقة منهاج عمل بكين – الصادرة في عام 1995 بموافقة الدول الأعضاء ومن بينها مصر-، على شروط واختصاصات هذه الآلية الحكومية بأن تكون مستقلة وفي أعلى المستويات الحكومية ويكون لها القدرة على اقتراح السياسات ودمج شئون المرأة في الخطط القومية للتنمية بصورة جادة والصلاحية التي تمكنها من متابعة التنفيذ ، بالإضافة إلى مراجعة القوانين والعمل على تنفيذ السياسات ورفع تقاريرها إلى الجهات المعنية وتعديل أي نصوص تشريعية تكون بها شبهة تمييز ضد المرأة.
وبعد جهود استغرقت أكثر من 4 سنوات ، صدر القرار الجمهوري رقم 90 لسنة 2000 بإنشاء “المجلس القومي للمرأة” كمؤسسة حكومية دستورية مستقلة في إطار المادة 164 من الدستور على غرار المجالس القومية المتخصصة في الدولة ، وجاءت اختصاصات المجلس القومي للمرأة مستجيبة بداية للاحتياجات الوطنية بالإضافة لما جاء في وثائق الأمم المتحدة من الوصف الوظيفي المطلوب للآلية الحكومية للمرأة الذي التزمت به الدول الأعضاء مما وضع مصر في وضع مميز على المستوى الإقليمي والدولي ، وأتاح لمصر الاستفادة من المنح والمعونات والقروض الدولية ،
كان هذا هو الدور الهام للمجلس القومي للمرأة كجهة حكومية لها حق المشاركة في صياغة الخطط القومية وحق المتابعة والتقييم وهو دور هام لا يمكن إلا لجهة حكومية لها وضع معين يسمح لها بالقيام بهذا الدور.”
يتعاون المجلس مع منظمات المجتمع المدني للقيام بدوره الوطني للنهوض بالمرأة. اما عن دور المجلس باختصار فهو:
- اقتراح السياسات العامة للمجتمع ومؤسسات الدستورية في مجال تنمية شئون المرأة وتمكينها من أداء دورها الاقتصادي والاجتماعي وإدماج جهودها في برامج التنمية الشاملة,
- متابعة وتقييم تطبيقات السياسة العامة في مجال المرأة والتقدم بما يكون لديه من مقترحات وملاحظات للجهات المختصة في هذا الشأن .
- إبداء الرأي في مشروعات القوانين والقرارات المتعلقة بالمرأة قبل عرضها على السلطة المختصة ، والتوصية باقتراح مشروعات القوانين والقرارات التي تلزم للنهوض بأوضاع المرأة .
-إبداء الرأي في جميع الاتفاقيات المتعلقة بالمرأة . تمثيل المرأة في المحافل والمنظمات الدولية المعنية بشئون المرأة
-إنشاء مركز توثيق لجمع المعلومات والبيانات والدراسات والبحوث المتعلقة بالمرأة وإجراء البحوث والدراسات في هذا المجال .
- عقد المؤتمرات والمنتديات والندوات،
-تنظيم دورات تدريبية للتوعية بدور المرأة في المجتمع وبحقوقها وواجباتها، إصدار النشرات والمجلات والمطبوعات المتصلة بأهداف المجلس واختصاصاته.
-دراسة الموضوعات التي يحيلها رئيس الجمهورية للمجلس.
وبما ان المجلس القومي للمرأة احدى أدوات الدولة التي نعرضها، فعلينا ان نتعرض لما حققه المجلس من واجب وطني تجاه المرأة المصرية. يقوم المجلس بعدة برامج أولها “برنامج التمكين الاقتصادي”. “بهدف التقليل من الفقر ومواجهة مشكلة البطالة باعتبارهما المدخل الأساسي لكافة أوجه التنمية”
مجهودات المجلس:
مشروعات تمكين اقتصادي:
- إدماج شئون المرأة في خطط الدولة القومية للتنمية 2002/2007 ، 2007 / 2012 بالاستناد على مفهوم التخطيط بالمشاركة.
-مشروع المرأة المعيلة للأسرة: نفذ هذا المشروع في 73 قرية في 21 محافظة، يقوم عليها 74 جمعية تنمية المجتمع التي يقيم أعضاؤها في القرية نفسها وحتى الآن تم تنفيذ حوالي 8243مشروع للنساء المعيلات في هذه القرى .
-مشروع المنيا متعدد الأهداف: يعد كمشروع تنموي متكامل يحمل عنوان ” ، تبنى المجلس من خلال هذا المشروع منظومة متكاملة من أنشطة التمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تدعم كل منهما الأخرى تعزيزاً لمشاركة المرأة في تنمية أسرتها ومجتمعها إضافةً إلى تنفيذ برنامج متكامل من التوعية بالحقوق الإنسانية والاجتماعية والسياسية .
-مشروع دعم دور النساء كحافظات للتراث، مع توثيق وتنمية فن التللي وتم تدريب 800 فتاة بمحافظات أسيوط وسوهاج وشمال سيناء وسيوة بمطروح على هذه الفنون التراثية كمصدر أساسي للتنمية الاقتصادية وقام المجلس بإنشاء موقع إليكتروني لتسويق هذه المنتجات محلياً وعالمياً.
من اهم سبل المجلس للتمكين الاجتماعي للمرأة المصرية:
-تنفيذ مشروع مناهضة العنف ضد المرأة بمنحة من الوكالة الدولية الأمريكية طبقاً لاتفاقية الحقوق الإنسانية بين الحكومة المصرية والحكومة الأمريكية وبموافقة وزارة التعاون الدولي .
- تنفيذ مشروع مكتب شكاوى المرأة ومتابعتها في إطار اتفاقية الحكومة مع الاتحاد الأوروبي حول حقوق الإنسان بإشراف وزارة التعاون الدولي ، ويعتبر هذا المكتب وفروعه بالمحافظات مصدراً للدراسات المتعمقة للمشكلات التي تتسم بالعمومية والتي تمكن المجلس من خلال نتائجها إلى تعديل مواد في حوالي 12 قانون بالتدخل التشريعي لحل مثل هذه المشكلات.
- برنامج التأهيل السياسي.
- برنامج المرأة العاملة
- مشروع المرأة المعيلة.
- التوعية و التدريب.