“فاظفر بذات الدين تربت يداك”.من أهم وأجل وأخطر الوصايا التى حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم..الامر والتوجيه النبوي لم يكن للخاطب أو للمقبل على الزواج فقط ولكن للاب والام والبنت تحديدا وللمجتمع بشكل عام..انه أقوى انذار بأن دين المرأة وتدينها هو القاعدة هو أساس البنيان للأسرة الكبيرة والصغيرة من أجل مجتمع الرحمة والمودة والعلاقات الإنسانية المتينة البعيدة عن الزيف والخداع..المؤسسة والداعمة لقيم المحبة والألفة وغيرها ولكل ما هو كفيل بإقامة مجتمع متماسك متعاضد لا يعرف الشحناء والبغضاء بل ويكون قادرا على تجاوزها وتصحيحها في مهدها قبل أن تستفحل وتقود إلى الهاوية..
أتصور أن قاعدة ” اظفر بذات الدين” وفرت الحماية والحصانة الكافية لبناء مجتمع إسلامي قوي وسوي لم يعرف تلك المآسي في العلاقات بين الأفراد بل حتى بين أفراد الأسرة الواحدة بل حتى بين الأبناء والاباء..صحيح لم يخل مجتمع من عقوق.. لكن لم يكن منتشرا أو متفشيا ويصل درجة الداء الذي أعيا الكثيرين وتتعالى منه الصرخات كما نشاهد الان وأصدق دليل حالات القتل البشعة والاعتداءات الهمجية على الأبوين بصورة غير مسبوقة فضحتها أحاديث وسائل التواصل الاجتماعي وايضا الصراع بين الإخوة على الميراث وما شابه. وهو ما ألقى بظلال سوداء على الاستقرار الاجتماعي والاسري خاصة..
قد يتعجب البعض ويتساءل وما علاقة ذلك بتدين المرأة ودينها وتعيينها على وجه الخصوص دون غيرها من بقية الأفراد؟!
والجواب ببساطة أن الأم هي المربي الاول أو الاعظم في الحياة منذ اللحظات الأولى عندما يرى الفرد نور الحياة ويمتد الأمر حتى الممات .. ولذا لم يكن غريبا أوعجيبا أن يقال عنها الام مدرسة أن اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق ..على حد تعبير امير الشعراء احمد شوقي في قصيدته الشهيرة..
للاسف الشديد فإن أعداء الإسلام وخصوم المسلمين كانوا أكثر ذكاء ووعيا وتنبهوا مبكرا إلى هذه القاعدة وأهمية الدور الذي تمثله المرأة في المجتمع المسلم وأنها محور ارتكاز وصمام امان قوي..وعندما عجزوا واعيتهم الحيل في السيطرة والاختراق إبان حرب الهيمنة الاستعمارية على الدول المسلمة فكروا جديا في الاختراق من جبهة المرأة.. كانوا يدركون أهمية العبث واللعب في أساس البنيان بأي وسيلة ليتحقق هدفهم الأسمى في إضعاف الشعوب ومن ثم السيطرة عليها والهيمنة على مقدراتها بسهولة .. فكان الاصرار على تجريد المرأة من قوتها الحقيقية وإخراجها من مملكتها وأبعادها عن قواعدها التربوية في التأسيس والحماية والحصانة..
ومن يتابع معارك المرأة على مدى القرون الأخيرة سيجد أنها في معظم الأحيان كانت عبثية وتركز على قضايا تخلعها من دينها أو تصرفها عن كل ما يضمن لها تقدمها الحقيقي كان الهدف الأول والأخير ان تفسد عليها دينها حتى ولو كان ذلك باسم الدين وبايدي عناصر من المتدينين الاقحاح وقد استخدموهم بالفعل بكل مكر وخبث ادوات لضرب الدين وتشويه التدين ومن ثم اغرقوا المرأة والدنيا في معارك حامية الوطيس حول الحجاب والتحجب وعمل المرأة حرام والسلام على المرأة حرام وغير ذلك من قضايا مشتبهة ومتشابهة وتركوا القضايا الحقيقية في مشاركة المرأة في البناء والتنمية وفي المجالات المختلفة المساندة للرجل ولاسرتها والنماذج الرائعة على هذا الصعيد لايذكرها أحد وكذلك نماذج المرأة المتفوقة في المواقع المختلفة وهي ملتزمة ومحافظة على دينها وتدينها وأسرتها أيضا.. لا يعنيهم هذا لأن هدفهم خلق نماذج مشوهة غريبة شديدة التغرب مقلدة لفساد المرأة الغربية وتحللها وانحلالها وليس للنماذج المبهرة الموجودة عندهم.
لذلك لابد من توجيه التحية للتوجهات الجديدة نحو الاهتمام بوعي المرأة وتدينها لما له من دور فاعل في معارك التحدي المعاصرة التى يخوضها المجتمع على كافة الأصعدة..وتصويب التوجهات نحو توظيف حقيقي وآمن للمرأة في المجتمع بما يحقق الامن والأمان الاجتماعي والقافي والديني ويوفر حوائط صد قوية امام أي محاولات للاختراق والعبث بالقيم ونشر كل غريب وشاذ من عادات وتقاليد من جانب المتنطعين والراقصين على كل الحبال باسم الحرية حينا والمساواة أحيانا والفوضى الخلاقة على اخر الزمان!!
من هنا فإن الاهتمام بحركة الواعظات في الجمهورية الجديدة مسألة في غاية الأهمية خاصة وأنها تتم تحت رعاية فضيلة الامام الأكبر د.احمد الطيب شيخ الازهر وفضيلةد.محمد مختار جمعةوزير الأوقاف..فالواعظات تكملن جزءا مهما من الدور او الجانب الغائب والمهمش في التعامل مع المرأة قضاياها على مختلف الأصعدة الثقافية والإعلامية والاجتماعية والسياسية والذي أنتج لنا في النهاية نموذج رضوى- ياسمين المثير للسخرية والشفقة واشياء أخرى!
توعية المرأة والاهتمام بالجانب الثقافي عموما والديني خصوصا كان المحور الغائب الحاضر أو المهمل في المعارك مع المرأة حتى غرق الجميع في صراع عبثي ومعارك وهمية في شد وجذب مع طواحين الهواء
وبدلا من الارتقاء بالمراة وتدعيم دورها ادخلوها في دوامات صراع مع الرجل كيف تنتصر على الرجل كيف تجرده من كل ادواته في المجتمع كيف تجعله خاضعا تحت امرتها..طرق البحث عن منافذ للهروب من المسئولية والتخلص من دورها الحقيقي بحجة المساواة واشياء أخرى من شأنها رفع حدة التمرد النسوي حتى على المرأة نفسها ووضعها في حالة تحدي للقيم والأعراف بحق وبدون حق وهي بوابات تسللت اليها وعن طريقها جماعات التمويل الأجنبي إياها لدعم كل ما هو غريب وشاذ دون اعتبار لدين او اخلاق او اعراف.
دخول الواعظات على خط التوعية والاستنارة سيعيد بعضا من الاعتدال لكفتي الميزان وإعادة ضبط للخلل الحادث على صعيد الحركة النسائية عامية او ما يسمونه المراة الجديدة او بمعنى ادق المتحررة من كل شيء واي شيء لتعيش حياة بوهيمية تضرب بعرض الحائط أي التزامات لها نحو اسرتها الصغيرة والكبيرة على السواء.
اتوقع مناقشات جادة وحقيقية لقضايا المراة ومعاناتها على ارض الواقع بعيدا عن افتعال صراع او معارك وهمية وانما تستلهم اوجاعها وآمالها وآلامها والدفع بها نحو مشاركة حقيقية في البناء والإصلاح الاجتماعي وعلاج الاعتلال الأسري وغير ذلك بعيدا عن الشعارات الزائفة ومحاولات الوقيعة بين الرجل والمرأة ومحاولة تحقيق مايسمونه حقوقا مكتسبة للمرأة وما شابه والتي كانت وراء الكثير من المآسي وارتفاع نسب الطلاق والعنف الاسري والتفكك الاجتماعي وعدم الاستقرار..وذلك بدلا من التركيز على كونها شريكة الرجل وهما معا جنب الى جنب ووفقا للقاعدة النبوية الشهيرة النساء شقائق الرجال..وهو ما يعني بداهة لكل ذي عقل ولب انتفاء قضية الصراع في العلاقة بينهما على الاطلاق في أي من مراحل الحياة حتى في حال الوقوع الانفصال امر الشرع ان يكون ذلك باحسان أيضا..
انطلاقة جديدة مع شهر رمضان ستشهدها مسيرة الواعظات بفكر جديد ومنهج أكثر مرونة يعتمد الاقتراب من جماهير النساء وقضاياهم اليومية ومشاكلهم الاجتماعية إلى جانب الرد على استفساراتهم الدينية المختلفة ..
ولعل تجربة إقامة ملتقى فكري خاص بالواعظات في شهر رمضان على غرار الملتقى المعتاد والمشهور سنويا تكون إضافة على صعيد التوعية وانعاش محور الثقافة في الحركة النسائية..
ولا يمكن ان نغفل اهمية جانب حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد الكبرى وابداعات بعض الواعظات في التعامل مع السوشيال ميديا وتوظيفها في الاتصال التفاعلي وما إلى ذلك من أنشطة حيوية من شانها ان تحدث انتعاش ولا نقول انتفاضة على هذا الصعيد.
تبقي أمور ثلاثة مهمة وهي : ضرورة التوسع ومد مظلة الواعظات إلى جميع المحافظات وتخصيص نصيب معلوم للمرأة في الريف وبنات وفتيات الريف للحاجة الماسة للتوعية الدينية على هذا المحورالشعبي.
أهمية مشاركة متخصصين أو متخصصات في العلوم الاجتماعية والنفسية. وما أكثرهم من خريجات أو أساتذة جامعة الأزهر فرع البنات ..
إلى جانب التعاون مع الجمعيات النسائية الأخرى والمشاركة في أنشطتها خاصة في كثير من القضايا التى تحتاج إلى توعية وتعليم وتنوير مستمر.
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com