وفي موسمِ المدِّ جزرٌ جديدْ
اليومَ أُوقنُ أنَّني لنْ أحتَمِلْ
اليومَ أُوقنُ
أنَّ هذا القلبَ
مثقوبٌ
ومَجروحٌ
ومهزومٌ
وأنَّ الصبرَ كَلْ
وتلوحُ لُجَّةُ حزني المقهورِ
تكشِفُ سُوقَهَا
كلُّ الجراحِ وتَستَهِلْ
هذا أوانُ البوحِ
يا كُلَّ الجراحِ تَبرَّجِي
ودَعِي البُكاءَ
يُجيبُ كيف وما وهل!!
زمناً
تجنَّبتُ التقاءَك خيفةً
فأتيتَ في زمنِ الوَجَلْ !!
خبَّأتُ نبضَ القلبِ
كَمْ قاومتُ
كَمْ كابرتُ
كَمْ قرَّرتُ
ثم نكصتُ عن عهدي … أجَلْ
ومَنعتُ وجهَكَ في ربوعِ مدينتِي
علقَّتُه
وكتبتُ محظوراً
على كلِّ المشارفِ
والموانئ
والمطاراتِ البعيدةِ كُلِّهَا
لكنَّه رغمي أطَلْ!!
في الدُورِ لاحَ
وفي الوجوهِ
وفي الحُضورِ
وفي الغِيابِ
وبين إيماضِ المُقَلْ
حاصرتَني
بملامحِ الوجهِ الطفوليِّ الرَجُلْ
أجبرتَنِي
حتى تَخِذتُكَ مُعجَمَاً
فتَحوَّلتْ كلُّ القصائدِ
غير قولِكَ فَجَّةً لا تُحتَملْ
صادرتَنِي
حتى جعلتُكَ مَعْلَماً
فبغِيرِه لا أستَّدِلْ
والآنَ يا كُلَّ الذينَ أُحبُّهُم
عَمْدَاً أراكَ تقودُنِي
في القفرِ والطُرقِ الخَواءْ
وترصُّداً تغَتالُني
أنظرْ لكفِّكَ ما جَنَتْ
وامسحْ على ثوبي الدماءْ
أنا كَمْ أخافُ عليكَ من لونِ الدماءْ !!
لو كنتَ تعرفُ
كيفَ تُرهِقُنِي الجراحاتُ القديمةُ والجديدةُ
ربما أشفقتَ من هذا العَنَاءْ
لو كنتَ تعرفُ أنَّني
من أوجهِ الغادينَ والآتينَ
أستَرِقُ التبسُّمَ
أستعيدُ توازُنِي قَسْرَاً
وأضحكُ حينما ألقاكَ في زمنِ البكاءْ
لو كنتَ تعرفُ أنَّني
أحتالُ للأحزانِ
أُرجئُها لديكَ
وأُسكِتُ الأشجانَ حين تجيء
أخنقُ عبرتي بيديَّ
ما كلَّفْتَنِي هذا العَنَاء
ولربما استحييتَ
لو أدركتَ
كم أكبو على طولِ الطريقِ إليكَ
كم ألقى
من الرهَقِ المُذِلِّ
من العَيَاءْ
ولربما
ولربما
ولربما
خطأي أنا
أنَّي نسيتُ معالمَ الطُرقِ التي
لا أنتهي فيها إليكْ
خطأي أنا
أنَّي لكَ استنفرتُ ما في القلبِ
ما في الروحِ
منذُ طفولتِي
وجعلتُها وقفاً عليك
خطأي أنا
أنِّي على لا شيءَ قد وقعَّتُ لَكْ
فكتبتَ أنتَ
طفولتي
وأحبتي
ومعارفي
وقصائدي
وجميعَ أيامي لديكْ
اليومَ دعْنَا نتَّفِقْ
أنا قد تعِبتُ
ولم يَعُدْ في العمرِ ما يكفي الجراحْ
أنفقتُ كُلَّ الصبرِ عندكَ
والتَجَلُّدَ والتَجَمُّلَ والسمَاحْ
أنا ما تركتُ لمُقبلِ الأيامِ شيئاً
إذ ظننتُكَ آخرَ التَطوافِ في الدنيا
فسرَّحتُ المراكبَ كُلَّهَا
وقصصتُ عن قلبي الجناح
أنا لمْ أعُدْ أقوى
ومَوعِدُنَا الذي قد كانَ راحْ
فارددْ عليَّ بضِاعتِي
بغيُ انصرافِكَ لم يَزَلْ
يُدمي جبينَ تكبُّرِي
زيفاً يُجرِّعُنِي النواح
اليومَ دعنا نتَّفقْ
لا فرقَ عندكَ إن بقينا أو مضَيتْ
لا فرقَ عندكَ إن ضحِكنَا هكذا كَذِباً
وإنْ وحدي بكيتْ
فأنا تركتُ أحِبَّتي
ولديكَ أحبابٌ وبَيتْ
وأنا هَجرتُ مدينتِي
وإليكَ يا بعضي أتيتْ
وأنا اعتزلتُ الناسَ
والطرقاتِ والدنيا
فما أنفقتَ لي من أجلِ أن نبقى
وماذا قد جنيتْ ؟
وأنا وهَبتُكَ مهجتي جهراً
فهل سرَّاً نوَيتْ ؟
اليومَ دعْنَا نتَّفقْ
دعني أُوقِّعُ عنكَ مِيثاقَ الرحيلْ
مُرني بشيءٍ مستحيل
قُلْ لي شروطَكَ كُلَّهَا
إلَّا التي فيها قَضيتْ
إن قُلتَ أو إنْ لم تَقُلْ
أنا قد مضَيتْ …