للحج الكثير من النُسك التي يجب تحقيقها وأدائها، حتى تكون رحلة الحج مقبولة بإذن الله وذنب مؤديها مغفور بمشيئة الله، ومن ضمن هذه الأركان والمناسك يجئ الطواف، وسنتحدث في مقال اليوم عن طواف الوداع، ووقته المناسب، وشروطه، كما سنتحدث عن أحكامه.
طواف الوداع
يعتبر طواف الوداع هو أخر مناسك رحلة الحج، ويطوف فيه الحاج 7 أشواط حول الكعبة، وسمي بهذا الاسم نظرًا لكونه الخطوة الأخيرة في الحج قبل الوداع، وعودة الحاج إلى دياره، وأطلق عليه قديمًا أيضًا طواف الصَّدر، نظرًا لحدوثه قبل خروج الناس من مكة.
كيفية أداء طواف الوداع
يبدأ طواف الوداع بأن يكشف الحاج عن كتفه الأيمن وضع طرفي ردائه على الكتف الأيسر، ويبدأ المسير للطواف من عند الحجر الأسود، فيستقبله بجميع جسده ويبدأ في التكبير، ويمكنه تقبيل الحجر الأسود ثم يلمسه بيمينه، وإن لم يستطع يمكنه الإشارة إليه من البعيد، وعليه أن يقوم بفعل هذا في كل شوط من أشواط الطواف السبعة.
ويبدأ الطائف المسير والكعبة تكون على يساره، على أن ينتهي كل شوط عند نقطة البداية وهي الحجر الأسود، ويكون طواف الوداع خارج حدود حجر إسماعيل، وكلما وصل الطائف عند الركن اليماني فعليه أن يستلمه بيمينه ولا يجوز التكبير عنده، ولا التقبيل، وإن لم يلمسه فلا حرج في ذلك.
ويتم طواف الوداع أن يظل الطائف يذكر الله طوال الأشواط السبعة، مع إمكانية الدعاء له بما يشاء مع مراعاة عدم المزاحمة، وغض البصر، وبعدما ينتهي الطائف فعليه تغطية كتفه الأيمن، ومن السنة النبوية صلاة ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام.
حكم طواف الوداع للحاج
اتفق العلماء على أن طواف الوداع واجب على الحاج، ويجب الدم أي تقديم الأضاحي على من تركه، رغم أن المالكية قد اختلفوا في هذه المسألة، حيث استقروا على أن طواف الوداع غير واجب على الحائض، أو المرأة النفساء.
حكم طواف الوداع للمعتمر
اتفق العلماء أن طواف الوداع للمعتمر واجب، ولكن اختلفوا عما إذا كان من أهل مكة، فقبل مغادرتها وبعد أدائه للعمرة فهل يكون عليه واجب طواف الوداع، وعلى ذلك ظهر قولين، الأول هو عدم وجوب طواف الوداع للمعتمر من أهل مكة، سواءًا كان مغادرته لمكة بعد العمرة مباشرًة، أو حتى بعدها بأيام قليلة، ولكن يستحب له أن يطوف طواف الوداع.
واستدلوا على ذلك من سنن النبي سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، فقد اعتمر الرسول أربعة مرات ولم يطوف في أي منها طواف الوداع، على الرغم من كونه قد طافه مع حجة الوداع دون أن يأمر أي من الصحابة به.
أما القول الثاني فقد أوجبوا طواف الوداع للحج والعمرة، مستشهدين على ذلك بحديث سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حينما قال:” يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حتَّى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبَيْتِ”، وعليه فإن النبي أوصانا بطواف الوداع عبر أحاديثه الشريف.
شروط طواف الوداع
لتحقيق طواف الوداع فهناك مجموعة من الشروط الواجب الالتزام بها، وهي:
× الطهارة والاغتسال للطائف من الرجال، أما عن النساء فعليهن الطهارة من الحيض، ولا وجوب على المرأة في حالة تركها لطواف الوداع إذا حاضت.
× اتفق العلماء على أن من شروط طواف الوداع هو عقد النية، على الرغم من أن الحنفية اختلفوا في هذه المسألة، ويروا بأن إذا طاف الحاج دون عقد النية بعد طواف الزيارة فإن ذلك يعد طوافًا للوداع.
×يجب أن يكون الطائف تنطبق عليه خصائص المودع، أي أن يكون من خارج مكة وعائدًا لدياره فيروا الحنفية أنه ليس على أهل مكة طواف الوداع، في حين يرى الحنابلة بأن طواف الوداع أمر واجب على كافة الحجاج والمعتمرين، فهو أمر واجب على كل من يسكن خارج الحرم المكي بينما المالكية يروا أن طواف الوداع أمر يجب على سكان مكة وغير سكانها أدائه، والشافعية أقروا بأن الطواف أمر واجب على كل من يريد الخروج من مكة، سواءًا كان من أهلها من غير ذلك.
في الختام هذا كان عرض بسيط حول أحد أركان الحج الأساسية، وأحكامه وشروطه، والجدير بالذكر أن من ترك طواف الوداع فعليه أن يقدم أضحية، فهو مثله مثل أي من أركان الحج، يتوجب على تاركه دم.