اختلفت الروايات عن سبب مرض عمر بن عبد العزيز وموته، إذ تذكر بعض الروايات أن سبب مرضه وموته هو «الخوف من الله تعالى والاهتمام بأمر الناس» كما روي عن زوجته فاطمة بنت عبد الملك، وكما ذكر #ابنسعدفي_الطبقات عن ابن لهيعة،
إلا أنه قد ذكر سبب آخر لموته، وهو أنه سُقي السُم، وذلك أن بني أمية قد تبرموا وضاقوا ذرعاً من سياسة عمر التي قامت على العدل وحرمتهم من ملذاتهم وتمتعهم بميزات لا ينالها غيرهم، بل جعل بني أمية مثل أقصى الناس في أطراف دولة الإسلام، ورد المظالم التي كانت في أيديهم، وحال بينهم وبين ما يشتهون، فكاد له بعض بني أمية بوضع السُم في شرابه،
فقد رُوي أنهم وعدوا غلام عمر بألف دينار وأن يُعتق إن هو نفذ الخطة، فكان الغلام يضطرب كلما همّ بذلك، ثم إنهم هددوا الغلام بالقتل إن هو لم يفعل، فلما كان مدفوعاً بين الترغيب والترهيب حمل السم فوق ظفره، ثم لما أراد تقديم الشراب لعمر قذف السم فيه ثم قدمه إلى عمر، فشربه ثم أحس به منذ أن وقع في بطنه،
وقد عرف أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت بأن خادمه هو من وضع السم له فى الطعام ، فناداه الخليفة عمر وقال له ويحك لماذا وضعت السم فى طعامى ؟ .. فارتعب الخادم وقال له : بخوف شديد سيدى أمراء بنى أمية أعطونى ألف دينار ، ووعدونى بأن أصبح حرا إذا فعلت ذلك،
فقال له عمر ضع الألف دينار فى بيت مال المسلمين ، واذهب فأنت حر لوجه الله ولقد عفوت عنك.
فـ عمر رغم أنه على وشك الموت كان يفكر فى بيت مال المسلمين ويضرب أروع الأمثلة فى العفو عند المقدرة لأن العلماء قالوا عنه ، ما مشى عمر خطوة واحدة إلا وكان له فيها نية حسنه،
لذلك استطاع فى عامين ونصف فقط أن يمحو الفقر من حدود فرنسا حتى حدود الصين وينشر العدل في البلاد ، حتى أن المنادى كان ينادى فى شوارع بلاد المسلمين من أراد الزواج أو سداد الديون أو الحج فكل ذلك من بيت مال المسلمين ، فقضى على الديون ففاض الخير وانتشرت البركة،
ورغم عدله الكبير كان شديد الخوف من علام الغيوب حتى قال عنه العلماء كان يبكى إذا سمع القرآن وكأن النار لم تخلق إلا له ، وكان يرفض النفاق وأهله فكان يجمع العلماء الصالحين ليتذكروا أمر الآخرة،
فقال له أحدهم يا أمير المؤمنين صم عن الدنيا وأفطر على الموت وأجمع الزاد لليلة صبحها يوم القيامة ، هذه الكلمات هزت قلبه ،
وحياته تدل على أنه أفقر الفقراء رغم أنه كان يحكم ربع الكرة الأرضية، لكن تلميذ النبي محمد ﷺ وحفيد الفاروق عمر تجنب الهوى حتى تجنبه الهوى، وعند وفاته كان آخر ما نطق به لسانه المبارك قوله تعالى: ( تِلْكَ الدارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )
وعندما علم ملك الروم ليون الثالث بموت عمر بكاه بكاء شديد أذهل الحاشية والأساقفة وسألوه؟
فقال : مات الملك العادل ، ثم قال: إني لست أعجب من راهب أن أغلق بابه ورفض الدنيا وترهب وتعبد ،ولكن أعجب ممن كانت الدنيا تحت قدمية فرفضها وترهب !