افتتاح ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة
عميد كلية الدعوة الإسلامية:
كل الشكر لوزير الأوقاف على هذه المجهودات المباركة في إعادة الروح لمساجد مصر
فأينما وجهت وجهك تجد مساجدنا عامرة بالدعوة والثقافة
ويؤكد:
ما شرع الله العبادات إلا لصالح الإنسان
كتب عادل يحيى
في إطار نشر الفكر التنويري والتثقيفي المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، افتتح أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف مساء اليوم الجمعة 24/ 3/ 2023م ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة والذي يقيمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بعنوان: “أخلاق الصائمين”، حاضر فيه أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وأ.د/ أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، والقارئ الشيخ/ عبد الفتاح الطاروطي قارئًا، والمبتهل الشيخ/ محمد السوهاجي مبتهلًا، وقدم للملتقى الإعلامي أ/ تامر عقل المذيع بقناة النيل الثقافية، بحضور الدكتور/ هشام عبد العزيز على رئيس القطاع الديني، والدكتور/ محمد عزت الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور/ نوح العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، والدكتور/ أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة، والشيخ/ السيد عبد المجيد رئيس الإدارة المركزية لشئون القرآن الكريم والمساجد، والدكتور/ أسامة فخري الجندي مدير عام شئون القرآن الكريم، والدكتور/ خالد صلاح مدير مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور/ محمود خليل وكيل مديرية أوقاف القاهرة، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف، وجمع غفير من جمهور ورواد المسجد.
وفي كلمته رحب معالي أ.د/ محمد مختار جمعة بالحضور جميعًا مهنئًا إياهم بحلول شهر رمضان المبارك، مؤكدًا على حالة الرضا والسرور العارمة التي تشهدها بيوت الله (عز وجل) في جميع أرجاء الجمهورية، وهذه الملحمة الدعوية تعكس إيمان الشعب المصري ومدى حبه وتقديره لبيوت الله (عز وجل)، مؤكدًا على بركة مجالس العلم، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فيه ذِكْرٌ قَعَدُوا معهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بأَجْنِحَتِهِمْ”، ويقول سبحانه: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”، ويقول سبحانه: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا”.
ويقول (صلى الله عليه وسلم): “بينا رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) جالسٌ إذ أقبلَ ثلاثةُ نفَرٍ، فأمَّا أحدُهُما فوجدَ فُرجةً في الحلقةِ فدخلَ فيها، وأمَّا الآخرُ فجلسَ وراءَ النَّاسِ، وأدبر الثَّالث ذاهبا، فقال رسول الله (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) : ألا أنَبِّئكُم بخبرِ الثَّلاثةِ؟ أمَّا الأولُ فآوَى إلى اللهِ فآواهُ اللهُ، وأمَّا الثَّاني فاستحيَا فاستحيَا اللهُ منه، وأمَّا الثَّالثُ فأعرضَ فأعرضَ اللهُ عنه”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “المَلائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دامَ في مُصَلّاهُ، ما لَمْ يُحْدِثْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، لا يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمْنَعُهُ أنْ يَنْقَلِبَ إلى أهْلِهِ إلَّا الصَّلاةُ”.
مؤكدًا أن المؤمن في المسجد كالسَّمك في الماء, والمنافق في المسجد كالطير في القفص، وحضور هذه المجالس العامرة في جميع أرجاء الجمهورية يؤكد على معدن هذا الشعب الأصيل المحب لدينه، والمستمسك بسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، وهذا يدفعنا لمزيد من العمل لخدمة بيوت الله (عز وجل)، مشيرًا إلى أن هذا الملتقى هو امتداد لعدد من الملتقيات التي تقام يوميًّا في جميع ربوع مصر ومثله للواعظات، نسأل الله أن يجعله في ميزان الحسنات، مبينًا أنه قبل رمضان كنا نقول: اللهم بلغنا رمضان، وها قد بلغنا الله (عز وجل) رمضان فأروا الله من أنفسكم خيرًا، يقول (صلى الله عليه وسلم): “رَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبل أن يُغفَرَ له”، وهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يبشرنا: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”، و “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”، و “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”، جاءتك الفرصة فاغتنمها، كل السعادة والشقاء في الآخرة كلهم يود أن ينال هذه الفرصة، بعض الناس لا يستجمع همته إلا في العشر الأواخر، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: “وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ”.
مشيرًا إلى أن أسلوب القصر في حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ” يفيد الاهتمام، وهو التأكيد على أهمية الأخلاق، وكأن المعنى: إن الغاية الحقيقية والمقياس الحقيقي هو الأخلاق، فالعبادات تنتهي إلى تكوين أخلاقي، فإن لم تثمر العبادة أخلاقًا فعليك بمراجعة نفسك، لأن العبادة إن كانت عبادة حقيقية أدت إلى أخلاق مستقيمة.
وأن الصائم يتخلى ويتحلى، يتخلى عن كل الذنوب والآثام وسيئ الأخلاق، حيث يقول سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” والتقوى هي أن تتقي ما لا يتقيه غيرك، فالتقوى وقاية، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “الصوم جنة” أي وقاية أيضًا، أي تتقون المعاصي وتتقون عذاب الله سبحانه، فالآية والحديث يكملان بعضهما البعض، فالصائم الحق لا يمكن أن يكذب، فالصوم ناتج الإيمان، والمؤمن الحقيقي الذي يؤمن أن الله يراقبه لا يمكن أن يكذب، فإذا كان الصائم قد صام عن الحلال، فمن الحمق أن يرتكب الحرام، والصائم الحق لا يغش ولا يخون ولا يخدع ولا يطفف الكيل ولا الميزان، ولا يؤذي أحدًا يقول (صلى الله عليه وسلم): “المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ” والصائم الحق لا يمكن أن يكون سبَّابًا أو فاحشًا أبدًا، وإن ساببه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم، فالصوم يورث السكينة وطول النفس، فاللهم أعنَّا على صيام رمضان وقيامه وتقبل سائر أعمالنا.
وفي كلمته قدم أ.د/ أحمد حسين الشكر لوزير الأوقاف على هذه المجهودات المباركة في إعادة الروح لمساجد مصر كلها، فأينما وجهت وجهك تجد مساجدنا عامرة بالدعوة والثقافة، وهو جهد مشكور لوزارة الأوقاف، وخصوصًا في هذا الشهر الكريم، فهنيئًا للصائمين والقائمين، مؤكدًا على شرف الزمان والمكان والصحبة، فشرف الزمان لقوله سبحانه: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، وشرف المكان لمكانة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه)، وشرف الصحبة مع علماء وزارة الأوقاف ومحبي سيدنا الإمام الحسين (رضي الله عنه).
مؤكدًا على ضرورة الإفادة من الدروس المستفادة من العبادات، فما شرع الله (عز وجل) العبادات إلا لصالح الإنسان، وهو أن يتعامل بخلق حسن مع أخيه الإنسان، حيث يقول الحق سبحانه: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ”، فالصلاة إن لم تؤت ثمرتها بالتأثير الإيجابي على خلق المسلم فقدت أهميتها لدى الإنسان، وكذلك الزكاة يقول تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا”، فالذي يتيه بصدقته على الناس تفقد ثمرتها، والصوم حيث يقول سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، وهي عبادة قديمة للأمم السابقة، وهدفها هو تحصيل التقوى، والمتقي هو الذي يجعل بينه وبين مؤاخذة الله وقاية، وكذلك فريضة الحج، حيث يقول سبحانه: “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”، فالحج فيه مشقة في السفر وغيره وهنا تظهر معادن الرجال، وعلى الإنسان أن يلحظ أخلاقه ولذلك قال: “فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ”، ومن هنا نخرج من العبادات بأخلاق تجعلنا في مصاف المقبولين لدى الله سبحانه ولدى رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وقد قال الفضيل (رحمه الله): لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إليَّ من أن يصحبني عابد سيء الخلق.