أما بعد..
أما هؤلاء يا صديقي..
فكانوا يدخرون الحب..
كانوا يخفونه بقوة..
ربما ليذرفوه دموعا أمام قبورنا بعد الموت حسرة ووجعا..
أو..
ليكون تلك الزهرة المسكينة التي يضعونها عليها لوعة، وقد كنا نتسولها منهم يوما ما، فضنوا بها واستكثروا أن يجعلوها حتى على سبيل اعتذار عن بعض كمد تركوه بأعماقنا مساء كل خذلان، وصبيحة كل نسيان..
كل ما أبى كبرياؤهم الآثم أن يعترف به ونحن معهم..
سيعترفون به الآن مرغمين..
سيأكلهم الندم وهم يعضون على قلوبهم..
لتعود تلك اللحظات التي عميت عنها بصيرتهم قبل بصرهم..
وقد كانوا يطيبون جراح انتظارنا بملح التجاهل..
ويسكتون نزف اشتياقنا بخنجر الغفلة..
كانوا يا صديقي يسمنون الغياب عمدا، ليأكلهم..
هكذا جُبلوا..
وهكذا أبْلَوا في حرب قلوبنا، فعادوا جد منتصرين..
ولا ندري، أكنا لهم أعداءً؟!..
أم هكذا صار دين الهوى، ونحن من كان يجهل الشعائر..
أيها السادة..
شكرا لكم..
شكرا على بذخ الشعور..
شكرا على فيض المشاعر..
شكرا،،،،
لكل هذا المدى المتسع من الأسف..
والاعتذارات الباهتة، المتأخرة جدا..
والحجج الباردة كبرودة قلوبكم ..
شكرا لسيل دموعكم الذي بات لا يطفئ نار الخذلان في أيسرنا، ولا يسقي حرث الأسى الذي حفرتموه بين ضلوعنا..
شكرا بلا مدى..
وقد بات المدى أضيق من الدموع..
، وأكبر من الممنوع..
وأوجع من شوكة في حلق..
لا تعود من حيث بدأت..
ولا تُلفظ بصراخٍ وإن بلغ مسامع العالمين صداه..
أيها السادة..
هكذا نحن..
مفْرطُون جدا..
سخيون بعمق..
طائيون وأكثر..
نصفح ونتناسى، ونجود بالغفران..
لكن..
الأوان قد فات..
فأي مغفرة ترجون من قلب مات؟!..
أيها السادة،،،،
صلاة الجنازة، يرحمكم الله..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..