في واحدة من مشاهد العزة و القوة و الكرامة، خرج الحاجب المنصور على رأس جيش كبير لغزو بلاد مملكة أرجوان سنة 378 هجرية، و قد كمن له الصليبيون عند مضايق جبال البرانس أو ألبرت كما يسميه الأوربيون الآن ، و في عماية الليل هجموا على المسلمين و أمطروهم بوابل من السهام المميتة، و اضطربت صفوف المسلمين و فر كثير منهم لا يلون علي شيء، و لكن الحاجب المنصور و معه أبناؤه و كانوا مثله في القوة و الشجاعة ، ثبتوا و لم يفروا ، و معهم خاصة فرسان الحاجب من الفتيان الصقالبة ، و ثبت أيضًا قاضي الجماعة ابن ذكوان ، فلما رأى المسلمون ثبات قادتهم السياسيين و الدينيين في القتال حمت نفوسهم و عادوا للقتال على أشد ما يكون القتال ، حتى أنزل الله عز و جل نصره على المؤمنين.
بعد هذا النصر الكاسح ألزمهم الحاجب المنصور دفع الجزية و معها ابنة ملكهم [ فرويلا الرابع ] ليأخذها الحاجب جارية عنده ، و كانت أجمل نساء زمانها ، و أكثرهن شرفًا عند الإسبان ، و ذلك ليس حبًا في النساء كما يظن البعض ، و لكن لإرغام أنوف الكافرين ، و ردعهم عن محاربة المسلمين و تهديدهم مرة أخرى ، فاضطروا للموافقة خوفًا من بأس الحاجب و قوة المسلمين ، فلما شيعها أبوها و أكابر دولته معه ، قالوا لها : أصلحي حالنا عند المنصور و توسطي لنا دائمًا عنده ، فردت المرأة و كانت من أعقل نسائهم قائلة : أيها الجبناء العزة لا تنال بأفخاذ النساء ، و لكن برماح الرجال