قوة ووضوح الموقف المصري المساند للقضايا العربية والفلسطينية خاصة الداعم للحقوق المشروعة الرافض للعدوان واهدار إنسانية الانسان من اقوى رسائل قمة القاهرة للسلام ..الموقف أعلنه الرئيس السيسي بكلمات لا تقبل التأويل لا تفريط في ذرة من أرض مصر ..الأمن مصر خط احمر ..سيناء ارض مقدسة لايمكن المساس بها او السيدة المصرية الكاملة عليها ..مصر ترفض بشكل قاطع لافكار ومحاولات تهجير الفلسطينين من ارضهم وديارهم ولن تقبل بتصفية القضية على حساب أي طرف..
قوة الموقف المصري وصلابته كانت كاشفة وموحية للجميع فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب..وازالت كل شك بكل يقين.. كانت قوة قاهرة ملاحقة لمحاولات التضليل والتشكيك المريب.. والتأويل المهين من كل زاعق وناعق على الساحات المفتوحة لنشر الفتن وبث الأكاذيب..
لعل من ابرز النقاط الإيجابية التى زينت قمة القاهرة للسلام التى دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السياسي ..أنها كانت تحمل مشاعل نور حقيقية للخروج من الأزمة ووضع حد للتهور والجنون المنفلت الذي لا يريد إلا أن يحول المنطقة إلى كرة لهب مستعرة وليذهب الجميع إلى الجحيم..
فبينما كان العالم غارقا في دوامات التحيز الاعمى والكلام الأقرب إلى السفسطة مع الدول إياها التى أرادت أن تحول العالم والابواق الإعلامية التابعة إلى مجرد مكلمة تردد عبارة واحدة باتت محفوظة ومطلوب من العالم ترديدها بلا وعي أو تعقل من قبل قوى بعينها.. بل والأدهى أنهم لا يريدون للعالم أن يتحرك الا في اتجاه واحد وهو صب مزيد من الزيت على النار الملتهبة اصلا.. كانت مصر تتقدم بجدية تجاه البحث عن مخرج وتطرح أفكارا وحلولا عملية وواقعية لنزع الفتيل ومنع تمدد الأزمة ومحاصرة النيران قبل أن تأكل الأخضر واليابس ..
مصر ورئيسها أرادا اعلاء صوت العقل ومنح الحكمة فرصة وسط حالة غير مسبوقة غربيا وامريكا ..لم تعرف سوى منطق واحد رغم اختلاله ولا يعرف إلا جملة واحدة يرددها بدون وعي ولا يريد أن يسمع غيرها ولا يريد غيره أن يقول شيئا غيرها وكأنها تنزيل من التنزيل..حق إسرائيل في الدفاع نفسها وتزويدها بكل ما يضمن لها التفوق والأمان وإطلاق يدها في أن تفعل ما تراه محققا لأهدافها مهما كان ..
العالم الذي يسمي نفسه بالديموقراطي وصاحب رايات الحرية وحقوق الإنسان المزعومة لم يرغب حتى في سماع صوت الحقيقية أو حتى كلمة العدل والانصاف ..
الغرب ومعهم امريكا بالطبع فهموا وارادوا أن يقولوا لحلفائهم أن بداية التاريخ هي يوم السابع من أكتوبر يوم بداية عملية طوفان الأقصى وان عقارب ساعة التاريخ تبدأ من هناك .. وكأن قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مسألة طارئة على الساحة الدولية لم تبدأ الا الان فضلا عن الصراع العربي .. وكأنه لم تحدث حروب كبرى على مدار أكثر من ٧٥ عاما هي عمر الكيان الصهيوني .. وكان العالم لم يعرف عشرات المذابح والمجازر ضد الإنسانية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدى تاريخها الاسود الطويل في كل الأراضي المحتلة وخاصة الفلسطينية .. نسي العالم الديموقراطي التاريخ الاسود والسجلات الملطخة بالدماء واشلاء الفلسطينيين وغيرهم على مدى عقود وكانت تحركاتهم خجولة بل ومؤسفة في كثير من الأحيان ضد الحقوق العربية ومناصرة الصهاينة بالباطل وبكل باطل ..
لم يتذكروا أو لم يريدوا أن يذكروا معاهدات واتفاقيات السلام التى أبرمت والمؤتمرات من أجل إحلال السلام والوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية ..
لم يشأ أحد ان يشير ولو مجرد إشارة إلى التعنت الإسرائيلي وإجهاض كل محاولات الوصول إلى سلام الا على طريقته الخاصة وبما يناسب أحلامه في تصفية القضية التي نجحت مصر في مواجهته بالحقيقة المرة وكشفها على العالم وحذرت من أن هذا لن يحدث ابدا..
من اهم ما كشفت عنه قمة القاهرة من حقائق.. أنها أسقطت اوراق التوت عن كثير من الأطراف والقوى المناهضة للحقوق العربية عموما والفلسطينية خصوصا .. ودقت اجراس التنبيه لأطراف وقعت في أسر وشباك التوجهات الصهيونية العالمية وتريد أن تستخدمهم أداة في خطط العبث والهيمنة على المنطقة تحت دعاوى إعادة رسم الخرائط من جديد بناء محاور استراتيجية جديدة لخدمة الاقتصاد العالمي وتيسير الحركة بين الشرق والغرب عبر ممرات وهمية خيالية وغير ذلك من خطط خادعة ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب المهين..
نجحت القاهرة وقمتها في تعرية مواقف كثير من القوى المفتوحة شهيتها للحديث عن الإرهاب والتطرف باسم الدين وغيره فيما يتعلق بالجانب العربي فقط .. اما على الجانب الاخر الصهيوني فقد ثبت بالدليل القاطع أن هذه الدول تخاف من الحديث عن الإرهاب والتطرف الإسرائيلي وما فعله ثالوث المتطرفين في حكومة نتنياهو .. لا احد يريد القول إن اسرائيل والمنطقة وربما العالم يدفع ثمن تطرف وسياسيات نتنياهو ومعه بن غفير الأشد تطرفا والذي يشغل منصبا يعد من سخريات القدر وزير الأمن القومي في الكيان!ومعهم بتسئيل سيموتريتش وزير المالية حامي حمى الاستيطان وراعي عتاة المستوطنين .. وهم على حد وصف الزميل سليمان جودة في مقال له فإن بن جوريون وجولدا مائير ومناحم بيجين واسحاق شامير وحتى شارون كانوا بالنسبة لهؤلاء – نتنياهو وعصابته- وكأنهم حمامات سلام.!!.
لا احد يريد القول إن سياسات نتياهو وتعمده اغلاق كل افق وسد كل طريق نحو السلام وإعلانه دائما رفض حل الدولتين الذي تمخض عن سلسلة طويلة وشاقة من المفاوضات السرية والعلنية برعاية أمريكية ودولية أنه لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية على مدى سنوات طويلة..
كانت قمة القاهرة كاشفة وبوضوح لمواقف بعض القوى الدولية الأوروبية تحديدا وتبعيتها العمياء للتوجهات الأمريكية والصهيونية حتى وإن تعارضت مع ما ترفعه من شعارات ومبادئ.. ولم تكترث بأن الانحياز الاعمى يضرب ديموقراطيتهم في مقتل ويهدم كل الأسس التى يدعون أنها قواعد حضارتهم الغربية ..
فقد أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن دعوات الديموقراطية الغربية وشعارات حقوق الإنسان أصبحت سيئة السمعة ولم يعد هناك مجال للمناورة بعد سقوط الاقنعة ..
وهي مواقف لم تكن مدهشة فقط بل كانت صادمة ايضا لانها تتعارض مع أبسط قواعد القانون والشرعية الدولية أو حتى القواعد الإنسانية والأخلاقية .. حتى قيل صراحة أن الدول الغربية فقدت انسانيتها وهي غارقة في تأييدها الاعمى للانتقام البشع والمجازر التى تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة على مدار الساعة وبلا هوادة وباسلحة محرمة دوليا وبمشاركة فعلية من الولايات المتحدة جنودا وعتادا بشكل غير مسبوق ولم تجد حرجا ان تعلن على لسان رئيسها انها تشارك بخبراء حرب وجنود واسلحة متطورة زودت الاحتلال بها ليدافع عن نفسه !!
الأمر الذي دعا مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جزويف بوريل إلى القول بأن الدول وهي تؤيد إسرائيل تفتقد إلى السلطة الأخلاقية ..وكان بوريل ينتقد الصمت الأوروبي على الحصار المطبق والمشين لقوات الاحتلال لغزة قال بالحرف : أن حرمان مجتمع محاصر من المياة في اوكرانيا وغزة ضد القانون الدولي وان لم نقل ذلك فإننا نفتقد إلى السلطة الأخلاقية ..هذا موقف الاتحاد الأوروبي حين حاصرت روسيا البلدات الأوكرانية وينبغي أن يكون موقفنا هو نفسه عندما يتعلق الأمر بغزة ..
الحقيقة أن مواقف الدول الغربية الصادمة في الحرب والعدوان الوحشي وغير المسبوق على غزة يحتاج إلى دراسة جادة وتحرك دبلوماسي نشط وتقديم تفسير حقيقي حول ما حدث ولماذا ؟! وايضا كيف استطاعت الدعاية الصهيونية والآلة الإعلامية إياها في صناعة حائط مبكى جديد تحج إليه القوى الغربية وتقدم على نصله كل القرابين لقادة الاحتلال ومجرميه..
حتى يخيل للمرء وكأن قادة دول كانت عظمى تم اجاء عمليات غسيللامخ لها وأصبحت تتحرك كالدمي في أيدي إسرائيل.. بل وتسارع إليها حتى في وقت الحرب دون خوف ودون أن يطرف لهم جفن ..
فهذا رئيس امريكا يزور الكيان مرات ومعه قادة اركانه السياسيين ومن قبلهم العسكريين ويحرك اساطيله وحاملات طائراته ويفتح خزائن الأسلحة بكل انواعها ويسوق ألاف الجنود من عسكره المدججين بكل أنواع الأسلحة المتقدمة لمحاربة حركة مقاومة في فلسطين..
واشياء اخرى غير مسبوقة لم يعهدها العالم ولم يكن يتخيل أن يراها رأي العين .. رئيس وزراء دولة كانت عظمى وامبراطورية كانت لا تغيب عنها الشمس .. يسارع إلى حائط المبكى الجديد ومعه القرابين .. ينزل من مؤخرة طائرة عسكرية محملة باعتى الأسلحة دعما لخطط الإبادة الجماعية والتهجير القسري لشعب تحت نير الاحتلال ..
حدثتني نفسي .. ترى لو كان ونستون تشرشل أو غيره من رؤساء وزراء كبار هل كان يمكن أن يفعلوا ذلك وأن يتباهوا به ويتم تصويره ونشره على العالم ؟!
السؤال الذي يفرض نفسه ويحتاج إلى إجابة .. لماذا تجاهلت الدول الغربية علاقاتها ومصالحها مع الدول العربية لماذا كسرت كل القواعد المعروفة والمشهورة في العلاقات الدولية خاصة دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا!!!
تحول كبير ..رغم أنها دول مساندة لإسرائيل ولا ينكر العرب عليها ذلك .. إلا أن ما يجري الآن حالة غير مفهومة وتحتاج إلى تفسير وتحليل.. يقود إلى قرار حكيم ومطلوب ..ويجيب عن سؤال اهم اين ذهب التأثير العربي اين الحديث عن الحليف الاستراتيجي والشراكة الاقتصادية والتعاون والعلاقات الوثيقة والمتينة رسميا وشعبيا ؟!!
والله المستعان ..