كادت تفاصيل ومآلات القضية الفلسطينية ان تذهب إلى زوايا النسيان، بسبب الحرائق المشتعلة في مختلف مناطق العالم، حتى قررت إسرائيل بحكومتها اليمينية المتطرفة التي يقودها عراب شق الصف الفلسطيني، ومؤسس سياسة” الشلل الدبلوماسي ” نتنياهو، ان تشعل أكبر حريق عرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
هذا الحريق الذي يحركه جنون شهوة الانتقام الأعمى، المدعوم بأساطير ونبوءات توراتيه مزيفه، دفع بالشعب الفلسطيني وقضيته الي واجهة الأحداث، وبات خبر فلسطين هو الأول والأهم في كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وحتى وسائل التواصل بكل منظومتها، أصبحت ميدانا للحرب بين مؤيد مفضوح لجرائم يندي لها جبين الإنسانية، ومعارض لهذا الشطط الذي يحرق الأخضر واليابس .
مارست إسرائيل بسياسييها وعسكرييها ما لا يمكن تصوره من إجرام، فايقظت العالم على كابوس يؤكد موت الضمير، لدرجة ان يقف قادة العالم الذي يصف نفسه بالمتحضر متفرجا ومشجعا لاجرام الدوله الذي يمارسه نتنياهو، معتبرا ان ما يجري من قتل وحرق وتدمير هو “دفاع عن النفس”.
اعادت أحداث غزه الي الواجهة أيضا قصص الصمود الفلسطيني ضد قوة احتلال هي الأكثر إجراما وقهرا، وربح الفلسطينيون من جديد احترام العالم الحر، الذي يقدس البطولة والفداء والتمسك بالأرض والعرض وشرف الموت واقفا مثل أشجار وطنه.
اسقط جنون إسرائيل خلال أحداث غزه الرهان على نزاهة الوسطاء الدوليين بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، فاسرائيل صنيعتهم لا تعدو ان تكون كيانا وظيفيا له مهمة محددة، باعتبارها سكينا في خاصرة المنطقة والعالم حتى يستمر النزيف، وأن ما يجري في تايوان واوكرانيا هو تكرار لسيناريو الدولة الوظيفية، وأن ” اختراع إسرائيل ” هو الاختراع الأكثر فائدة وانها الأولى بالحماية والدعم، حيث طلبت أمريكا من أوكرانيا تخفيف استخدام الذخيرة في حربها العبثية مع روسيا، لتوفير الدعم لإسرائيل، واعترف البنتاجون ان ما استخدمته أوكرانيا في شهر من هذه الذخائر، يفوق ما استخدمه الناتو خلال عمليات عام كامل في ذروة الأحداث بسوريا، وأن ما كانت تحصل عليه أوكرانيا يجب أن يتم توجيهه الي إسرائيل باعتبارها راس الحربه في الأمن القومي الأمريكي.
فضحت إسرائيل ضعف قدراتها العسكرية، ورعونة عناصر جيشها الذي لا يقهر واجهزتها واستخباراتها الاذكي والاقوي، وتناقلت شاشات الدنيا مشاهد أسر الجنرالات وفرار الجنود الي الخنادق، وصراخهم لمجرد سماع أصوات عاليه، فيما اثبتت الوقائع قوة مصر وقائدها وجيشها وتأثيرها كرقم صعب في المعادلة، لدرجة ان تطلب قوي دولية وفي مقدمتها روسيا ان تنضم لخارطة الطريق في الرباعيه الدولية، حال عودتها المنظورة ربما يحل السلام في المنطقة.
شكرا اسرائيل وحكومتها المتطرفة، فقد اسقطت ورقة التوت، ورفعت الغطاء ليرتد الي العالم بصره.