بايدن ونتنياهو يبحثان عن “انتصار سهل”..للتغطية على فشلهما الذريع ..!!
الهجوم المضاد الأوكراني وعملية حماس “الجريئة” ..أصابا الغرب بالجنون!!
الاجتياح البري لغزة ليس سهلًا .. والقادم أصعب بالنسبة لإسرائيل!!
المقاومة “حركت” العالم .. للبحث عن حل القضية الفلسطينية
مستشار زيلينسكي يدعو لإقصاء الحكومة ويعترف: القرم لن تعود!ّ!
يكتبه: عبد المنعم السلموني
في تصريح لا يخلو من دلالات عميقة، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن، قبل أكثر من أسبوع، من التخلي عن إسرائيل وأوكرانيا.. وتعهد بعدم السماح بانتصار «حماس» وبوتين.
والحقيقة أن هذه التصريحات تعكس الخيبة الأمريكية والفشل الذريع للغرب، سواء فيما يتعلق بفشل الهجوم المضاد الذي خاضته أوكرانيا ضد روسيا، بدعم غير مسبوق، من جانب الغرب وحلف الأطلنطي، أو في الهجوم الواسع والمباغت الذي شنته حركة حماس ضد إسرائيل – خنجر الغرب في خاصرة العالم العربي – يوم السابع من الشهر المنصرم. كلا الأمرين أصاب الغرب بالجنون ودفعه إلى البحث عن حرب يكون الانتصار فيها سهلًا، للتغطية به على هذا الفشل المزدوج ..!!
وما تشهده غزة -من أعمال بربرية إسرائيلية وحرب إبادة ومجازر ضد المدنيين العزل والقصف المجنون للبلدات الفلسطينية والأعداد الهائلة للضحايا -يشير بوضوح إلى أن كلًا من بوش ونتنياهو يبحث عن انتصار “وهمي”، يحاول بوش تسويقه لنفسه بعد فضيحة الفشل في أوكرانيا وقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر من العام القادم، كما يسعى نتنياهو لترويجه لنفسه بعد الضربة القاصمة التي تلقتها إسرائيل في السابع من أكتوبر، وما كشفت عنه من فشل استخباراتي مهين.
والواضح أن النتائج التي ستترتب على ما فعلته المقاومة الفلسطينية سوف تفوق بكثير ما حققته من خسائر للإسرائيليين، وإن كان من الصعب التقليل من قيمة وأهمية هذه الخسائر. لقد اهتز العالم من أقصاه إلى أقصاه بعد العمليات الوحشية الإسرائيلية ضد القطاع وسكانه العزل وبدأ الحديث يتردد حول ضرورة وأهمية حل الدولتين .. كما أننا، لأول مرة، نشهد هذه الحشود العسكرية الأمريكية في البحر المتوسط، وكذلك وجود البوارج الروسية والصينية في المنطقة!!
وبينما تدعم إدارة بايدن حاليا أعمال الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة وتستعد لحرب أوسع بكثير في الشرق الأوسط، فإن “الهجوم المضاد” الذي شنته الحكومة الأوكرانية والذي استمر لمدة أربعة أشهر، والذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة، قد انتهى فعلياً بالفشل، أو -في أحسسن الأحوال -بتحقيق تقدم ضئيل في الأراضي. وتقف القوات الأوكرانية الآن في موقف دفاعي ضد تقدم القوات الروسية في شرق أوكرانيا.
في تعليق لرافائيل كوهين، بصحيفة لوس انجلوس تايمز، يقول الخبير الاستراتيجي بمؤسسة راند: كان الاكتفاء بـ “جز العشب” -وليس استئصاله من جذوره !! -يلازم الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة طوال العقد ونصف العقد الماضيين. يلجأ الفلسطينيون المحبطون، إلى للانتقام من إسرائيل، وتفرض إسرائيل قيودًا مثل الحصار على غزة، بحجة المخاوف الأمنية؛ وتتدهور الظروف المعيشية في القطاع أكثر، ويتزايد السخط؛ وترد حركة حماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وجماعات أخرى بمهاجمة إسرائيل؛ التي تتبع استراتيجية “جز العشب” ـ فتقتل بعض المهاجمين مع المدنيين، وتشتري في أحسن الأحوال بضع سنوات من السلام النسبي وتؤجج المزيد من التطرف على المدى الطويل. وهكذا تستمر الدورة إلى ما لا نهاية.
تعكس عمليات “جز العشب” قدراً كبيراً من الغطرسة والعشوائية. وفي جوهرها يكمن الافتراض بأن إسرائيل قادرة على السيطرة على المقاومة في غزة، وضرب حماس بقوة كافية لردعها عن مهاجمة إسرائيل، ولكن ليس بقوة تجعل غزة تنفجر في حالة من الفوضى أو تنفجر في حرب إقليمية.
على هذه الخلفية، وفي غياب أي طريق لتحقيق حياة أفضل لسكان غزة، لا يمكن لأي استراتيجية عسكرية، تهدف لاحتواء العنف أن تنجح على المدى الطويل. وبدون صمام أمان، كان من المحتم أن تنفجر غزة.
“أخيراً، فشلت استراتيجية (جز العشب) التي تبنتها إسرائيل فشلاً ذريعاً في السابع من أكتوبر. وسلط هجوم حماس الضوء على مدى ضعف سيطرة إسرائيل على غزة. لم يكن الأمر مجرد فشل استخباراتي وفشل عملياتي، بل كان أيضًا فشلًا استراتيجيًا أكثر شمولاً. لقد ثبت أن الفرضية الأساسية وراء التوجه الإسرائيلي برمته كانت خاطئة بشكل كارثي.
من وجهة نظر عسكرية بحتة، من المرجح أن الأيام الأصعب التي ستمر بها إسرائيل قادمة. إن شبكة الأنفاق الواسعة التي تمتلكها حماس تحت غزة وإمكان تعرض حياة الرهائن للخطر يجعلان من غير المحتمل حدوث غزو بري واسع النطاق.
ويختتم تعليقه بالقول: إن هجوم حماس سلط الضوء على مدى ضعف سيطرة إسرائيل على غزة. ومع ذلك، فمن الضروري إنهاء دورة الاكتفاء بقص العشب.” ومعنى ذلك أن الكاتب يريد استئصال حركة حماس من جذورها وعدم السماح لها بالاستمرارية!!
كذلك كتب ديفيد كيلكولين، على موقع فورين أفيرز،أن الهجوم البري سينطوي على ظروف تكتيكية صعبة للغاية، بما في ذلك القتال من غرفة إلى غرفة وحرب الأنفاق التي من شأنها أن تؤدي إلى خسائر فادحة. ويتطلب الأمر القتال على الأرض، وفي الجو، والبحر، وهذا القتال يتم بطريقة متزامنة بعناية. والمؤكد أن الدمار الناتج عن ذلك يشكل اختباراً للدعم الدولي للغزو الإسرائيلي.
يضبف: “إن القتال في المناطق الحضرية بطيء، وطاحن، ومدمر، ومكلف بشكل رهيب بالنسسبة لضحاياه من البشر وخاصة بين المدنيين. فهو يشتمل على قتال من منزل إلى منزل، ومن مبنى إلى مبنى وهو يمتص القوات والقوة النارية بكميات هائلة، حيث يجب تأمين كل غرفة، وزاوية شارع، وسطح، وطابق سفلي قبل أن يتم الاستيلاء على الغرفة التالية. مثل هذا القتال خطير بشكل خاص بالنسبة للقادة القتاليين الصغار، الذين يجب عليهم كشف أنفسهم باستمرار من أجل رؤية جنودهم والتواصل معهم وقيادتهم.
إن حرب المدن تتطلب جهدًا كبيرًا، لا سيما من جانب المتخصصين مثل المهندسين القتاليين، والقناصين، والمسعفين، وفرق الأسلحة الثقيلة، ومشغلي الطائرات بدون طيار الذين يجب استهدافهم بشدة.
ويمتلك كلا طرفي الصراع في غزة بعض أو كل الأنظمة البحرية. تمتلك البحرية الإسرائيلية زوارق هجومية سريعة وزوارق صواريخ وزوارق دورية بالإضافة إلى سفن حربية أكبر وقوات بحرية خاصة. ولدى حماس قوة كوماندوز بحرية خاصة بها، النخبة، التي قادت هجومًا بحريًا على شاطئ زيكيم في إسرائيل خلال التحركات الافتتاحية للهجوم في 7 أكتوبر، حيث استولت على قاعدة عسكرية جنوب عسقلان.
وعلى نطاق أوسع، تتجلى أهمية الأنظمة البحرية في نشر البحرية الأمريكية لمجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات في المنطقة، مما يمنحها القدرة على إسقاط الصواريخ القادمة التي تستهدف إسرائيل (كما فعلت السفن الحربية الأمريكية بالفعل). وتوجد أيضًا مجموعة مهام بحرية صينية في المنطقة الأوسع، وتنتشر طائرات روسية تحمل صواريخ كينجال بعيدة المدى فوق البحر الأسود -ضمن نطاق ضربات القوات البحرية العاملة قبالة غزة، بما في ذلك حاملات الطائرات الأمريكية.
ويضيف كيلكولين: تعد حماس قوة متمكنة تكنولوجياً ومتأصلة اجتماعياً تقاتل على أرضها. ويعمل مقاتلوها في فرق صغيرة متصلة بشبكات مسلحة بأنظمة أسلحة فتاكة. الأرجح أن تشمل تكتيكات حماس الدفاع عن الشبكات: الاحتفاظ بنقاط قوية لتأخير وعرقلة تقدم الجيش الإسرائيلي مع الاحتفاظ بقوات متنقلة في الاحتياط، جاهزة للهجوم المضاد أو إعادة التسلل إلى المناطق التي تم تطهيرها. وسوف تستخدم على نطاق واسع الأسلحة العسكرية الجاهزة، فضلا عن الأفخاخ المتفجرة. كما أثبتت حماس بالفعل قدرتها على خوض حرب معلوماتية متطورة من أجل حشد الدعم الدولي.
إن ما بدأ كهجوم مروع على الإسرائيليين، مستغلاً الصدمة والمفاجأة، تحول إلى معركة طاحنة وبطيئة ومثيرة للجدل ومكلفة في الجو، وعلى الأرض، وفي البحر، وفي الفضاء الإلكتروني. وفي بيئة غزة المعقدة والمزدحمة والمكتظة بالسكان والحضرية، سيكون من الصعب للغاية فهم ما يحدث، حتى بالنسبة لأولئك الموجودين على الأرض.
إن فهم الصعوبة التكتيكية لحرب المدن يضيف سياقاً يمكن لإسرائيل أن تستخدمه لتقييم الحكمة (أو عدم الحكمة) في أي هجوم بري واسع النطاق في غزة. ومن المرجح أن يشعر مخططو الجيش الإسرائيلي بالقلق من أنه بمجرد التزام قواتهم بشكل حاسم بالقتال البري في غزة، فإن اللاعبين الإقليميين الآخرين -حزب الله في لبنان، والميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، أو القوات الإيرانية نفسها -قد يهاجمون إسرائيل، مما قد يؤدي إلى حرب متعددة الجبهات. وقد يدفع هذا الاحتمال إسرائيل إلى شن ضربة استباقية على اللاعبين الإقليميين قبل دخول غزة، لكن مثل هذه الضربة ستكون مقامرة عالية المخاطر.
ويشير كيلكولين، في مقاله، إلى أن الحملة البرية في غزة تشتمل أيضًا على مخاطر استراتيجية. فتدمير الممتلكات، والإصابات في صفوف المدنيين، وطرد السكان ليس سوى عملية تطهير عرقي بشعة تجسد وحشية إسرائيل، مما يجبرها على التوقف السياسي من التقدم على الأرض
كل هذه العوامل تؤكد أن الهجوم البري على غزة هو أكثر ترويعًا مما يتصوره أحد وربما كاذ هذا هو السبب في قطع الاتصالات عن القطاع، وستكون له عواقب وخيمة.
أما على الجبهة الأوكرانية، فنجد جيش زيلينسكي يقوم حاليًا بنقل قواته بسرعة إلى مواقع دفاعية لمنع المزيد من المكاسب الروسية قبل الشتاء.
ومع إنفاق المليارات والإبلاغ عن سقوط أكثر من 400 ألف جندي أوكراني، اضطرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا إلى الاعتراف بأن “الهجوم المضاد” كان بمثابة كارثة، قائلة إنه في حين “حققت أوكرانيا مكاسب صغيرة في الجنوب، استولت روسيا على المزيد من الأراضي بشكل عام، معظمها في الشمال الشرقي.”
يقول جاسون ميلانوفسكي، في تجليل على موقع wsws.org: وسط النقص الحاد في القوات الأوكرانية، فإن الخسارة المحتملة لمدينة أفديفكا الأوكرانية ستزيد من تعزيز السيطرة الروسية على منطقة دونباس وتنهي حتى آمال الحكومة اليمينية للرئيس فولوديمير زيلينسكي في استعادة الأراضي التي فقدتها منذ بداية الأزمة الكارثية.
ومع وضوح نهاية الهجوم المضاد، يتبادل المسؤولون داخل حكومة زيلينسكي توجيه اللوم لبعضهم البعض لإخفاقاتهم الهائلة.
في مقابلة الأسبوع الماضي مع موقع أوكراينسكا برافدا، اعترف رئيس مديرية المخابرات الرئيسية في أوكرانيا، كيريلو بودانوف، أن الهجوم المضاد كان “خارج الجدول الزمني”.
عند الضغط عليه للحصول على تفاصيل، قال بودانوف: “هناك أسباب موضوعية وذاتية، فكل شيء معقد. لكن، آسف، معظم التفسيرات لهذا الهجوم هي أسرار الدولة، وليست للمناقشة العامة. بمرور الوقت، سيتضح كل شيء”.
ورد المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على تعليقات بودانوف في مقابلة مع القناة 24 بالاعتراف بأن الهجوم المضاد قد انتهى وألقى باللوم على الفشل الغربي في تقديم مساعدات عسكرية أسرع.
وشدد أوليكسي أريستوفيتش، مستشار زيلينسكي السابق، كذلك على الفشل الهائل للهجوم المضاد على قناته على تيليجرام ودعا إلى إقصاء حكومة زيلينسكي. وبعد أن توقع في السابق أن قوات كييف ستنتشر بسرعة في شبه جزيرة القرم، وصف أريستوفيتش الآن الهجوم المضاد بأنه “كارثة” واعترف قائلاً: “إنهم لا يقولون الحقيقة. لن تكون هناك عودة إلى حدود 1991، ولن تعود شبه جزيرة القرم في المستقبل القريب”.
ورغم الفشل الواضح للهجوم المضاد، أشارت كل من حكومة زيلينسكي وإدارة بايدن إلى أنهما سيواصلان الحرب من خلال اقتراح إرسال مساعدات عسكرية ضخمة بقيمة 100 مليار دولار إلى أوكرانيا. وبعد إعلان الحرب من قبل إسرائيل على غزة، تم تضمين المساعدات لإسرائيل أيضًا من أجل الحصول على دعم من الجمهوريين المعارضين لمزيد من التمويل للحرب بالوكالة ضد روسيا.
ربما كان ما سبق يلقي الضوء على الدوافع الحقيقية للحملة الإسرائيلية المسعورة وارتكاب الكيان الصهيوني جرائم الحرب والمجازر التي يشيب لها الولدان والتي يروح ضحاياها الآلاف من المدنيين، رجالًا ونساءّ وأطفالًا، في مشاهد مأسوية تعري حقيقة النظام العالمي اللاإنساني الذي نعيشه!!