أن «حل القضية الفلسطينية ليس التهجير وإنما العدل وحصول الفلسطينيين على حق تقرير المصير»، محذرا: «نحن أمام أزمة غير مسبوقة تتطلب الانتباه الكامل للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع بما يهدد استقرار المنطقة والسلم والأمن الدولي».مــرت الوســاطة المصريــة فــي قطــاع غــزة بالكثيــر مــن الخطــوات والمســارات المرحليـة والتـي نجـح فيهـا المفـاوض المصـري عبـر فريـق عمـل متخصـص فـي المخابــرات العامــة فــي إتمامها مــن خــال اتصالات مكثفــة ودائمــة
حيــث كان الــدور المصــري حاضــرا بقــوة ســعيا للتهدئــة، حتــى تمكنــت القاهــرة مــن إنجازهــا وقـد شـملت الجهـود المصريـة فـي المراحـل المتتاليـة أكثـر مـن محـور، أولهـا اتفـاق الطرفيــن علــى وقــف إطلاق النــار ثــم تثبيتــه، والوصــول إلــى تفاهمــات البقاء يسـهم فـي فعاليـة التحـركات التـي سـتقوم الأوضاع هادئـة أطول فتـرة ممكنـة، بمـا ي بهـا الدولـة المصريـة فـي الفتـرة المقبلـة،
بدايـة مـن المشـاركة فـي إعـادة إعمـار إلــى حشــد دولــي باتجــاه حــل الدولتيــن. وتبنــى الرئيــس عبدالفتــاح غــزة، وصول السيســي طــرح الأزمة فــي بعــض الفعاليــات الدوليــة ومنهــا قمــة بباريــس التــي جمعتـه بالرئيـس الفرنسـي إيمانويـل ماكـرون والملـك عبدالله الثانـي، وأطلـق مـن هنـاك مبـادرة لتخصيـص نصـف مليـار دولار إعمار غـزة ووجـه بفتح المستشـفيات المصريـة ومعبـر رفـح لنقـل المصابيـن الفلسـطينيين للعـاج داخـل مصـر
إن مصر، منذ اللحظة الأولى، انخرطت في جهود مضنية.. آناء الليل وأطراف النهار.. لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية، إلى المحاصرين في غزة.. لم تغلق معبر رفح البري في أي لحظة.. إلا أن القصف الإسرائيلي المتكرر لجانبه الفلسطيني.. حال دون عمله..
وفى هذه الظروف الميدانية القاسية، اتفقتُ مع الرئيس الأمريكي على تشغيل المعبر بشكل مستدام، بإشرافٍ وتنسيق مع الأمم المتحدة، ووكالة «الأونروا»، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.. وأن يتم توزيع المساعدات، بإشراف الأمم المتحدة، على السكان، في قطاع غزة. يخطئ من يظن أن الشعب الفلسطيني الصامد يرغب في مغادرة أرضه حتى لو كانت تحت الاحتلال”.
إن حملة القصف العنيفة الدائرة في غزة عقاب جماعي لسكان محاصرين لا حول لهم ولا قوة، لأنها انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب. انه على القيادة الإسرائيلية أن تدرك أيضا، وبشكل نهائي، أنه لا يمكن لدولة أن تزدهر أبدا إذا بنيت على أساس من الظلم.
وعندما يتوقف القصف، لن تتم محاسبة إسرائيل، وسيستمر ظلم الاحتلال وسيدير العالم ظهره، إلى أن تبدأ دوامة جديدة من العنف. إن سفك الدماء الذي نشهده اليوم هو ثمن هذا الفشل في تحقيق تقدم ملموس نحو أفق سياسي يحقق السلام للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
ويتعين على القيادة الإسرائيلية أن تدرك أنه لا يوجد حل عسكري لمخاوفها الأمنية، وأنها لا تستطيع الاستمرار في تهميش خمسة ملايين فلسطيني يعيشون تحت احتلالها، محرومين من حقوقهم المشروعة، وأن حياة الفلسطينيين لا تقل قيمة عن حياة الإسرائيليين.
وعلى القيادة الإسرائيلية أن تدرك أيضا، وبشكل نهائي، أنه لا يمكن لدولة أن تزدهر أبدا إذا بنيت على أساس من الظلم.
أن حديث رئيس الجمهورية يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن موقف مصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية وأنها تضطلع بمسئوليتها ولن تترك شعب فلسطين وحده، رافضين مساعي إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من أرضهم؛ لنسف القضية ومبدأ حل الدولتين. على أهمية إشارة الرئيس إلى أن التعاطف مع الأشقاء يحتاج إلى إعمال العقل حتى نصل إلى سلام عادل، ولن يضمن هذا السلام والوصول إلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني سوى بقاء الفلسطينيين داخل أرضهم دفاعًا عنها وعن الأمل في إقامة الدولة المستقلة وأي شيء غير ذلك يعني تصفية القضية وهو ما ترفضه مصر.
ونوه بأن حديث الرئيس السيسي يعد مرآة عاكسة لثوابت السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية في الماضي والحاضر، إذ تعلي تلك الثوابت العقل والسلام على أصوات المعارك والصراع وترفض سياسات العقاب الجماعي واستهداف المدنيين، وتحتكم إلى القانون الدولي والإنساني.
أن حديث الرئيس ركز على الثوابت المصرية في التعامل مع الملف الفلسطيني، لان مصر هي أكبر دولة عربية تقدم مساعدات وكافة المتطلبات للدفاع عن الحقوق الفلسطينية وتبذل جهودًا لا تنقطع من أجل الوصول إلى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
أن رسائل الرئيس البليغة التي جاءت بين السطور في كلمته، تؤكد بطبيعة الحال أن مصر ركيزة الاستقرار وتنفتح على الجميع وتبدي المساهمة والمشاركة مع كافة الأطراف المعنية لحل القضية الفلسطينية، بأن الرئيس السيسي تحدث عن منطقتنا المضطربة التي تواجه أزمات و صعوبات وتحديات وتحتاج إلى ترتيبات واتفاقيات وتوافقات وليس لصراع أو صدام، مع التأكيد على دور مصر المركزي والمحوري في هذا الإقليم وسعيها لحل القضية الفلسطينية وإحلال السلام بدل من الصراعات التي ستؤدي لمزيد من الصدامات على كافة المستويات.
وأكد السيسي على ضرورة ضمان انتظام الخدمات والمساعدات الإنسانية والإغاثية لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشددا على أهمية الدفع نحو التعامل مع الأسباب الجذرية للأزمة، والسعي إزاء إيجاد الأفق السياسي الملائم للوصول إلى حل عادل وشامل ومستدام للقضية الفلسطينية وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة. ولفت إلى أن القاهرة تدين الاعتداء على كل المدنيين، معبراً عن دهشة بلاده من صمت العالم تجاه ممارسات العقاب الجماعي لنحو 2.5 مليون شخص من سكان غزة.
وقال إن مصر “تعبر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجاً على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني في قطاع غزة، يُفرَض عليهم عقاب جماعي وحصار وتجويع، وضغوط عنيفة للتهجير القسري.. في ممارسات نبذها العالم المتحضر الذي ابرم الاتفاقيات، وأَسَسَّ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني لتجريمها ومنع تكرارها، مما يدفعنا لتأكيد دعوتنا إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء”.
قــادت مصــر جهــودا للتهدئــة، إذ تقدمــت بمبــادرة لوقــف إطلاق النــار، بيــن الجانبيـن الفلسـطيني والإسرائيلي، أن هـذه الجولـة الأحدث، مـن المواجهـات بيـن إسـرائيل وحركـة الجهـاد الإسلامي، تؤكـد أن غـزة باتـت سـاحة لتصفيـة الحسـابات مـن جديـد، بيـن إيـران مـن جانـب وإسـرائيل مـن جانـب آخـر، فـي وقـت يدفـع فيـه المدنيـون الفلسـطينيون ثمـن التكلفـة الباهظـة للحـرب.
أن الـدور المصري في الأزمة قـد تفـادى الدخـول في معركـة فرعيـة بيـن حمـاس والجهــاد حــول مــن لــه ســلطة إدارة عمليــات المقاومــة ضــد إســرائيل، وأصــرت مصـر علـى أن مبادرتهـا هي مبـادرة مـن أجـل حمايـة الشـعب الفلسطيني بالدرجـة الأولى، وأن اتصالاتها إنهاء الأزمة لا تفــرق بيــن أي مــن أطرافهــا المباشــرة وغيـر المباشـرة، وأنهـا تتعامـل مـع طرفيـن أساسـيين همـا إسـرائيل والفلسـطينيون، وأطــراف دوليــة مســاعدة تســلم بأهميــة قيــادة مصــر لجهــود اســتعادة الهــدوء،
وبالتالي أسـفرت الجهـود المصريـة عـن التوصـل إيقاف إطلاق النـار بيـن إسـرائيل وجماعـة الجهـاد مـع تعهـد إسرائيلي بالتعـاون في ملـف الإفراج عـن بعـض نشـطاء الجهـاد الذيـن ألقـت السـلطات الإسرائيلية القبـض عليهـم في أثنـاء الأزمة الأخيرة. وألن مـا تـم التوصـل إليـه بالجهـود المصريـة، يحتـاج إلـى إجـراءات لبنـاء الثقـة ودعـم إيقـاف إطلاق النـار ليتحـول إلـى حالـة هـدوء كامـل علـى حـدود الجانبيـن الفلسطيني والإسرائيلي،
فــإن مصــر التزامــا بواجباتهــا تجــاه الشــعب الفلسطيني وتجـاه الحفـاظ علـى السـام سـيتعين عليهـا مواصلـة اتصالاتها مـع كل الأطراف في الأسابيع القليلـة المقبلـة لمنـع عـودة التدهـور مجـددا بيـن إسـرائيل والفلسـطينيين. وفي كل الأحوال سـتظل القاهرة قريبة من المشـهد الفلسـطيني، سـواء في قطاع غـزة، أو فـي الضفـة الغربيـة،
مـا سيسـهل الكثيـر مـن تنفيـذ الإجراءات السياسـية والأمنية التـي قـد تمنـع أيـة صدامـات واردة ومحتملـة فـي المـدى المنظـور، خاصـة فـي القـدس المرشـحة للتصعيـد المتبـادل فـي أي توقيـت، مـع اسـتمرار ممارسـات الجانـب الإسرائيلي، وتحـرش قطعـان المسـتوطنين بسـكان القـدس واسـتمرار أعمـال الحفــر والهــدم فــي المســجد الأقصى، والتــي قــد تفجــر المشــهد الأمني فــي أي لحظـة، وهـو مـا تتحسـب لـه مصـر جيـدا.
وإلـي حيـن تسـتقر التهدئـة بالكامـل، فـإن مصــر ماضيــة فــي مســارها لتحقيــق الهــدوء بالكامــل، مــع الاستمرار فــي تنميــة دورهــا فــي إتمام المشــروعات المخطــط لهــا وتنفيــذ مبــادرة الرئيــس عبدالفتــاح السيسـي بتوافـر 500 مليـون دولار لدعـم القطـاع، وإعـادة تأهيلـه، وهـو مـا يؤكـد علــي أن مصــر ســتمضي فــي إطارهــا دفاعــا عــن ســكان القطــاع ولدعــم القضيــة الفلسـطينية، والحفـاظ علـي أرواح الفلسـطينيين، وهـو مـا يؤكـد علـي أن القضيـة الفلسـطينية سـتبقي قضيـة مصريـة بالأساس، وسـتظل تمثـل ركنـا ركينـا مـن أركان السياسـة الخارجيـة المصريـة